سامر حجازي – «صدى الوطن»
يبدو أن موجة نزوح العرب الأميركيين من منطقة ديترويت فـي ولاية ميشيغن، تجد لها اشراقة وبداية جديدة فـي فلوريدا «ولاية الشمس المشرقة».
عائلة القاروط انتقلت للعيش فـي ضواحي ميامي منذ خمس سنوات. |
صلة افراد الجالية العربية الاميركية بولاية فلوريدا ليست جديدة ولا مستحدثة، فهي -كما هو الحال بالنسبة للكثير من الأميركيين- المكان المفضل لهم ليتقاعدوا حيث الطقس الدافىء والهواء العليل، إضافة الى أنها مكان رائع لقضاء أوقات إجازاتهم وعطلهم فـي منازل وشقق خاصة للعطلات خلال أشهر الصيف والشتاء.
فالطقس المشمس على مدار السنة والبيئة الودودة للأسر الزائرة جعلت من فلوريدا مقصداً دائماً للأميركيين، وخصوصا خلال أشهر الشتاء القارسة والعواصف الثلجية فـي ميشيغن.
وعلاقة ديربورن بولاية فلوريدا ترجع لعقود طويلة، حيث امتلكت مدينة ديربورن برجاً من ثمانية طوابق فـي مدينة كلير ووتر (فلوريدا)، خصصته للمتقاعدين من سكان المدينة من أجل التمتع بالعطل على مدار السنة. ولكن البلدية اضطرت لبيع البرج السكني فـي عام ٢٠١٢، للخروج من ضائقة مالية تسببت بها أزمة الركود الاقتصادي.
طارق بزي يرغب بتربية ابنته الوحيدة فـي جنوب فلوريدا. |
وتبدو الآن أكثر من أي وقت مضى، رغبة المقيمين بمغادرة ميشيغن متطلعين للسكن والعيش فـي فلوريدا حيث، بنظرهم، ينتظرهم مستقبل واعد جداً بعيداً عن قساوة الطقس وأعباء الضرائب.
ففـي السنوات الأخيرة، حصل العديد من السكان العرب الأميركيين على فرص العمل والاستثمار فـي ولاية فلوريدا مما حدا بهم للاستقرار هناك مع أزواجهم وأولادهم.
طارق بزي، شرطي عربي أميركي فـي فلوريدا، وهو واحدٌ من هؤلاء السكان الذين كانوا يقيمون سابقاً فـي مدينة ديربورن، وانتقل إلى الولاية الجنوبية قبل عشر سنوات تقريباً بعد أن عاش فـي ديربورن مدة ١٥ عاماً.
بزي يقيم الآن فـي هالانديل بيتش، وهي مدينة تقع بين فورت لودرديل وميامي، ويسكن مع زوجته -التي تنحدر هي الأخرى من ديربورن- وابنتهما.
وعن ذلك أكد بزي ان «الاقتصاد فـي ميشيغن لم يكن ماضياً فـي طريق مضمونة، لذلك اضطررت إلى البحث عن مكان آخر، وكان جنوب فلوريدا المكان المناسب لي». واستدرك بزي أن «الانتقال إلى فلوريدا كان صعباً فـي البداية حيث تكلفة المعيشة أعلى (من ديربورن) وكانت المنطقة منطقة سياحية أكثر منها مدينة سكنية».
وأضاف ان «الخضراوات والتسوق أكثر كلفة قليلاً لكن الناس الذين لديهم وظائف هنا يتقاضون رواتب أعلى من ميشيغن، لذلك تساوي الأمور بعضها البعض».
واعترف بزي انه فـي السنوات القليلة الأولى بولاية فلوريدا، كان من الصعوبة بمكان العثور على اللحم الحلال. اما الآن، فبسبب تدفق المزيد من العرب الأميركيين واستقرار العائلات فـي الولاية، أصبح من السهل جداً العثور عليها. «الأسواق والمطاعم الشرق أوسطية، فضلاً عن المساجد، كلها تقع على مقربة من منزلي».
وأردف «هنا يتواجد الكثير من العرب الآن، ولكنهم منتشرون فـي منطقة جغرافـية واسعة. لقد أصبح من السهل العثور على اللحم الحلال فـي جنوب فلوريدا حبث يتركز معظم أبناء الجالية العربية بمختلف انتماءاتهم». وأضاف «لقد أصبحت أكثر خبرة بالمنطقة لأَنِّي أعيش هنا منذ ١٠ سنوات، والأمور الآن باتت أسهل بكثير».
وأقر بزي بأنه لا يزال يتردد على ديربورن مع زوجته وابنته لزيارة الأسرة، ولكن ليست لديه أية خطط حالية للانتقال مرة أخرى إلى ميشيغن لأن المنطقة التي يعيش فـيها آنياً «لديها الكثير من الإمكانات الاقتصادية»، وستكون «مكاناً رائعاً» لتربية ابنته.
وتابع ان «النظام التعليمي متقدم، وقطاع الإسكان جيد جداً فـي المستقبل، أرى تحول هذه المنطقة الى منطقة حاضنة للأسر بدلاً من أن تكون مقراً لقضاء الإجازات فقط».
كذلك انتقل الزوجان الساكنان سابقاً فـي مدينة ديربورن، فـيصل وعبير القاروط، إلى ولاية فلوريدا مع أطفالهما الثلاثة قبل خمس سنوات.
