ناتاشا دادو – خاص لـ«صدى الوطن»
حصلت «صدى الوطن» على سلسلة من رسائل البريد الإلكترونية بين مؤسسة «التنمية الاقتصادية فـي ميشيغن» (MEDC) – وهي وكالة الحاكم سنايدر الترويجية للأعمال التجارية- وبين وكالة «جودة البيئة فـي ميشيغن» (MDEQ).
وتظهر هذه الرسائل ان مؤسسة التنمية كانت ضالعة فـي
عملية السماح بإصدار ترخيص مثير للجدل حول إطلاق معدلات أكبر لغاز ثاني أوكسيد الكبريت من المداخن الصناعية، وغيرها من الغازات السامة.
وتفصح الرسائل المتبادلة عام ٢٠٠٦ عن التواصل بين المؤسسة والوكالة التابعتين لحكومة الولاية، حول الترخيص الرخيص الذي صدر لشركة الصلب السابقة «سيفرستال» فـي شهر أيار (مايو) الماضي والذي يسمح بإطلاق الانبعاثات الغازية السامة فوق المعدل، ولكن جماعات حماية البيئة لجأت الى القضاء لوقف الترخيص والغائه.
وكانت «سيفرستال» تمتلك مصنعاً فـي «الساوث إند» فـي مدينة ديربورن وتم الإنتهاء من بيعه لشركة «أي كي» للصلب فـي شهر أيلول (سبتمبر).
تستخدم رسائل البريد الإلكترونية فـي الدعوى كدليل على تدخل مباشر وفظ وتأثير لا مسوغ له فـي عملية مراجعة قرار «مؤسسة التنمية الاقتصادية».
وفـي وقت صدور الترخيص، كان جزء من مقاطعة «وين» يظهر فشلاً فـي تلبية معايير تنقية الهواء من ثاني أوكسيد الكبريت بسبب مستويات نوعية الهواء القياسية الجديدة فـيما يتعلَّق بالغاز السام التي أرستها «وكالة حماية البيئة الأميركية».
ووفقاً للدعوى القضائية التي رفعها نادي «سييرا» ومنظمة «سكان ديترويت العاملون من أجل العدالة البيئية» ومنظمة «مواطنو جنوب غرب ديترويت الأصليون» وجمعية «تحسين البيئة فـي جنوب ديربورن»، فإن «مؤسسة التنمية الاقتصادية الحكومية» تعاملت مع الترخيص كما لو كان تحصيل حاصل بالنسبة لثاني أوكسيد الكبريت من خلال إعتماد قوانين وقواعد تلوث الهواء القديمة التي كانت سارية قبل عام ٢٠٠٧ بدلاً من المتطلبات القانونية الحالية الحديثة.
وحسب الدعوى القضائية أيضاً، منحت «هيئة النمو الاقتصادي فـي ميشيغن» التابعة لمؤسسة التنمية الإقتصادية، شركة «سيفرستال» أكثر من ٩٨ مليون دولار من الإعفاءات الضريبية والحوافز على مدى السنوات التسع الماضية.
وتزعم الدعوى أيضاً ان المؤسسة ضغطت على وكالة «جودة الهواء» لتمرير الترخيص بعد أنْ اجتمع الرئيس التنفـيذي لشركة «سيفرستال» مع الحاكم ريك سنايدر ومدير «مؤسسة التمنية الإقتصادية» وطلب منهما التدخل فـي عملية الحصول على الترخيص.
وفـي رسالة بالبريد الإلكتروني بتاريخ ٢١ حزيران (يونيو) ٢٠١٢، حصلت عليها «صدى الوطن»، كتبت ايمي بانينغا نائبة الرئيس وكبيرة مستشاري «مؤسسة التنمية الاقتصادية»، إلى سوزان هولبين من وكالة «جودة الهواء» للحديث عن رد فعل«سيفرستال» حول اللجوء لمندرجات القرار القديم. كما تناولت الرسالة زيارة مدير مؤسسة التنمية مايك فـيني مع الحاكم سنايدر إلى «سيفرستال» فـي ديربورن.
وفـيما يلي نص البريد الإلكتروني:
– حضر مايك فـيني والحاكم سنايدر حفل الافتتاح الكبير فـي «سيفرستال» اليوم، وبينما كان هناك تكلم مايك مع سيرجي (على ما أظن مدير المصنع المحلي) الذي عبر عن بعض المخاوف حول عملية الترخيص. قد لا يكون هذا كل ما جرى بالضبط، ولكن هذا ما أمكنني تلخيصه.
– «سيفرستال» تعتبر ان «وكالة جودة الهواء» قد تجند «وكالة حماية البيئة الأميركية»، ولا أعتقد أنه ينبغي فعل ذلك. يعتقدون أنه يجب احياء القانون القديم.
