نصرالله يؤكد على ان المهمات محصورة فقط بنقل المساعدات للمقاومة الفلسطينية
اختلاق التهم ضد “حزب الله” للهروب من ازماته الداخلية
النظام المصري يعاني عقدة ذنب لمشاركته في حصار غزة
كان متوقعاً من النظام المصري الذي يقيم علاقات مع العدو الاسرائيلي وافتتح باب التنازلات عن القضية القومية المركزية للعرب فلسطين، ان يشن حملة سياسية واعلامية ضد “حزب الله”، على خلفية قضائية لها علاقة باعتقال عنصر من الحزب يدعى سامي شهاب واسمه الحقيقي محمد منصور بتهمة نقل سلاح الى المقاومة الفلسطينية في فلسطين المحتلة.
فالنظام في مصر ومنذ ذهاب رئيسه السابق انور السادات الى القدس في نهاية العام ١٩٧٧، قرر التخلي عن المسألة الفلسطينية، والابتعاد عن القضايا العربية، التي كانت مصر محورها وطليعتها في زمن الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، الذي جاء خلفه السادات، ليقضي على كل المرحلة الناصرية، بما هي التصاق بالعروبة والعمل للوحدة العربية، والانشغال بفلسطين وشعبها ومقاومتها، فقرر السادات عزل مصر عن كل هذه الاهتمامات والاهداف العربية، واخراجها من الصراع مع العدو الاسرائيلي ومناهضة كل فصائل ومنظمات المقاومة لتامين الامن لاسرائيل، واعتبار غزة انها قطاع الحق بمصر للاشراف عليه بعد العام ١٩٤٨، اثر تقسيم فلسطين واغتصابها من قبل اليهود، كما الحقت الضفة الغربية بالاردن، وهكذا جرى التخلي عن غزة بعد احتلالها في العام ١٩٦٧ من قبل اسرائيل، ولم يعد لمصر اي علاقة بها، وذهب السادات بعد حرب تشرين في العام ١٩٧٣ التي كادت ان تسجل انتصاراً عسكرياً للجيوش العربية فيها، نحو “السلام”، واعلن فك الارتباط بفلسطين، وبدا يفاوض على سيناء في مفاوضات الكلم ١٠١، الى ان وطأت قدماه ارض الكنيست الاسرائيلي، في زيارة وصفها هو بالتاريخية، لكسر الحاجز النفسي بين العرب واليهود، وانهاء الحرب العربية-الاسرائيلية، وكان يريد ان يرافقه بزيارته الى الكيان الصهيوني الرئيس السوري بشار الاسد الذي رفض مبادرة السادات وحذره من خطوته التي ليست بحجم ما حققه الجيشان المصري والسوري في حرب تشرين، التي حطمت اسطورة الجيش الاسرائيلي الذي لا يقهر، واثبت الجندي العربي قدرة على التفوق العسكري على الجندي الاسرائيلي.
ذهب السادات منفرداً الى المفاوضات مع اسرائيل، ولكنه لم يأت الا بالحروب على لبنان والفلسطينيين، بعد ان حيّد مصر عن الصراع، فتم تفجير الحرب الاهلية في لبنان في العام ١٩٧٥، وتجديدها في العام ١٩٧٨ بعد اجتياح لاجزاء من جنوب لبنان، واقامة “شريط حدودي” على قسم منه تم تسليمه الى العميل سعد حداد، وبعد توقيع اتفاقية “كامب ديفيد” عام ١٩٧٩، حصل الغزو الصهيوني للبنان، وتم طرد منظمة التحرير الفلسطينية وفصائل المقاومة منه، لفتح الطريق امام لبنان ليوقع معاهدة سلام مع الدولة العبرية، ويكون الدولة الثانية بعد مصر، كما قال رئيس الحكومة الاسرائيلي انذاك مناحيم بيغين، وقد وضع اتفاق ١٧ ايار موضع التنفيذ، لكن المقاومة الوطنية والاسلامية، ووقوف سوريا ضده مع “جبهة الخلاص الوطني” في لبنان التي ضمت اطرافاً لبنانية عدة، اسقطت هذا الاتفاق، واخرجت لبنان من الوصاية الاسرائيلية، بعد ان كانت المقاومة قد بدأت بضرباتها وعملياتها تخرج الاحتلال الاسرائيلي من بيروت والجبل وشرق صيدا.
