بغداد – عشية صدور النتائج النهائية للانتخابات العراقية لا يزال المشهد السياسي في البلاد ملبداً بنُذر تشير الى صعوبة “انتقال سلس” للسلطة قد تنفجر الى عاصفة عنف جديدة. فقد شهدت العاصمة العراقية الخميس الماضي قبل يوم من إعلان النتائج تدابير أمنية مشددة غير مسبوقة، في حين تشير آخر التقارير إلى تقدم “القائمة العراقية” التي يتزعمها رئيس الوزراء الأسبق إياد علاوي، على منافستها قائمة ائتلاف “دولة القانون” برئاسة رئيس الوزراء المنتهية ولايته نوري المالكي.
وتأتي هذه التدابير الاحترازية التي شملت انتشاراً أمنياً واسعاً في شوارع وساحات العاصمة بغداد، رغم التطمينات التي أطلقتها وزارتا الداخلية والدفاع بعدم نيتهما فرض حظر للتجول في المدينة يوم الجمعة (مع صدور هذا العدد)، بالتزامن مع موعد إعلان النتائج النهائية للانتخابات.
وإزاء هذه التطورات التي تترافق مع أزمة تشكيل الحكومة المقبلة، فإن العراقيين عموما وسكان بغداد خصوصا يحبسون أنفاسهم خشية تجدد العنف، خاصة بعد التلميحات التي أطلقها المالكي مطلع الأسبوع الحالي باحتمال عودة العنف إلى الشارع العراقي إذا ما أصرت مفوضية الانتخابات على موقفها الرافض لإعادة فرز وعد أصوات الناخبين يدويا.
نسج التحالفات
وكثفت الكيانات السياسية خلال الأسبوع الماضي مباحثاتها عبر لجان حوارية مخولة للخروج من المأزق الناجم عن مطالبة بعض القوائم الانتخابية وفي مقدمها ائتلاف دولة القانون بإعادة فرز وعد الأصوات يدويا، وهو ما رفضته بإصرار المفوضية العليا المستقلة حتى الآن.
وأفاد بيان للحكومة العراقية أن المالكي عقد اجتماعا الخميس الماضي بعدد من رؤساء التكتلات السياسية لتدارس خيارات تشكيل الحكومة المقبلة.
وذكر البيان أن المالكي اجتمع مع رئيس كتلة “التوافق العراقي” إياد السامرائي وبحثا مستجدات العملية السياسية والأوضاع العامة في البلاد، والقواسم المشتركة والخيارات الوطنية والتحالفات والتحضيرات الجارية لتشكيل الحكومة الجديدة.
كما عقد المالكي اجتماعا منفصلا مع عضو “ائتلاف وحدة العراق” محمود الشهداني، والأمين العام لـ”جبهة الحوار الوطني” الشيخ خلف العليان. وبدأ “ائتلاف دولة القانون” مشاورات مع “الائتلاف الوطني العراقي”، بزعامة “المجلس الأعلى الإسلامي العراقي” برئاسة عمار الحكيم والتيار الصدري، حول فرص التحالف او حتى الاندماج، التي لا تزال تصطدم بعقبة رئيسية وحيدة هي اصرار المالكي على ان يحتفظ بمنصب رئاسة الحكومة، وهو ما يرفضه الصدريون بشدة ويعارضه المجلس الاعلى ايضا.
من جهته أجرى زعيم المجلس الإسلامي الأعلى في العراق عمار الحكيم مشاورات مع وفد من قائمة “العراقية” التي يتزعمها علاوي، ضم كلا من رافع العيساوي وأثيل النجيفي.
وأجرى الجانبان مشاورات حول التحالفات السياسية الرامية إلى بلورة موقف مشترك بين القوى الوطنية للنهوض باستحقاقات المرحلة المقبلة.
وبرز زعيم التيار الصدري السيد مقتدى الصدر كصانع ملوك محتمل في الحكومة الجديدة. وتظهر نتائج أولية للانتخابات أن الصدريين حصلوا حتى الآن على حوالي 30 بالمئة من إجمالي أصوات “الائتلاف الوطني”. وبحث رئيس الهيئة السياسية للتيار الصدري كرار الخفاجي، في اتصال هاتفي مع “رئيس” حكومة إقليم كردستان برهم صالح تشكيل الحكومة.
ومن أجل تهدئة الأوضاع وإقناع الكتل السياسية المتنافسة بما ستؤول إليه الانتخابات من نتائج، برزت على الساحة السياسة العراقية فكرة عقد طاولة مستديرة تشارك فيها القوائم الرئيسية المتقدمة في الانتخابات وهي ائتلاف العراقية وائتلاف دولة القانون والائتلاف الوطني والتحالف الكردستاني.
وكانت النتائج شبه النهائية التي أعلنتها المفوضية المستقلة للانتخابات أظهرت بعد فرز ما نسبته 95 بالمئة من بطاقات الاقتراع في عموم محافظات العراق، تقدم ائتلاف العراقية برئاسة علاوي على قائمة ائتلاف دولة القانون بزعامة المالكي.
وكان حزب الدعوة الذي يتزعمه المالكي قاد خلال الأيام الماضية مظاهرات لأنصاره في عدة محافظات في وسط وجنوب العراق تزامنت مع تصاعد لهجة التهديد بإعلان العصيان المدني في عشر محافظات بينها بغداد، ما زاد من قلق العراقيين من احتمالات عودة العنف الطائفي الذي شهدته بلادهم في العامين 2006 و2007.
وقد دعا المرشح عن قائمة “العراقية” أسامة النجيفي الخميس الماضي المجتمع الدولي إلى التدخل لضمان التداول السلمي للسلطة في العراق. وأعرب النجيفي خلال مقابلة هاتفية مع وكالة الأنباء الألمانية عن “تخوف قائمته من احتمال رفض الحكومة التداول السلمي للسلطة”.
واتهم الحكومة بمحاولة ابتزاز مفوضية الانتخابات، داعيا الأمم المتحدة إلى أن “تحرص على النتائج الحقيقية” للتصويت في الانتخابات التي جرت يوم 7 آذار (مارس) الجاري.
Leave a Reply