– هذا التدخل، سيزيد من التكلفة والوقت.
– هل يمكن لـ«وكالة جودة الهواء» أن تفعل أي شيء لمساعدتهم على جعل هذا أكثر كفاءة؟
هل يمكنك (التحري والاستقصاء) لنرى أين تقف الوكالة؟ نحن بحاجة إلى معرفة ما هي القضية، واعطاء اجابة معقولة للشركة. إذا كان هناك شيء يمكن للوكالة القيام به لمساعدة الشركة على الامتثال، وما إلى ذلك، يمكننا أن نساعد على ربط الأطراف مع بعضهم. يمكننا الحصول على تفاصيل الاتصال من مايك اذا وصلنا إلى تلك النقطة. فـي هذه المرحلة، نحن بحاجة فقط إلى فهم أفضل للأشياء حول أين توقفت الأمور حتى نتمكن من التواصل مع الشركة.
يوم الجمعة، ١٨ كانون الثاني (يناير) ٢٠١٣ أرسلت بانينغا بريداً إلكترونياً إلى فـيني فكتبت تقول «الوكالة فعلت اكثر من اللازم بكثير جداً. دان يوافق، يوجد عمل أكبر يمكن القيام به، ولكن سيتم مناقشة هذا مع الحاكم».
وكانت بانينغا تتحدث فرضاً فـي بريدها الالكتروني عن دان وايانت مدير وكالة جودة الهواء وهو أيضاً تتم مقاضاته من قبل جماعات حماية البيئة.
وهنا نص رسالة بالبريد الالكتروني من فـيني لحاكم الولاية سنايدر، بتاريخ ١٧ أيار (مايو) ٢٠١٣:
«مرحبا ايها الحاكم سنايدر، أعتقد أنك ترغب فـي أن تكون على بينة من هذا العمل».
وقال مايكل شور، مدير الإتصالات فـي «مؤسسة التنمية الإقتصادية» ان مكتب التحكيم فـي ميشيغن فـي عمل مستمر منذ أنْ أنشأه حاكم الولاية السابق (جيمس) بلانشارد فـي الثمانينات. وأضاف أنه أُنشئ من أجل تسهيل الاتصالات بين الشركات فـي ميشيغن ودوائر الولاية وأن هذا هو ما يقوم به المكتب اليوم.
وأردف ان «مؤسسة ميشيغن للتنمية الاقتصادية لا تضغط بالنيابة عن أي عمل فردي».
ولكن وفقاً لوثيقة حصلت عليها «صدى الوطن» فـيما يتعلق بوضع أربع دعاوى قضائية رفعتها جمعية «تحسين البيئة فـي جنوب ديربورن» بحق «سيفرستال»، قدم محامي الجمعية البيئية طلب معلومات حسب قانون «حرية الحصول على المعلومات»، إلى «مؤسسة التنمية الاقتصادية» لميشيغن فـي ربيع عام ٢٠١٤. وقدم الطلب بعد ان علمت الجمعية بضلوع المؤسسة فـي عملية الترخيص.
ونفت المؤسسة وجود أي وثائق تتعلق بـ«سيفرستال» ووكالة جودة البيئة. وبعد ان بَنَتْ بكذب المؤسسة، رفعت جمعية تحسين البيئة فـي جنوب ديربورن دعوى ضد المؤسسة لانتهاكها قانون حرية المعلومات. وسلمت المؤسسة حوالي ١٢٠٠ صفحة من الوثائق الإضافـية خلال الأشهر القليلة الماضية.
واعربت المحامية وعضوة مجلس النوَّاب السابقة رشيدة طليب عن غضبها بعد صدور الترخيص لانها لا تعتقد ان العملية كانت شفافة. وقالت انه بدا لها أن حاكم الولاية سنايدر تأثر بشكل واضح من خلال السماح لهيئة النمو الاقتصادي فـي إدارته للدعوة لعقد اجتماعات بشأن ترخيص الهواء للتأثير على «وكالة جودة البيئة».
وأضافت «اعتقد ان عدداً من تلك الرسائل ورسائل البريد الإلكتروني التي تم الحصول عليها من خلال قانون «حرية الحصول على المعلومات» الذي قدمه مكتب المحاماة، يظهر بوضوح أن هذا الترخيص لم يصدر بناء على القانون الحالي، ولكن يستند فـي معظمه على الصداقة التجارية».
ولم يرد مكتب حاكم الولاية على اتصالات «صدى الوطن» قبل إرسال الصحيفة للطبع.
وقدم محامي جمعية تحسين البيئة كريستفـير بودزك صورة بيانية فـي الدعوى القضائية التي رفعها ضد «سيفرستال» ويقول إنها ملخص للحدود السابقة، والاختبارات القياسية للمداخن والحدود الجديدة. ويقول محامو الجمعية ان «سيفرستال» بررت بعض الزيادات فـي الغازات السامة بإجراء اختبارات على المداخن.