اسقاط اتفاق ١٧ ايار اغضب النظام المصري الذي كان اغتيل رأسه السادات على يد جندي مصري، رفضاً لزيارته الى اسرائيل واقامته سلاماً معها، كما وقف ضده الشعب المصري، ولم يقبل التطبيع مع العدو الاسرائيلي، وقد وصل حسني مبارك الى الرئاسة المصرية مكان السادات واستمر على نهجه وسياسته فلم يقطع علاقاته مع اسرائيل، وقرر التخريب على المقاومة في لبنان التي كانت بدأت عملياتها الاستشهادية والنوعية تتصاعد، وتلقى الدعم من المصريين الذين بدأوا يضغطون على نظامهم لفك ارتباطه مع الكيان الصهيوني، حيث انكشف هذا النظام بتآمره على لبنان في اثناء الاجتياح الصهيوني له عام ١٩٨٢، واضعاف منظمة التحرير الفلسطينية لكي تسقط ميثاقتها الوطني، وتقبل بحلول جزئية ومنفردة للمسألة الفلسطينية، وهذا ما حصل بعد تشتيت قوة المقاومة الفلسطينية من دول الطوق في الاردن بعد مجازر ايلول الاسود ١٩٧٠، الى الصدامات التي افتعلها حزب الكتائب” والسلطة اللبنانية مع المقاومة الفلسطينية في العام ١٩٦٩ ثم في العام ١٩٧٣ الى ان كانت الشرارة في العام ١٩٧٥، وصولاً الى تغطية الاحتلال الاسرائيلي في عامي ١٩٧٨ و١٩٨٢.
فوقوف النظام المصري ضد المقاومة سواء كانت وطنية او اسلامية يمثلها “حزب الله” لانها كانت تكشف مدى الخطأ لا بل الخيانة التي ارتكبها بفعل معاهدة “كامب ديفيد” التي مر٣٠ عاماً على التوقيع عليها، ولم تغير من واقع الصراع مع اسرائيل شيئاً، والتي اسقطتها الانتصارات التي حققتها المقاومة في لبنان، بتحرير الاراضي المحتلة بالمقاومة لا بالمساومة، وجاء انتصار ٢٥ ايار في العام ٢٠٠٠، بانسحاب قوات الاحتلال الاسرائيلي من الجنوب، ثم في الصمود الذي سطرته المقاومة في اثناء العدوان الاسرائيلي في صيف ٢٠٠٦، ليكشف اكثر سقوط كل النهج الذي يعتمد على الاستسلام امام العدو الاسرائيلي والذي انتهجه النظام المصري وحاول تعميمه على الدول العربية الاخرى، التي سار بعضها في ركابه، حيث كاد يتقدم هذا النهج المساوم على النهج المقاوم، وبدأ الصراع بين هذين النهجين، وكان لبنان ساحته كما فلسطين، وقد حصل الضغط على المقاومة في لبنان، من خلال الحروب الاسرائيلية عليها، في الاعوام ١٩٩٣ و ١٩٩٦ و٢٠٠٠ وبالاغتيالات التي نفذت ضد قادتها، لاسيما اغتيال قائدها السيد عباس الموسوي، الذي كان اميناً عاماً لـ”حزب الله”.
وظهر التآمر على المقاومة التي احتضنتها سوريا في القرار ١٥٥٩ الصادر عن مجلس الامن الدولي في ايلول ٢٠٠٤، وتقرر ضرب الاثنين معاً، باخراج القوات السورية من لبنان، ونزع سلاح المقاومة، ولعب النظام المصري دوراً اساسياً في تحريض اطراف لبنانية على المقاومة، وتم تشجيع قيام “ثورة الارز” بدعم من الادارة الاميركية السابقة، التي شجعت ما سمي بـ”دول الاعتدال العربية”، على احتضان قوى “١٤ آذار”، وهذا ما حصل من ضمن التدخل المصري في الشؤون اللبنانية، حتى ان المعلومات ذكرت ان عناصر من المخابرات المصرية حضرت الى لبنان، بعد الحرب الاسرائيلية عليه في تموز ٢٠٠٦، وتحت غطاء المساعدات الانسانية، واقامت في شقق في بيروت والبقاع لرصد المقاومة وتأمين معلومات عنها، بعد ان اتخذ النظام المصري موقفاً من المقاومة، وادان عملية اسرها للجنديين الاسرائيليين متطابقاً مع المسؤولين الصهاينة، لا بل ان الدبلوماسية المصرية نشطت لاصدار قرار دولي يطبق الفصل السابع على لبنان وينزع سلاح المقاومة بالقوة العسكرية حيث لم تتمكن اسرائيل من ذلك في حرب دامت ٣٣ يوماً. وقد ادى انتصار المقاومة الى احراج الرئيس مبارك ونظرائه من الرؤساء والملوك العرب، الذين اعتبروا “حزب الله” اداة ايرانية في لبنان، وهو التوصيف نفسه لقوى “١٤ آذار” وللولايات المتحدة وبدأ النظام المصري بحملة على ايران موازية للحملة الاميركية والاوروبية والاسرائيلية عليها، انها تسعى الى امتلاك برنامج وسلاح نووي، وذهب التحريض المصري الى اعلان مبارك بان ولاء الشيعة ليس لاوطانهم بل للمرجعية الدينية في