ناتاشا دادو – صدى الوطن
مقاطعة «وين» هي موطن لأكثر الرموز البريدية تلوثاً فـي الولاية، حيث الإنتهاكات المتعلقة بتلوث الهواء وانبعاثات غاز ثاني أوكسيد الكبريت «أس أو تو» القاتل، هي قضايا بيئية وصحية حساسة لا يمكن تجاهلها.
وتصنف وكالة حماية البيئة «إي بي اي» EPA جزءاً لا بأس به من مقاطعة «وين» بأنها فاشلة فـي تطبيق المعايير الفدرالية المتعلقة بجودة الهواء خاصة التلوث بثاني أوكسيد الكبريت «أس أو تو». ويقوم نادي «سييرا» بجهود لتعزيز الوعي عند السكان حول قضية التلوث وذلك عن طريق توزيع منشورات تحدد الشركات التي يتعين عليها إتخاذ الخطوات المناسبة للحد من انبعاثات «أس أو تو» التي تولدها، وكيفـية إتصال الناس بوكالة حماية نوعية الهواء للتعبير عن قلقهم ومخاوفهم من تزايد التلوث.
شركة كهرباء «دي تي إي إنرجي» مسؤولة عن ٨٥ فـي المئة من جميع انبعاثات ثاني أوكسيد الكبريت فـي مقاطعة «وين»، وفقاً لنادي «سييرا». والمصادر الرئيسية لانبعاثات ثاني أوكسيد الكبريت هي مصنع «روج» ومصنع «قناة ترينتون» العائدين لشركة «دي تي إي» وفرعا شركة الصلب الاميركية «كوكا كولا» و«أل أل سي» التابعين لها.
مصنع ديربورن لشركة الصلب السابقة «سيفرستال» (مملوكة الآن من قبل شركة «أي كي» للصلب)، وشركات «جي أم هامترامك» و«كارمويز لايم» و «مياه الصرف الصحي» و«ماراثون ديترويت»، من بين شركات أخرى، أُدرجت أيضاً كشركات تساهم فـي تلوث البيئية. وقد اتصلت «صدى الوطن» ببعض هذه الشركات للحصول على تعليق منها، ولكنها لم تتلق أي رد رغم تكرار الإتصال بهم.
وقد صرَّح براد ورفـيل مدير الإتصالات فـي وكالة «جودة الهواء فـي ميشيغن» أن الوكالة تعد صياغة اجراء جديد لينطبق على شركة الصلب يتضمن تشديداً أكبر على كمية إصدار ثاني أوكسيد الكبريت من تلك المسموح بها حالياً لعملياتها التصنيعية.
فـي موازاة ذلك تقدَّمت شركة «دي تي إي إنرجي» من وكالة «نوعية الهواء فـي ميشيغن» بطلب مراجعة ترخيص لمعملي توليد الكهرباء اللذين يفوق حجم انبعاثات ثاني أوكسيد الكبريت منهما أكثر من الحدود المسموح بها حالياً. كذلك شركة « كارمويز لايم» ستقدم طلب تصريح قريباً لتثبيت مدخنة جديدة لمعالجة مشكلة تأثير ثاني أوكسيد الكبريت فـي المنطقة. وسيتم إدراج التصاريح وأحكامها فـي خطة الولاية التنفـيذية حول مشكلة كميات ثاني أوكسيد الكبريت المفروضة وتقديمها إلى وكالة حماية البيئة فـي عام ٢٠١٥ مع إفساح المجال للجمهور ليدلوا بملاحظاتهم وتعليقاتهم قبل الإنتهاء من الخطة.
وأكد ورفـيل ان انبعاثات ثاني أوكسيد الكبريت فـي مقاطعة «وين» تتناقص، وسوف تستمر فـي الإنخفاض.
فـي عام ٢٠١٠ حددت وكالة حماية البيئة معياراً جديداً من أجل نوعية الهواء أطلقت عليه «ساعة معيار وطني واحد لجودة الهواء المحاط بثاني أوكسيد الكبريت». معيار الساعة الواحدة هو ٧٥ جزء من المليار، بمعدل وسطي على مدى ثلاث سنوات. ويحرك هذا الإجراء من قبل وكالة حماية البيئة عدة شروط واردة فـي قانون «الهواء النظيف». وفـي غضون ١٨ شهراً من تصنيف الوكالة هذا، على ولاية ميشيغن أنْ تقدم خطة إلى وكالة حماية البيئة الفدرالية حول المنطقة لتلبية «معيار ساعة ثاني أوكسيد الكبريت». ويجب أن تستوفى الشروط البيئية فـي غضون خمس سنوات.
