ديربورن – «صدى الوطن»
رغم تقدمه في السن لايزال الناشط المخضرم علي بلعيد المكلاني، أحد أبرز وجوه الجالية اليمنية والعربية عموماً في منطقة ديترويت الكبرى، وأكثرها ديناميكية، وقد استحق عن جدارة، التكريم بجائزة أفضل ٧٠ شخصية فوق سن السبعين في ولاية ميشيغن، ضمن فئة «القيادة المدنية والاجتماعية»، في حفل مهيب أقامه «مركز هنان» في مدينة ديربورن، مساء 5 تشرين الأول (أكتوبر) الماضي.
الحفل الذي أقيم تحت شعار «لا عمر للتأثير»، تضمن تكريم ناشطين ومبدعين وقياديين من كافة أنحاء الولاية، تراوحت أعمارهم بين الـ70 و95 عاماً، وشملت الجائزة سبعة ميادين، هي: الفنون، صانعي التغيير، الأعمال والاستثمار، القيادة المدنية والاجتماعية، التعلم مدى الحياة، الإنجاز مدى الحياة، والأبطال المجهولين.
المدير التنفيذي لـ«مركز هنان» فنسينت تلفورد، وصف الحائزين على الجائزة بأنهم أشخاص تركوا آثاراً لا تمحى في مجتمعات ميشيغن، وقال: «فيما يسعى بعض الأشخاص إلى التمتع بتقاعدهم، فإن آخرين يقلبون الصفحة لكي يبدأوا فصلاً جديداً» في حياتهم، لافتاً إلى أن المكرمين كرسوا مواهبهم وقدراتهم وأوقاتهم من أجل إثراء حياة الأجيال الجديدة.
وفي الحفل، تمت الإشادة بمسيرة المكلاني الممتدة قرابة خمسين عاماً، ساهم خلالها الناشط اليمني الأصل بتأسيس العديد من المنظمات والجمعيات والمراكز، مثل «الجمعية الخيرية اليمنية الأميركية» (يابا)، «المركز العربي للخدمات الاجتماعية والاقتصادية» (أكسس)، «المهرجان العربي الأميركي»، و«المهرجان العربي والكلداني».
المكلاني، الذي حصل –أيضاً– على «إشادة خاصة» بين زملائه المكرمين في فئة «القيادة المدنية والاجتماعية»، اعتبر أن التكريم لا يخصه وحده، وإنما يطال كامل المجتمع العربي الأميركي، والجالية اليمنية على وجه الخصوص. وقال: «عندما بدأت العمل من أجل مساعدة أبناء مجتمعي قبل نحو نصف قرن، لم أكن أتطلع إلى نيل الجوائز، أو أن أكافأ بالتكريمات»، مضيفاً في حديث مع «صدى الوطن»: «كان كل همي، مساعدة المحتاجين والمهاجرين على مواجهة الصعوبات التي تواجههم في حياتهم الجديدة».
وأشار إلى أن المجتمع العربي الأميركي بات –في الآونة الأخيرة– من أكثر المجتمعات نشاطاً وتأثيراً في الحياة السياسية والاقتصادية بولاية ميشيغن، مستدركاً بالقول: «لكن الأحوال لم تكن على هذا المنوال، قبل خمسة أو ستة عقود». وعزا الفضل في تطور المجتمع العربي في منطقة مترو ديترويت إلى الرعيل الأول من القياديين والرياديين «الذين امتلكوا الرؤية الثاقبة والإرادة الصلبة من أجل ترسيخ وجودهم والدفاع عن حقوقهم أسوة ببقية الأميركيين».
المكلاني، الذي وُلد بمديرية الشعيب بمحافظة الضالع عام 1932، كان قد هاجر إلى الولايات المتحدة عام 1968. وبعد عام واحد على وصوله إلى العالم الجديد، بادر مع مجموعة من رفاقه إلى تأسيس «الجمعية الخيرية اليمنية الأميركية» (يابا)، التي وصف تأسيسها بـ«الضرورة القصوى»، بسبب التحديات التي كان يواجهها المهاجرون في ذلك الوقت.
