رحم الله الكاتب محمد شامل مؤلف مسلسل “الدنيا هيك”، لأنه في زمنه كان هناك الحد الأدنى من الأخلاقية مع وجود زكزكة إجتماعية كان يسلط عليها الضوء بحلقات سخرية شعبية حتى كادت تفرغ جعبته من القضايا المجتمعية. لكن لو قدر لمحمد شامل “المختار الطيب” أن يعيش إلى اليوم لكان وجد مادةً خصبة جداً تنعش جوقة “الدنيا هيك” لسنين طويلة فما كان عليه إلا أن أن يستعرض مواقف جوقة “١٤ آذار” من العلوش وفتفت وحوري والضاهر وزهرا، مسؤول “حاجز البربارة” سيىء الذكر، وجعجع والسنيورة والجميل وآخرالغيث.. المكاري. هذا الأخير هو أكبر “مهرج” عرفه “المسرح” البرلماني اللبناني، إذ أنه وصف لائحة الأسماء التي صدرت بحقها مذكرات إستنابة سورية بلائحة “الشرف الثانية” متمنياً أن يكون من ضمنها، ومتناسياً (ربما ليس سهواً) أن فيها مجرمون وتجار مخدرات! هذه الجوقة أهالتها زيارة الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد إلى لبنان “المستفزة” لإسرائيل (الجارة حسب المكاري والبطرك)، إلى درجة أن “أمين عام الأمانة السامة” فارس سعيد أراد أن يبدأ بعريضة تنديد بزيارة رئيس دولة قدمت أفضل الأيادي البيضاء لمسح آثارالعدوان الإسرائيلي الغاشم بعكس فؤاد السنيورة (“إبن البلد”، المفترض) الذي منع المعونات عن المتضررين وتصرف بأحد عشر مليار دولار من الموازنة عدا عن فضائح “وزارة المال” المجلجلة، والتي نامت “المعارضة السابقة” عن نواطيرها متلهية بإنتظار قرار وزير العدل الأسوأ من سلفه! لقد تناسى فارس سعيد “الدروندي” زيارة كونداليسا رايس التي حشرتهم في السفارة الأميركية كالصيصان في عز المجازر الإسرائيلية، وزيارة طوني بلير المتآمر مع “أبي حذاء” المخبول، أو زيارة جو بايدن عشية الإنتخابات النيابية التي أنفقت السعودية عليها ما أنفقت، ودعمه للائحة “١٤ آذار” بشكلٍ مناقض للسيادة والحرية والإستقلال التي تغنى بها طويلاً أعضاء “ثورة البطيخ” إلى درجة الغثيان. المهم، اضطر هؤلاء “الثوار” لاحقاً للترحيب بنجاد بعد أن “اكتشفوا” أنه جاء بدعوة من رئيس الجمهورية. لقد كانت زيارة نجاد بحق تاريخية حيث ساهم في تبريد الأزمة المشتعلة دوماً في “شبه الوطن”، و”دعس” في قلوبهم فهبوا لإستقباله مكرهين، مع كافة فئات الشعب رغم أن وجوههم كانت مكفهرة و”تقطر سماً” ولم يكن قلقاً من الزيارة إلا إسرائيل وفارس سعيد. حتى جعجع تمنى الإقتداء بالريس “محمود” لكن في قرارة أنفسهم جميعاً كانوا يتمنون زيارة نتنياهو على نجاد، حسب كمية التشويش التي اطلقوها! يا عالم، هل هناك من بلد يرفض التسلح للدفاع عن نفسه، بلا مقابل سياسي أو عسكري من دولة صديقة فقط بسبب الإملاءات الخارجية، أوعرض إنارة لبنان كله بالكهرباء خلال ستة شهور؟
كان على “المختار” أن يلاحظ كيف لم يستطع البطرك صفير صبراً على البقاء ثانية واحدة في “وطن الطوفان” نتيجة الأمطار الغزيرة التي هطلت وكأنها تحاول غسل أدران السياسيين فسارع، قبل مجيئ الرئيس الإيراني، إلى المغادرة على عجل إلى الفاتيكان قبل أن يحرج ويضطر إلى إستقباله، لكنه لم يسأل في مطار بيروت الدولي عن زيارة أكبر نصير للبنانيين خصوصاً أولئك الذين اعتدت إسرائيل عليهم منذ تأسيس كيانها الغاصب، إلا إذا كان البطرك لا يعترف بلبنانية نصف الشعب اللبناني ويضعهم في خانة “الحلف السوري الإيراني”! عجيب، لم نسمعه مرة واحدة ينتقد الحلف الإسرائيلي-اليميني الفاشي-الكياني رغم التاريخ الحاقد الأسود معه والذي أدى إلى كوارث مهولة على المسيحيين وباقي أبناء الوطن. صفير أنكر معرفته بثلاثة أمور: مكان قصر المهاجرين، وجود شهود الزور، ومضمون رسالة النائب ميشال عون إلى السينودس. هذا يذكرني بدعاية “أبو فؤاد” التي كنا نراها ونحن صغاراً زمان التليفزيون الرسمي الأسود والأبيض “ثلاثة بواحد! ولو”؟ من لايعرف قصر المهاجرين؟ ألم يخبره أمين الجميل الذي زار القصر عشرات المرات متسكعاً وشاحذاً ولاية رئاسية ثانية وعندما لم ينل البركة بسبب عدم الثقة به، ترك البلد مهدماً منهاراً معدوماً بعد أن حصل عمولاته (كومسيون) ورحل؟ أي إذا لم يتريس من جديد “فعمرو ما حدا يورث”! مرة جديدة، حقدٌ بطريركي موصوف على سوريا والعماد عون وكل من هو في الخط المعادي لعدو لبنان .ما هذه الصدف؟ القصة “مش قصة رمانة، بل قلوب مليانة”.