«لقد قررت «وكالة حماية البيئة» أن منطقة جنوب ديربورن» و«الرمز البريدي» ٤٨٢١٧ بالفعل منطقة ملوثة بثاني أوكسيد الكبريت والملوثات الأخرى وتعتبر غير آمنة للناس على المدى الطويل، قال كريستوفر بيزدوك، محامي «جمعية تحسين البيئة»، وأضاف «لذلك تتطلب القواعد الحديثة أن يتم تثبيت تلك المعدات عندما يتم إصدار ترخيص للبدء فـي الحد من هذه الملوثات. وباستخدام القواعد التنظيمية من عام ٢٠٠٧، كانت شركة الصلب تحاول الالتفاف حول مسألة تركيب معدات مكافحة التلوث التي من شأنها أن تبدأ بالحد من الملوثات التي تنبعث فـي الهواء. وهذا له تأثير مباشر وسلبي على صحة الناس وسلامتهم».
وقد عقبت «شعبة نوعية الهواء» على ضلوع «مؤسسة التنمية الاقتصادية» فـي عملية الترخيص، قائلة انها لم تؤثر على عملية مراجعة التراخيص وان الشعبة اتبعت الإجراءات المرعية المعمول بها، وجميع التدابير التي يتطلبها القانون.
«بالتأكيد نحصل على الكثير من المداخلات من الكثير من الناس حول قبول ورد طلبات الحصول على تراخيص»، قال لين فـيلدر، مساعد رئيس قسم «شعبة جودة الهواء» لـ«صدى الوطن» فـي اب (اغسطس) الماضي. واكد ان «المؤسسة أعربت عن اهتمامها بالمرفق الصناعي، لكننا لم نراجع الطلب على أساس اجراءات القوانين المعمول بها. ليس من غير المألوف، كما تعلمون، للمشرعين، والجمهور وجماعات الضغط وغيرها طرح علامات استفهام حول ترخيص ما ».
يوم ٢٢ كانون الأول (ديسمبر)، أحال المقيم فـي جنوب ديربورن مالك علي رسالة الى مسؤولين من مؤسسة التنمية بعنوان («سيفرستال» / «أي كي» للصلب) صور الانبعاثات المدمرة فـي ٢٠-١٢-٢٠١٤». وأرفق علي عدة صور فـي البريد الإلكتروني حول انتهاك تلوث الهواء من مصنع شركة «أي كي» للصلب، قال انها بدأت يوم كانون الأول «ديسمبر» عند الساعة ١٠ صباحاً واستمرت فـي التأثير على المنطقة حتى وقت لاحق من ذلك المساء.
وعقب علي بالقول «كنت قادرا على التقاط حلقة أخرى من انبعاثات التلوث من المدمرة «سيفرستال» /«أي كي» للصلب جنباً إلى جنب مع الفـيديو. وحتى عندما عدت للمنزل فـي نهاية اليوم حوالي السادسة مساءاً، كانت الانبعاثات مازالت مستمرة تغطي السماء بالملوثات».
ورداً على البريد الإلكتروني، تساءل عادل معزب، احد المقيمين فـي ديربورن، «متى ستوقف وكالة جودة الهواء ووكالة حماية البيئة هذا الجنون»؟
ويعيش معزب فـي الطرف الشرقي من مدينة ديربورن، ولكنه قال إن رائحة «لا تطاق» ناجمة عن تلوث الهواء تفوح على طول الطريق إلى منزله.
ويتساءل السكان عما إذا كانوا سيواصلون التعرض لنفس المعاناة من قضايا التلوث التي حاربوها لسنوات عندما كان المصنع مملوكاً لـ«سيفرستال».
وخاض السكان فـي «الساوث إند» منطقة جنوب ديربورن معارك طاحنة مع «سيفرستال» لسنوات بسبب المخاوف من التلوث.
«أنا أشعر بالقلق، وأنا أعلم يقيناً أن شركة «أي كي» للصلب تمضي على نفس مسار الشركة السالفة حسبما أراه، والرائحة التي استنشقها» أكد مالك علي.
ورد جوناثان لامب مسؤول قسم جودة الهواء فـي الوكالة على تساؤلات السكان، قائلاً ما يمكن أن يراه من صور الانبعاثات «مجرد بخار، وليس أية انبعاثات أخرى، وهذا البخار هو جزء طبيعي من عمليات التصنيع فـي شركة «اي كي للصلب» . واضاف لامب أنه بناء على الصور، لا يرى «أي شيء خارجاً عن المألوف أو أي دليل على وجود انتهاك محتمل».