ايران، وقد تسبب تصريحه باذكاء الصراع السني-الشيعي، وكان متطابقاً ايضاً مع ما قاله الملك الاردني عبدالله الثاني عن سعي ايراني الى اقامة هلال شيعي يبدأ من طهران مروراً بالعراق وسوريا وصولاً الى لبنان، وقد اثار موقفه استغراباً، واعتبر تغطيه لمشروع “الشرق الاوسط الجديد” الذي كان يروج له الرئيس الاميركي السابق جورج بوش، وهو فكرة اطلقها شيمون بيريز في العام ١٩٩١، لضم اسرائيل الى دول المنطقة، وكان الرد الايراني على العاهل الاردني وعلى مشروع بوش هو “قيام شرق اوسط اسلامي”، يضم الدول الاسلامية اليه من دون النظر الى مذاهبها الدينية بل الى مواقفها السياسية، وهو ما يفسر دعم ايران لحركة “حماس” و”للجهاد الاسلامي” وغيرهما من المنظمات الفلسطينية التي لا تنتمي الى المذهب الشيعي بل الى المذهب السني، وان الوقوف الى جانبهم هو الوقوف الى جانب المقاومة في فلسطين، وهو ما ازعج النظام المصري وغيره من الانظمة العربية المعتدلة والمستسلمة لاسرائيل، بدخول الجمهورية الاسلامية الى المعادلة الاقليمية والى الساحة العربية من بوابة فلسطين التي اغلقتها دول “المحور العربي المعتدل” واقفلت باب المساعدات الانسانية امام الشعب الفلسطيني في غزة والضفة الغربية، وهو ما دفع بالامين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله الى التوجه نحو النظام المصري طالباً منه، ان يفتح معبر رفح انسانياً فقط، لا ان يفتح جبهة عسكرية مع اسرائيل التي كانت تشن عدوانها على غزة، دون ان يحرك النظام ساكناً، لا بل كان ساكتاً عن العدوان، ومنتظراً ان ينتهي بتصفية حركة “حماس” وسلطتها وقادتها، كما كان الوضع ايضاً في لبنان، اثناء الحرب الاسرائيلية عليه، وكان هدفها انهاء وجود “حزب الله”، لكن العدوانيين على لبنان وفلسطين فشلا في تحقيق اهدافهما، فخاف النظام المصري من سقوطه تحت ضغط مواطنيه الذين شاهدوا بام العين المجازر التي ارتكبتها اسرائيل وكيف يقفل مبارك معبر رفح امام الجرحى وامام المساعدات الطبية والغذائية، فلم ير سوى اعتقاله لعنصر من “حزب الله” ذهب الى مصر قبل العدوان على غزة، عله يساعد على ايصال العتاد والامدادات الى القطاع المحاصر من اسرائيل ومصر معاً، وقد استفز هذا الحصار شعوب العالم التي هرعت بجمعياتها ومسؤولين منها لنجدة شعب غزة المحاصر، وهو ما فعله “حزب الله” الذي هاله ما يجري للشعب الفلسطيني، وقد اعترف السيد نصرالله ولم ينف التهمة الموجهة الى سامي شهاب بانه ينتمي الى الحزب وبانه ذهب لنصرة الفلسطينيين من موقعه الجهادي والتزامه الديني وحسه الانساني وهذه تهمة هي وساماً وليست جريمة ابداً.
لكن النظام المصري الغارق في ازماته الداخلية، اراد اختلاق “عدو خارجي” وتلفيق اتهامات عن عمليات تخريب كان لا يعد لها “حزب الله” وعن شبكات تهريب للسلاح والاعتده الى داخل غزة، وسعى الرئيس مبارك من وراء هذه الحملة تخفيف الضغوط الداخلية عليه في ظل ازمة سياسية لها علاقة بتوريث نجله جمال للسلطة، الى الاوضاع الاقتصادية والاجتماعية وتفاقم البطالة وارتفاع معدلات الفقر، وازدياد خنق الحريات السياسية والاعلامية.
كل هذه الازمات دفعت بالرئيس المصري الى الكشف عن اعتقال ما سماه شبكة “حزب الله” التي بينت التحقيقات ان مهامها لا تتعدى نقل سلاح الى قطاع غزة في حين ان ادعاء النيابة العامة حاول الايحاء عن عملية لاسقاط النظام، وهو ما نفاه السيد حسن نصرالله الذي اكد ان “حزب الله” لا يتدخل في الشؤون الداخلية لاي دولة او العمل ضد الانظمة، وهو ما لم تثبته التحقيقات الامنية والقضائية المصرية، وان كل ما يريده النظام هو الهروب من عقدة الذنب التي تلاحقه، حول تسببه باستشهاد الاف الفلسطينيين بسبب حصاره لغزة، اضافة الى تلكوئه عن نجدتهم، فلم ير سوى “حزب الله” يحرض عليه ليس كمقاومة بل كحامل فكر شيعي يسعى الى ترويجه في مصر، اضافة الى كونه صاحب علاقة مع ايران التي بواسطته تسعى الى تخريب مصر.
Leave a Reply