علي حرب – «صدى الوطن»
احتشد نشطاء حقوقيون أمام مبنى المحكمة الفدرالية في ديترويت، يوم الإثنين الماضي، احتفالاً بإعادة محاكمة الناشطة الفلسطينية الأميركية رسمية عودة التي حكم عليها بالسجن والترحيل، بعد إدانتها بالكذب في طلب تقديم الجنسية الأميركية. وقررت محكمة الاستئناف الفدرالية في سنسيناتي إعادة محاكمة عودة بسبب رفض قاضي المحكمة الفدرالية في ديترويت الاستماع الى شهادة خبير نفسي قبل إصدار حكمه.
واعتبر مناصرو عودة قرار المحكمة بمثابة نصر، حيث من المرجح أن تخضع الناشطة الفلسطينية لمحاكمة جديدة تبدأ في العاشر من شهر كانون الثاني (يناير) القادم.
وكانت عودة (٦٨ عاماً) قد أدينت في العام ٢٠١٤ بالاحتيال على قوانين الهجرة الأميركية خلال تقدمها لطلب الجنسية الأميركية، عندما تجاهلت ذكر اعتقالها ومحاكمتها من قبل محكمة عسكرية إسرائيلية في العام ١٩٦٩.
وأصدر القاضي غيرشوين دراين في آذار (مارس) ٢٠١٥ حكماً بالسجن لمدة سنة ونصف وتجريدها من الجنسية الأميركية وترحيلها الى خارج البلاد، ولكنها بقيت طليقة (بكفالة)، بمنطقة إقامتها فـي شيكاغو، بانتظار قرار محكمة الاستئناف التي خلصت في شباط (فبراير) الماضي الى أن قرار محكمة ديترويت كان خاطئا لاستثنائه شهادة الخبير النفسي بناء على طلب الدفاع.
وكان فريق الدفاع يجادل المحكمة بأن موكلته تعاني من اضطراب ما بعد الصدمة نتيجة التعذيب والمعاملة القاسية التي تلقتها في السجون الإسرائيلية والتي أثرت على فهم عودة للأسئلة التي يتضمنها طلب التقدم للحصول على الجنسية الأميركية، بحسب محامي الدفاع مايكل دوتش.
وكان القضاء العسكري الإسرائيلي قد أدان فـي العام 1969 عودة بالمشاركة فـي تنفـيذ تفجير فـي القدس، ولكن عودة قالت إنها أجبرت حينها على الإدلاء باعترافات تحت التعذيب الذي تضمن أيضا تعرضها للاغتصاب. وأضافت إنها فهمت أن السؤال -في طلب الحصول على الجنسية- يتعلق بسجلها الجنائي فـي الولايات المتحدة، وليس خارجها.
وقد أشار قضاة محكمة الاستئناف في تقرير موجز، في شباط (فبراير) الماضي، إلى أن رفض قاضي محكمة ديترويت الفدرالية لطلب الدفاع بالاستماع إلى شهادة خبير نفسي كان خاطئا.
تنحّي المدعي العام
وعبر المحامي دويتش عن ثقته بأن موكلته ستحصل على محاكمة جديدة، مضيفا أن القاضي دراين يميل إلى قبول شهادة الخبير النفسي كدليل في القضية. وقال في مؤتمر صحفي أمام مبنى المحكمة الفدرالية حيث تجمع عشرات النشطاء، إن ممثل الادعاء الفدرالي جوناثن توكل الذي قاد عملية مقاضاة عودة أعفي من مهمته، وهو الأمر الذي أثار فرح مناصري عودة وارتياحهم.
وقد رحب الناشط محمد سنكري، وهو عضو في «لجنة الدفاع عن عودة»، بخبر استبعاد توكل واصفاً إياه بأنه «صهيوني ويميني متطرف أيديولوجياً». وأضاف: «لقد كشفت كلماته عن قناعاته السياسية (المتطرفة) حين وصف مناصري عودة بالرعاع والغوغاء، وأدرج تلك التوصيفات في وثائق محكمة رسمية، لأنهم -بكل بساطة- عرب وفلسطينيون كانوا يلوحون بالأعلام الفلسطينية، كما أنه حاول إقناع القاضي بمنع مؤيدي عودة من التظاهر أمام مبنى المحكمة».
وفي «صدى الوطن» حاولنا الاتصال بمكتب الادعاء الفدرالي لمعرفة أسباب تنحي ممثل الادعاء عن القضية، غير أننا لم نتلق ردا حتى صدور هذا العدد.
ومع الإعلان عن موعد إعادة محاكمة عودة مطلع العام القادم، أطلق عشرات المتظاهرين من مختلف الخلفيات صيحات حماسية أمام مبنى المحكمة مطالبين بالحرية للناشطة الفلسطينية التي استقبلوها استقبال الأبطال بعد خروجها من قاعة المحكمة.
وعقد الناشط الأسود كريستيان بايلي المقارنة بين السود والفلسطينيين الذين يتعرضون لاضطهاد مماثل. وقال بايلي، الذي سافر إلى فلسطين السنة الماضية ضمن وفد تضامني من الأفارقة الأميركيين: «إن المياه في خطر، في ديترويت وفي فلنت وفي فلسطين، إنهم يحاولون التحكم بالموارد التي هي ملك للجميع، من أجل أن يتحكموا بحياتنا».
ويقول مؤيدو عودة إن محاكمتها «مسيسة» وتهدف إلى قمع النشاط الفلسطيني فـي الولايات المتحدة، وكذلك قال دفاعها «إن لائحة الاتهام ضد المدعى عليها كانت نتيجة الأدلة التي تم الحصول عليها بطريقة غير مشروعة، وذلك بعد مداهمة مكتب التحقيقات الفدرالي (أف بي آي) لمنازل 23 ناشطاً سياسياً فـي العام 2010 وكان بينها منزل المدير التنفـيذي لـ«شبكة العمل العربي الأميركي» حاتم عبدالله، حيث كانت رسمية عودة تعمل في تلك المنظمة.
من ناحيتها، شكرت عودة كل من وقف إلى جانبها وتقدمت بشكر خاص إلى داعميها، من السيدات اللواتي حضرن من شيكاغو من أجل مساندتها والوقوف معها، وهن صائمات. والجدير بالذكر أن رسمية عودة من مواليد سنة نكبة الشعب الفلسطيني 1948 في قرية لفتا قرب نابلس. وفي سنة 1969 اعتقلت وقضت مع رفيقتها عائشة عودة 10 سنوات في المعتقلات والزنازين الى أن تحررت بعملية النورس في آذار (مارس) 1979.
Leave a Reply