خاص “صدى الوطن”، وكالات
بعد خطاب الرئيس السوري بشار الأسد، ساد جو من عدم الثقة بإرادة، أو إمكانية، النظام السوري في إجراء إصلاحات كانت الناطقة باسم الرئاسة بثينة شعبان قد أعلنت عنها في مؤتمر صحفي في دمشق، الأمر الذي ترك فتيل الانتفاضة السورية مشتعلاً ويهدد بانفجارها في أي يوم.. جمعة.
لكن سرعان ما تداركت دمشق، حساسية الموقف، وبدأت العمل على أكثر من جبهة لوأد هذه الانتفاضة قبل أن تتفشى في ساحات وشوارع المدن السورية، كما تم تناقل معلومات عن نية الرئيس الأسد لإلقاء خطاب جديد “يضع النقاط على الحروف”.
وعلى مسار الإصلاحات، باشر النظام السوري بإعداد مشاريع قوانين إصلاحية (أحزاب وإعلام)، يتم طرحها للشعب في مرحلة لاحقة بعد البت بثلاث مسائل مهمة وهي: قانون الطوارئ، واحصاء العام 1962 (الأكراد) والتحقيق بأحداث درعا ومناطق أخرى سقط فيها ضحايا. ويُتوقع، حسب مصادر رسمية تحدثت لوكالات الأنباء، أن تعقد جلسة استثنائية من 2 الى 6 ايار (مايو) المقبل، يتم خلالها اقرار سلة من القوانين ذات الطابع السياسي والاجتماعي والتي تندرج ضمن برنامج الاصلاح الذي ينوي الاسد القيام به.
المسائل الثلاث
ويسعى النظام السوري من خلال المباشرة بمعالجة “قانون الطوارئ”، و”الأحداث الأمنية” و”إحصاء ١٩٦٢” من خلال ثلاث لجان خاصة الى كبح حركة الشارع، لكن ذلك لن يمنع دمشق من التأني في دراسة مشاريع القوانين، حسب مصادر رسمية. وتناقش إحدى اللجان “قانون مكافحة الإرهاب” الذي سيحل مكان قانون الطوارئ. ونقل عن مصادر قولها في هذا الشأن “الثغرات التي يتركها رفع حالة الطوارئ يجب أن تسد قانونيا”، موضحة أن “قانون مكافحة الإرهاب تم اعتماده من تجارب كل من بريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة”، وأنه “سيكون عرضة للنقاش العام بناء على توجيهات من القيادة كي يأخذ حقه من الآراء”. ولم تستبعد المصادر أن تتم دعوة أقطاب المعارضة من القانونيين للمناقشة ان رغبوا في ذلك.
أما من ناحية، إحصاء ١٩٦٢، فتجري استعدادات للقاء على مستوى عال في الدولة مع وجهاء عرب وأكراد، وذلك في إطار “تعميق العمل على تعزيز الوحدة الوطنية في سوريا”، علما بأن لجنة دراسة إحصاء 1962 ما زالت تعمل على دراستها وباتت بحكم الجاهزة. ويجري الحديث إعلاميا عن منح حوالي 2٠0 ألف كردي من المكتومين، الجنسية السورية صراحة. وقد أعلن التلفزيون الحكومي السوري إن الرئيس بشار الاسد أصدر مرسوما الخميس الماضي بمنح الجنسية لاشخاص في منطقة الحسكة في شرق البلاد الأمر الذي يعتبر أول خطوة تطبيقية لمعالجة المعضلة الكردية.
كما عزل الأسد محافظ حمص ليكون ثاني محافظ يعزل بعد محافظ درعا.
أما في ما يتعلق بلجنة التحقيق التي تتولى الكشف عن أسباب سقوط عدد كبير من الضحايا في كل من درعا واللاذقية، والتي شكلت قبل أحداث دوما والوفيات التي حصلت إثرها (الجمعة الماضي)، فقالت مصادر ان عملها غير مرتبط بتاريخ زمني معين، بسبب طبيعة التحقيق الجاري، وهي لجنة قالت حينها مصادر مسؤولة انها تتمتع بصلاحيات واسعة وإنها “باشرت عملها فورا”، ومن المرجح وفقا لمطلعين أن تشمل لاحقا التحقيق في أحداث مدينة دوما أيضا، التي أصبحت عرين الانتفاضة مع هدوء الأوضاع في درعا.
ولم يكتف الرئيس السوري بالحث على الإسراع، دون تسرع، بإقرار سلة إصلاحات بل كان له لقاءات مع رجال الدين وشيوخ العشائر للبحث في سبل تهدئة الشارع، كما تم الإفراج عن عدد من المعتقلين، إلا أن المعارضين يؤكدون أن الآلاف من سجناء الرأي والمعتقلين بسبب الأحداث الأخيرة لا يزالون قيد الاعتقال.
مواقف دولية
دوليا، تلقى الرئيس الأسد عدة رسائل داعمة، أبرزها تلك التي جاءت من تركيا، بعد أن خيمت غيوم الشك بين الجارين الصديقين، حيث أكد مبعوث رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان أن بلاده تقف إلى جانب سوريا ومستعدة لتقديم المشورة في المسيرة الإصلاحية. كما برز أيضا اتصال الرئيس الروسي ديميتري ميدفيديف للغرض ذاته، وتلقى رسالة من الرئيس السوداني عمر البشير مشابهة أيضا. وعلى هذا الصعيد قال الشيخ محمد سعيد رمضان البوطي إن غالبية المطالب التي تقدم بها وفد كبير من علماء الدين في دمشق تحققت، مشيرا إلى أن الأسد سيتحدث مجددا للشعب.
من جهة أخرى، قال وزير الخارجية المجري سولت نيميت، الذي تتولى بلاده رئاسة الاتحاد الأوروبي نصف السنوية، إن “وعود الإصلاح في سوريا ليست على مستوى الطموحات وغير واضحة المعالم”، مطالبا بوقف أعمال العنف ضد المتظاهرين في الحال.
وطالبت منظمة “هيومن رايتس ووتش” الأسد بأن يأمر قوات الأمن بالكف “فورا” عن استخدام القوة “المميتة غير المبررة” ضد المتظاهرين، وبفتح “تحقيق مستقل وشفاف” لمحاسبة المـسؤولين عن هذه الانتهاكات.
واستنكرت ست منظمات حقوقية سورية، في بيان، “استمرار السلطات السورية باستعمال العنف المفرط في تفريق الاحتجاجات السلمية الواسعة في عدة مدن ومناطق سورية، والتي أدت لوقوع العشرات من الضحايا، وقيام السلطات السورية باعتقالات تعسفية بحق العشرات”.
Leave a Reply