الخطة، المسماة «خطة الولاية التطبيقية المتعلقة بثاني أوكسيد الكبريت»، يجب أن تتضمن تدابير قابلة للتنفـيذ من الناحية القانونية اللازمة لجعل المنطقة الملوثة مستوفـية الشروط. وموعد تقديم خطة الولاية إلى «وكالة حماية البيئة» هو فـي نيسان (إبريل) المقبل. «معيار الساعة لثاني أوكسيد الكبريت» هو أكثر تقييداً من مستوى معيار الأربع والعشرين ساعة. وهذا يعني أن آثار الانبعاثات من بعض الشركات التي كانت تلبي المقاييس القديمة، أصبحت الآن لا تفـي بالمقاييس الجديدة، بل مخالفة لها. «وكالة نوعية الهواء» الفدرالية ايضاً، تتابع العملية المذكورة فـي «قانون الهواء النظيف» فـي محاولة لحمل هذه الشركات والمنطقة غير المستوفـية للشروط إلى الإمتثال لـ«معيار الساعة لثاني أوكسيد الكبريت» الجديد.
«إذا أردنا التمعن بالتفكير الإستراتيجي فـي الوقت الراهن، نحن بحاجة للحد من ثاني أوكسيد الكبريت» قالت روندا أندرسون، ممثلة المنظمة العليا لنادي «سييرا» فرع ديترويت، مضيفةً «يجب معالجة القضايا البيئية فـي أجزاء من مقاطعة «وين» وعليهم القيام بالعمل الصحيح الذي من شأنه أن يكون له أكبر تأثير على المنطقة بأكملها، ويتطلب منهم استثمار الكثير من المال فـي هذه المصانع. أحياناً ليس هذا (الهواء النقي) هو بيت القصيد بالنسبة لهم ». وقالت المتحدثة بإسم «دي تي إي إنرجي» راندي بيريس لـ«صدى الوطن» عن طريق رسالة عبر البريد الإلكتروني «إن جميع محطات الطاقة الكهربائية للشركة تمتثل امتثالاً كاملاً للإجراءات المرعية الحالية».
وتابعت بيريس «ونتيجة لقواعد الانبعاثات الفدرالية الجديدة التي ستدخل حيز التنفـيذ ابتداءاً من عام ٢٠١٥، فإن كمية إنبعاثات ثاني أوكسيد الكبريت جنباً إلى جنب مع غازات أخرى سيتم تخفـيض عدد منها بشكل كبير فـي جميع محطات توليد الطاقة الكهربائية. وقد أظهرت البيانات الأخيرة للمراقبين فـي المنطقة امتثالاً لقانون نوعية الهواء، ومن المهم للغاية أن تقيِّم الولاية مصادر غاز الكبريت الذي يساهم حالياً فـي التلوث، وتتابع خيارات تخفـيض الغازات التي من شأنها أن تجعل المنطقة مستوفـية للشروط».
إنَّ التعرض لغاز ثاني أوكسيد الكبريت حتى لفترة قصيرة جداً- مثل خمس دقائق- يمكن أن يكون له تأثيرات خطيرة على صحة الإنسان، بما فـي ذلك التسبب فـي نوبات من الربو وأمراض الجهاز التنفسي الأخرى. ويمكن أيضاً أنْ يفاقم من أمراض القلب الموجودة سلفاً، مما يؤدي إلى زيادة فـي زيارة المستشفـيات والوفـيات المبكرة. مرضى الربو والأطفال وكبار السن، هم فـي دائرة الخطر بشكل خاص نتيجة هذا التلوث.
أساليب الرقابة المحتملة لانبعاثات «أس أو تو»
وقالت تيريزا ماكيو، مديرة التنظيم الميداني لنادي «سييرا» ان هناك ضوابط لإنبعاث الغازات مشيرةً الى ما يمكن أن تفعله الشركات للحد من التلوث بثاني أوكسيد الكبريت.
وعرض نادي «سييرا» اقتراحات بشأن ما يمكن لشركة «دي تي إي انرجي» القيام به للحد من إنبعاثات ثاني أوكسيد الكبريت، بما فـي ذلك وضع ضوابط ضد التلوث أو من خلال التخلص التدريجي من استخدام الفحم كوسيلة لتوليد الطاقة، والذي هو مصدر رئيسي لهذه الملوثات الخطيرة. وفقاً لإستطلاع للرأي أجرته مؤسسة «بابليك بولسي» هذا العام ٢٠١٤، يؤكد بأن أكثر من ثلاثة زبائن لـ «دي تي إي إنرجي» من أصل خمسة يؤيدون استبدال الفحم فـي محطات التوليد فـي الولاية بمصادر الطاقة المتجددة. الأغلبية نفسها من الزبائن تعرب أيضاً عن قلقها بشأن نوبات الربو والمشاكل الصحية الأخرى المحتملة من السخام والضباب الدخاني ومشاكل تلويث أخرى صادرة عن محطات الطاقة العاملة بالفحم، وفقاً للإستطلاع.