ورد مالك علي على الرد بالقول «لم أفاجأ بقول الوكالة المذكورة لأنني أعرف ان (المسؤولين فـيها) لا يقومون بعملهم بطريقة صحيحة، أو بطريقة أخلاقية منذ البدء. يجب على الوكالة البيئية أن يكون ردها يشبه شيئاً من هذا القبيل» نحن سنقوم بالنظر فـي القضية ونفتح تحقيقاً فـيها. ولكن بدلاً من ذلك، فإنها سارعت إلى الإجابة دون حتى النظر فـي هذه المسألة.
يوم الأحد ٢٥ كانون الثاني (يناير) عقد اجتماع فـي مبنى «الجمعية الإسلامية الأميركية» الواقع على شارع فـيرنور فـي ديربورن حيث ناقش نشطاء وسكان المنطقة آخر المستجدات حول نوعية الهواء فـي المنطقة.
وخلال الإجتماع، جرت مناقشات حول عملية تقديم التقارير ونوعية الهواء والتلوث والمخاوف إلى الهيئات الحكومية الناظمة للقوانين البيئية مثل «وكالة جودة الهواء» و«حماية البيئة». وقد شهد العام الماضي، حراكاً أكبر من قبل العرب الأميركيين تمحور حول الأمور البيئية. وفـي هذا الصدد أكد الناشط مالك علي «هناك حركة تحدث الآن»، وتابع الناشط الاخر معزب قائلاً «نحن نحاول خلق ثقافة الوعي».
ولأن الترخيص انتقل إلى شركة «أي كي للصلب» عندما اشترت المنشأة من «سيفرستال»، تتصدى الشركة الجديدة للدعوى القانونية بنفسها. ولم يشأ باري ريسي، مدير العلاقات الحكومية والعامة فـي «أي كي» بالتعليق على المسألة بانتظار نتيجة المقاضاة، ولكنه استجاب لبعض قلق السكان الأخيرة بشأن التلوث.
وقال ريسي ان «أي كي» أجرت تحقيقا فـي وتيرة الدخان المتصاعد، وزعم ان الأبحاث أفضت الى أن الأعمال التصنيعية فـي ديربورن كانت تعمل ضمن الحدود البيئية المسموح بها خلال التحقيق وأنَّ مراقبة سير العمل أسفرت عن عدم وجود أية انبعاثات عالية ذلك اليوم. وأردف «وبالإضافة إلى ذلك، حدد الفريق البيئي المتخصص أن عمود الدخان الذي يظهر فـي الصور يبدو أنه ناجم عن بخار ولا يشكل دليلاً على انتهاك بيئوي».
وجاءت الشكاوى الأخيرة حول انتهاكات تلوث الهواء ضد «أي كي» بعد أشهر من احتجاج الأهالي على الترخيص الذين قالوا انه سيسمح للشركة بزيادة انبعاثاتها.
وذكر محامي جمعية تحسين البيئة فـي جنوب ديربورن «لقد بررت «سيفرستال» بعض هذه الزيادات على أساس الادعاء بإجراء اختبارات لاصدارات المداخن فـي مصنعها. غير أنه فـي كثير من الحالات فإن مستويات الانبعاثات الجديدة تتجاوز بكثير الانبعاثات التي أظهرتها الاختبارات.
وكان المحامي بودزك قد صرَّح سابقاً لـ «صدى الوطن» ان الترخيص سمح للمصنع بالعمل على الحد الأقصى من الإنتاج بسبب احتياجه من أجل تسهيل عملية بيع «سيفرستال».
وأردف انه إذا استمر المصنع بالعمل على نفس منوال اختبار المداخن، فالانبعاثات لن تزيد، ولكن إذا زاد الإنتاج فالانبعاثات الفعلية ستكون كثيرة جداً.
وقال ريسي إن تقدماً كبيراً أُحرز فـي ديربورن من خلال الامتثال البيئي فـي مصنع «أي كي». وخلص إلى القول «فـي الواقع، كان الربع الأخير من عام ٢٠١٤ الأفضل فـي تاريخ المنشأة من حيث الأداء البيئي للمصنع. والانصياع للقوانين البيئية هو أولوية رئيسية لشركة الصلب وهي تعمل لضمان أن عمليات المرفق فـي ديربورن متلازمة مع جميع القوانين البيئية، واللوائح والتصاريح المعمول بها». وتُعقد جلسة استماع للنظر فـي إلغاء التصريح فـي ١٢شباط (فبراير) المقبل عند الساعة الثانية ظهراً فـي محكمة مقاطعة وين.
ناتاشا دادو كتبت هذه السلسلة كمشروع مشترك مع قسم «صحة الصحافة الوطنية»، وهو برنامج فـي جامعة جنوب كاليفورنيا، كلية أننبرغ للصحافة.
Leave a Reply