مريم شهاب
من منا لا يتساءل: ما هذا العالم الخربان؟؟
ولكن لا بد يا عزيزي القارئ أن أستدرك وأقول لك: ليس كل العالم، وإنما بعضاً منه. فالعذاب هو أسهل النشاطات الإنسانية. أما الفرح فهو أصعبها. فليس هناك من يولد سعيداً فـي عالم رائع، ولكن الإنسان هو الذي يصنع سعادته بنفسه ويجعل عالمه عامراً.
فـي مقابلة مع الممثل المشهور الأفروأميركي «سدني بواتييه» حكى عن سر نجاحه فـي عالم التمثيل، حيث وضع الفرح أمامه ونصب عينيه بالرغم من الظلام الحالك والبؤس الشديد الذي كان يلف أيامه.
كان عمره ست سنوات فقط عندما انتقل من الباهاما وهاجر إلى نيويورك. صبياً فقيراً وأمياً ولا يعرف أحداً. لم يجد أمامه سوى العمل كخادم فـي مطعم بسيط لغسل الصحون، والنوم على سطح إحدى البنايات مع الحشرات والجرذان.
رغم كل تلك «العزارة» والتشرد، حافظ سدني بواتييه على أمله بالأفضل متفائلاً بأن يكون ممثلاً ناجحاً يوماً ما. ذهب إلى مسرح للأمريكيين السود، وبعد اختباره، صرفوه كونه لا يقرأ ولا يكتب، وقال له المخرج: إنك يا فتى تضيع وقتي، أي داهية حملتك إلي؟؟ فرجع بواتييه منكسراً إلى المطعم، مصمماً على أن يتعلم. فساعده زميل له فـي العمل على معرفة حروف اللغة، ومن ثم التحق بمدرسة قريبة لمحو الأمية وتعليم الكبار. بعد ذلك انتقل إلى معهد أو كلية صغيرة لتعليم التمثيل. وجمع بعض «البنسات» ليشتري راديو ترانزستور صغير أصبح ملازماً له ليل نهار، لا ليسمع من خلاله الموسيقى والأغاني، بل ليستمع إلى التمثيليات بجميع أنواعها، محاولاً تقمص أدوار الممثلين وتقليدهم.
المفاجأة عندما عاد بعد أربعة أعوام إلى المسرح الذي سبق وتم طرده منه، حيث أدى اختبار التمثيل ونجح بتفوق، وراح يشق طريقه ضاحكاً فـي كل يوم ما لا يقل عن مئة ضحكة.
ختم «سدني بواتييه» حديثه بالقول مؤكداً أن موهبته لم تكن سبب نجاحه، بل إصراره على التفاؤل هو الذي أوصله إلى المسرح ثم إلى الأفلام وإلى هوليوود وإلى الثراء والنجومية حتى حصوله على جائزة الأوسكار كأفضل ممثل لعام 1963.
بالفعل إن العذاب أسهل نشاط إنساني، أما الفرح فهو أصعبه.
فاصل من المدح!
جاءت إلى المكتب حيث أعمل فسلمت علي بحرارة منقطعة النظير، وأبدت إعجابها بما أكتب، وما بين كل جملة وجملة تقولها، كنت أقول لها: شكراً، عفواً، يا عمي استغفر الله.
وبعد فاصل من المدح استغرق عدة دقائق من المديح «الأوفر-over» من جهتها والتواضع المزيف والغرور الحقيقي من جهتي، فإذا بها تشهق وتقول: «إنك لا تصدقين مقدار شغفـي وتأثري وتفاعلي وحماسي مع مقالك المثير الذي قرأته مطلع هذه السنة، ولكنني ارجوك أن تذكري لي شو صار بالنهاية».
فتعجبت جداً جداً وقلت لها: لماذا تسأليني طالما قرأتيه؟؟
قالت: «الحقيقة لم أستطع أن أكمله، لأن النعاس غلبني وأنا أقرؤه
ونمت قبل أن أتمه. وفـي الصباح وجدت إبني الصغير مزق الجريدة ورماها فـي الزبالة».
قلت لها: «نو بروبلم». ما فـي مشكلة، كلنا فـي النهاية إلى ذات المصير. خاصة وإني منذ ثلاثة أسابيع مضت لم أكتب ولم أنشر أية مقالة..
Leave a Reply