الشركات يجب أن تكون مسؤولة أمام المجتمع عن الأعمال التي تقوم بها، قالت أنجيلا رييز من مؤسسة «التنمية اللاتينية فـي ديترويت»، مضيفةً «ليس من العدل ان نحمل المجتمع العبء الكامل من الكميات المتزايدة من التلوث الشديد الخطورة».
«وتشير بعض الأبحاث إلى أن حبيبات غبار «بي أم ٢.٥» هي صغيرة جداً، لا تقبع فقط فـي رئتيك بل تتسرب أيضاً إلى مجرى الدم»، أردفت رييز «وهكذا قد تسبب زيادة فـي ارتفاع ضغط الدم، وجلطات وأمراض القلب والأوعية الدموية».
شركة «أي كي» للصلب تستجيب لمخاوف بشأن زيادات التلوث بموجب الترخيص الجديد
وشكا السكان الذين يعيشون بالقرب من مصنع فـي منطقة جنوب ديربورن حول تنشق غاز حامض الكبريت بعد وقوع انفجار فـي مصنع «سيفرستال» السابق فـي شهر آب (أغسطس) الماضي. وحتى اليوم يمكن رؤية سحابة كبيرة من الدخان من المنازل السكنية. ويقول البعض ان رائحة حامضية مثل تلك التي حصلت بعد الانفجار وصلت الى داخل منازلهم. وكانت شركة «سيفرستال» للصلب ذات سمعة سيئة بخصوص انتهاكات تلوث الهواء. وقال المقيم فـي جنوب غرب ديترويت، فنسنت مارتن، إنه «بات من المألوف أن تشاهد الدخان الأسود ينبعث من منشأة «ماراثون»، والدخان الأسود هو انتهاك لمعايير الهواء النقي».
باري ريسي مدير العلاقات العامة والحكومية لشركة «أي كي» للصلب، علل المخاوف بشأن زيادات التلوث من مصنع «سيفرستال» وقام بشرح الحادث الذي وقع فـي آب (أغسطس) حيث يخشى كثير من السكان من ان التلوث يمكن أن يستمر أو حتى يزداد سوءاً بعد بيع المصنع، وأوضح ريسي أن الانفجار له علاقة مرتبطة بطريقة التشغيل والتعامل مع المعدن المنصهر وهي عملية تسمى «تلقيم» وهي ليست طريقة معتادة فـي شركة «أي كي» للصلب ولذلك لن تتكرر بحسب ما قاله ريسي.
من جهته أوضح ورفـيل ان بعض الشركات الكبيرة تقع فـي منطقة لا تستوفـي الشروط مثل «ماراثون» و «أي كي» للصلب والتي تنبعث منها غازات ثاني أوكسيد الكبريت، ولكن النمذجة الحاسوبية تشير إلى إن الانبعاث هذا ليس بكميات كافـية لتسبب ارتفاع فـي مستويات التلوث بثاني أوكسيد الكبريت التي تنتهك المعايير الفدرالية الجديدة.
وفـي ما يخص المسائل البيئية، قال ريسي ان «أي كي» للصلب ملتزمة بقوة للتشغيل فـي ديربورن بطريقة مسؤولة بيئياً وتعمل الشركة على الإلتزام بجميع القوانين البيئية والإجراءات والتصاريح المعمول بها فـي مصنعها بديربورن، . ومنذ استحواذ الشركة على مصنع ديربورن، منذ ما يقرب من ثلاثة أشهر، تعمل على قدم وساق من أجل تنفـيذ نظام إدارة للبيئة فـي المرفق، ويشمل النظام وضع خطط على مستوى عال من المساءلة بين جميع القوى العاملة. وقد تم إحراز تقدم كبير فـي المنشأة فـي فترة قصيرة من الزمن، كما وأن هدف «أي كي» للصلب هو ان تكون خاضعة بشكلٍ كامل لجميع شروط الترخيص المحلي والفدرالي».
نحتاج إلى فحص السموم معاً
وأفادت رشيدة طليب، عضوة مجلس نواب ميشيغن المنتهية ولايتها والناشطة البيئية التي كانت تمثل منطقة جنوب غرب ديترويت، هناك ثلاث قضايا كانت تشكِّل معظم الشكاوى التي تصب عندها وهي خدمات البلدية والبطالة والتلوث.