ونقل فـيصل العائلة بعد قبوله وظيفة فـي منطقة تامبا، وبعد عدة أشهر من انتقاله حذا أفراد الأسرة حذوه. وانتهى المطاف بالعائلة إلى الاستقرار فـي مدينة ميامي قبل العثور على سكنها الحالي فـي مدينة هوليوود، التي تقع حوالي ١١ ميلاً إلى الجنوب من فورت لودرديل.
وحول هذه الخطوة ذكرت عبير «نحن نعيش حيث نريد أن نكون فـي الوقت الراهن. المعيشة فـي فلوريدا يمكن أن تكون غالية. هناك إيجابيات وسلبيات ولكن زوجي لم يعد متوتراً كما كان فـي ميشيغن. لم يجد هناك أي عمل له. كان الأمر سيء حقاً».
ومضت الى القول «لا توجد جالية عربية أميركية مترسخة فـي ولاية فلوريدا، مثلما هو الأمر فـي ديترويت. عوضاً عن ذلك تعرفت وعائلتي على مجموعة متنوعة من الناس من جميع أنحاء الشرق الأوسط وأميركا الجنوبية، وأضحى لدي أصدقاء يعيشون هنا وهم من إيران والمغرب وفلسطين وكولومبيا والدومينيكان. انه أمر جيد أن تعرف هذا الكم من الناس القادمين من كل مكان».
ويعتقد فـيصل أن المنطقة هي مكان عظيم لتربية بناته الثلاث. و«فـي حين أن الكثير من الآباء العرب يترددون فـي تربية أطفالهم خارج بيئة المجتمع العربي أو المسلم لكن العديد من الآباء فـي ديربورن لا يجهلون ما يواجهه أبناؤهم فـي هذه الأيام». وأضاف أن الآباء يفضلون أن يكوّن أبناؤهم صداقات تتفهم ثقافتهم فـي ديربورن، والآباء عندها لا يشككون كثيراً بما يفعل الأبناء».
واعرب عن اعتقاده «أنَّ جاليتنا فـي ميشيغن تواجه مشكلة كبيرة حول أطفالها» معتبراً أن مهمة تربية الأطفال فـي ديربورن هي «الأسوأ مقارنة بأي جزء آخر من البلاد». مشيراً الى «مشكلة المخدرات المتفشية بين المراهقين فـي ديربورن».. «أما هنا -فـي فلوريدا- فنحن قادرون على تفحص ورصد كل أصدقائهم. وتابع بالقول «ميامي هي مدينة متعددة الثقافات وأولادي يتحدثون العربية والإنكليزية ويتعلمون الاسبانية».
وأشارت عبير أيضاً إلى «أن مقارنة الطقس بين الولايتين هي مثل المقارنة بين الليل والنهار. وقد زارت العائلة ميشيغن وتم تذكيرها لماذا فلوريدا هي المكان الأفضل للعيش. لقد قمنا بزيارة ميشيغن قبل أسبوعين وكان يوماً بارداً جداً فقلت انتهى الأمر لن أعود أبداً إلى ميشيغن».
عائلة اخرى من ديربورن هايتس هي أيضاً فـي صدد عملية الإنتقال إلى ولاية فلوريدا. فقد قال حسام، وهو تاجر محلي، انه استأجر منزلاً فـي أورلاندو لزوجته وطفليه للانتقال إلى هناك فـي شهر كانون الأول (ديسمبر). وستبقي الأسرة على منزلها فـي ديربورن هايتس، طالما ان التزامات العمل تتطلب من الأب السفر ذهاباً وإياباً بين ميشيغن وفلوريدا.
وللتحضير لهذه الخطوة، أمضى حسام بعض الوقت فـي منطقة أورلاندو لإجراء بحث حول إمكانية السكن فتوصل الى استنتاج مفاده ان انتقال عائلته قد يكون الحل الأمثل.
«ذهبت الى هناك بضع مرات للتحقق من ذلك»، أكد حسام، وتابع «حققت فـي وضع المنازل والمدارس وقررت أن هذا الوضع يمكن أن يكون الشيء الصحيح بالنسبة لنا. ولكن إذا كان تبيَّن أن النقل ليس الحل الأفضل يمكننا دائماً العودة».
أوليفر حراجلي، جار حسام فـي ديربورن هايتس، قد يقرر أن يحذو حذوه. وقال حراجلي لـ«صدى الوطن» إنه عاش فـي مترو ديترويت لأكثر من ٤٠ عاماً وحاز معيشة جيدة كرجل أعمال. لكن الآن بعد أن بلغ أولاده جميعهم سن الرشد عدا عن انه هو وزوجته قد تقاعدا، بات يشعر بأن ليس لديه شيئاً ليخسره لو قام بخطوة النزوح إلى فلوريدا.
«نحن نفكر بجدية فـي هذا الموضوع»، أفاد حراجلي، وخلص قائلاً «الطقس هو العامل الرئيسي. صحتنا هي عامل مقرر آخر بسبب مرض التهاب المفاصل. الطقس البارد يزيد الأمور الصحية سوءاً. ونحن فعلاً لسنا مجبرين على تقبل هذا بعد الآن. لقد تحملنا على مدى السنوات الأربعين الماضية، هذا يكفـي».
Leave a Reply