كان على المختار أن يحضر كذلك مؤتمر الصقر، “النجم الأزرق” الصاعد الذي من “قلة الزلم، صار العقاب يقولوا له أبو علي”! صقر هذا يبدو أنه مفروز من قبل مشغليه من أجل تمييع ملف شهود الزور والمماطلة به إلى أن يحين موعد القرار الظني الصادر عن المحكمة الإسرائيلية بعد أن أثبت المحتال العالمي دانييل بيلمار أنه مع معلمه المغفل، بان كي مون، شاهد الزور الأول بعد أن منع إعطاء وثائق لجميل السيد حمايةً للمزورين ومن يختبئ وراءهم، ومنع الحقيقة، وبعد أن أوحى لوزير “عدل القوات” بالميوعة نفسها حيال هذا الملف الخطير. إن بيلمار هو المتواطئ الأول وأسوأ من الكاذب ميليس لأنه يبحث عن “خبطة” كبيرة تنشله من المجهول إلى عالم الشهرة!. ذلك أن “عقاب” الذي نفش ريشه وتنحنح في مؤتمر صحافي حضر له بالتشويق السينمائي وظن أن العالم سوف يتسمرون لمشاهدة “الوثائق” الخطيرة التي سوف يعرضها عن شهود الزور، لم يكن سوى فقاقيع صابون تذكر بالمثل العامي “فكّرنا الباشا باشا طلع الباشا زلمي”. فهذه الوثائق، التي نامت مدة خمس سنوات ثم إستفاقت اليوم فجأةً، كيف حصل عليها والمفروض أن التحقيق سري للغاية؟ لقد تناولت إتهاماً قديماًجديداً للضباط الأربعة (لكنه لايريد نبش الماضي) فلماذا إذاً برّىء الضباط من قبل المحكمة؟ هل هم مذنبون أم لا؟ نريد أن نعرف. ثم هل هي صدفة إعادة إبراز الكذاب الأمي، محمد زهير الصديق، بعد مؤتمر صقر “التاريخي” الذي حاول فيه أن يقلد “السيد حسن” ولكن شتان ما بين الثرى والثريا! هل إعادة إظهار الصديق هي محاولة لإتهام سوريا وتطويعها من جديد لأنها لم تفك تحالفها مع المقاومة وتقبل بـ”كسرة خبز” التصريح الصحافي لسعد الحريري إلى “سقيفة الشرق الأوسط” وكفى المؤمنين شر القتال؟ حتى قناة “الجديد” النبيهة، فندت تقيؤات العقاب، الذي يصر على معاقبة أسماعنا بأنكر أصوات ادعاءاته. فمن الحجاج الأستراليين وإثبات وجود مادة “تي أن تي” عليهم من قبل السلطات الأسترالية، إلى “أبو عدس” إلى وجود وسام الحسن مع الصديق “كمترجم”، تبين أن العقاب لم يحفظ شيئاً بل غابت عنه أشياء وأن التحقيق الأولي للقاضي عدنان عضوم والوزير سليمان فرنجيه هو القضائي الوحيد الحقيقي الذي بنيت عليه باقي التحقيقات.
إلا أن ما يثر الإستهجان هذا التناقض المريع لدى “التيار الأزرق”. فكلام العقاب أنه “لا نقبل بقرار مسيس يلتف على رقبة المقاومة” محاه تليفزيون “المستقبل” مصعداً في نفس النهار وبعد عودة سعد الميمونة من مصر، بترتيب من السنيورة، شارباً حليب “سباع البرمبة” بالقول “منذ اليوم بات حزب الله في موقع المتهم ومعه جميل السيّد، ولعبة شهود الزور انقلبت ضدهم”، أعقبه “وزير العدل” سمير جعجع واصفاً سلاح المقاومة بالفتنة. ناقض ومنقوض، فمن نصدق؟ أما المعارضة السابقة فحدث ولا حرج، حيث أنها لم تتعلم من لدغها في جحرها عدة مرات. فقد أوكلت أمر ملف الشهود الحساس إلى سمير جعجع غير المعترف أصلاً بشهود زور والذي أتحفنا بمطالعة قانونية تخللت “سعادين وقردة” والشكوى على “بسينة” أمام المجلس العدلي (والله سياسي ضليع)، كما قبلت سابقاً بعودة فؤاد السنيورة إلى الحكم. ثم ولو احيلت القضية على المجلس العدلي، فماذا سيحدث؟ وكم من قضية ضاعت في أدراج هذا المجلس الذي أنشأه الإستعمار الفرنسي؟
ليش هيك يا مختار؟ لأنو الدنيا هيك!
Leave a Reply