وقالت طليب إنها تقدمت بحوالي ٣٠ تشريعاً حول القضايا المتعلقة بالتلوث. إحدى مشاريع القوانين هذه تضمَّنتْ مدى تأثير كل السموم بشكل جماعي بدلاً من حالات منفردة ومحددة. وأوضحت أيضاً أن تمرير مثل هذا التشريع كان صعباً لأن الكثير من المشرعين تخوفوا من أن يؤذي عملية خلق فرص العمل فـيما لو تم اقراره. وأضافت «يجب فهم أمر بالغ الأهمية حقاً وهو عندما يبدأ الناس يتحدثون عن الصحة العامة وتنظيم هذه الصناعات الملوِّثة يعتقدون أن هذا النقاش يقضي على فرص العمل، وعندها تتحرك «نقابة عمال السيارات المتحدة» (يو أي دوبليو) وتطلب من منظمات وهيئات «تقدمية» التراجع عن النقاش، لأنه يمكن أن يضر بخلق فرص العمل، يحصل التباس، كما أعتقد، عند زملائي فـي لانسينغ الذين لا يريدون دعم مشاريع القوانين هذه (المضادة للتلوث) التي تقدمت بها، لاعتقادهم بأنها تشكِّل عبئاً على «البيزنيس» وتهدد فرص الوظائف. نحن حتماً نريد للشركات أنْ تنمو، ولكن لا أعتقد أنهم (النوَّاب) يفهمون أن الوظائف لا يمكن أنْ تصلح ما أفسده السرطان أو الربو أو أي من هذه الأمراض الصحية ونحن فـي نهاية
المطاف نقوم بدفع تكلفة تلك الرعاية الطبية، وكلفة المعاناة الإنسانية ». وزادت رييز من مؤسسة «التنمية اللاتينية فـي ديترويت»، على ذلك بالقول «ان الجدير بالإهتمام هو الأثر التراكمي لجميع تلك الأشياء معاً … لذلك ان المسألة ليست نتيجة لتلوث بيئي واحد فقط بل ان كل تلك الإنبعاثات مجتمعةً تسهم فـي إيجاد حالة صحية خطرة عند السكان».
وتؤكد أندرسون من نادي «سييرا» على ما قالتة ريبز «أن إجبار مقاطعة وين على الإمتثال للإجراءات الجديدة للحد من ثاني أوكسيد الكبريت لن يصلِح كافة مشاكل التلوث فـي المنطقة، لأن هناك الكثير من السموم والإنبعاثات الخطرة الأخرى التي تؤثر على سكان المقاطعة والمجتمع المجاور».
فـي عام ٢٠١٤، تفحصت «هيئة الهواء النظيف» مسألة الوفـيات والآثار الصحية الضارة الأخرى والتكاليف الباهظة الناجمة عن حبيبات الغبار الصناعي التي تلوث الهواء والناتجة عن انبعاثات محطة توليد الكهرباء فـي مقاطعة «وين». وتبين بعد التدقيق انه قد حصلت بسبب التلوث ٧٠ حالة وفاة و١١٠ نوبات قلبية، و١٤٠٠ نوبة ربو، و٤٧ حالة دخول مستشفـيات و٤٣ التهاب مزمن فـي الشعب الهوائية، و٩٨ زيارة لقسم الطوارىء بسبب احتدام نوبات الربو.
اقتفاء بيانات مراقبة ورصد الهواء
ان أحد اكثر القضايا التي كانت لفترة طويلة مصدر قلق كبير بين السكان وجماعات حماية البيئة لسنوات هي تتبع بيانات رصد الهواء. عادل معزب، وهو من سكان مدينة ديربورن وناشط فـي الجالية العربية، حاول جاهداً رفع مستوى الوعي حول الحاجة لتثبيت أنظمة مراقبة كهربائية أكثر من أجل رصد نوعية الهواء. وكان معزب جزءاً من «المجلس الاستشاري» فـي الجالية الذي وضع الاقتراحات كجزء من إجراءات تنفـيذية ضد شركة «سيفرستال للصلب». أحد هذه الاقتراحات تضمن قياس الانبعاثات وعرض البيانات على الجمهور على أساس منتظم من أجل إعلامه وتوظيف مراقبين مستقلين لهذا الغرض.
وأوضحت أندرسون «ان لغطاً كبيراً يدور حول عدد اجهزة مراقبة ورصد الهواءالملوّث. والسؤال على كل شفة ولسان هو أين هي أجهزة الرصد؟ وهل هي متموضعة فـي أماكن مهمة؟ ان العدالة البيئية تقتضي ان يحوز كل شخص على هواء نقي ومياه نظيفة وبيئة نظيفة لكن على ما يبدو كل هذه الصناعات وُضِعَتْ فـي عقر دار الجاليات الملونة والمحدودة الدخل»!
Leave a Reply