وقال: «رغم الإنجازات الكبيرة التي حققناها خلال العقود السابقة، إلا أن جاليتنا ماتزال بحاجة إلى الكثير من الخدمات الضرورية لتحسين حياة الناس وتمكينهم من الانخراط والنجاح في المجتمع الأميركي».
ولفت المدير التنفيذي لـ«يابا» إلى أن بلدية ديربورن تبرعت بقطعة أرض لـ«يابا»، وأنه يجري العمل حالياً على إنشاء مبنى كبير بكلفة تتراوح بين 4–5 ملايين دولار، وقال: «نحن بأمس الحاجة إلى مركز أكبر لكي يستوعب البرامج والخدمات المتعددة والمتنوعة التي تقدمها الجمعية»، مستدركاً أن خدمات «يابا» لم تقتصر يوماً على دعم اليمنيين المقيمين في منطقة ديترويت الكبرى وحسب، إنما طالت أيضاً مساعدة الفقراء والمعوزين في الوطن الأم.
وأشاد «أبو ظافر» بالتطور الكبير الذي حققته الجالية اليمنية خلال السنوات الماضية وقد بات أبناؤها يولون التعليم الأكاديمي العالي اهتماماً متزايداً إلى جانب اهتمامهم بتأسيس الأعمال التجارية أسوة بأشقائهم في الجاليات العربية الأخرى، وقال: «لقد باتت جاليتنا تضم الكثير من الأطباء والمحامين والمهندسين، كما دخلت أعمال اليمنيين سوق التنافس بسبب جودتها ونزاهتها».
وأضاف المكلاني أنه «لعقود طويلة، كان اهتمام المهاجرين اليمنيين ينصب على العمل في مهن متواضعة، مثل العمل في المطاعم ومحطات الوقود، إضافة إلى العمل في مصانع السيارات، وكان المتعلمون يعدون على أصابع اليد». وتابع: «أما اليوم، فقد بات شبابنا أكثر طموحاً للتحصيل الأكاديمي، وأصبحنا نكرم في «يابا» عشرات الطلاب المتفوقين سنوياً، كما أصبحوا أكثر ميلاً إلى الانخراط في مجال الخدمة العامة من حيث الترشح والانتخاب، على حد سواء».
المكلاني المنتمي للحزب الديمقراطي، وهو مندوب عن «الدائرة 12» في ميشيغن، أشاد بالتحول الملفت الذي حققته المرأة اليمنية الأميركية رغم التحديات الاجتماعية والثقافية، وقال: «اليوم.. لدينا العديد من اليمنيات اللواتي يشغلن مناصب مهمة، مثل إدارة مدرسة إعدادية، والمشرفة العامة على مدارس مدينة هامترامك… وغيرها من المناصب الحساسة». وأضاف: «التعليم بات يستقطب جميع الفئات النسائية، ولدينا في «يابا» صفوف لمحو أمية النساء تضم أكثر من 30 امرأة».
بلعيد، الذي يشغل عضوية العديد من المنظمات المحلية، أكد على أنه «لا يفكر بالتقاعد الاجتماعي» رغم بلوغه سن الـ٨٧ عاماً، وقال: «سأظل أعمل من أجل خدمة مجتعمي بقدر ما أستطيع»، مؤكداً أن الجالية العربية تزخر بالطاقات الكبيرة والمواهب الإبداعية في مختلف المجالات والميادين.
وأضاف عضو هيئة أمناء «أكسس»: «ماتزال جاليتنا تجابه الكثير من التحديات المستمرة، لاسيما في أعقاب هجمات الحادي عشر من أيلول (سبتمبر) و«لكنني على ثقة بأننا سنتغلب –في نهاية المطاف على جميع الصعوبات التي تعترضنا».
تجدر الإشارة، إلى أن المكلاني شارك أيضاً بتأسيس «اللجنة العربية الأميركية للعمل السياسي» (أيباك)، و«اللجنة الأميركية العربية لمكافحة التمييز» (أي دي سي)، كما أنه عضو فاعل في تحالف «ديربورن صحية» (هيلثي ديربورن)، إضافة إلى عضويته في العديد من المنظمات والنوادي الأخرى.
Leave a Reply