صنعاء – سعى الرئيس اليمني علي عبد الله صالح الى استيعاب تحركات المطالبين بإسقاط نظامه، فأمر بحماية المتظاهرين وبتخفيف القيود على الحركة الاحتجاجية، التي اكتسبت زخماً اضافياً مع انضمام مجموعات جديدة اليها بعد اعتماده في انطلاق “الثورة” ضد حكمه على الشارع الموالي و”البلطجية” على حد قول المعارضين.
مساعي صالح للملمة الشارع جاءت بالتوازن مع التوجه الى الحسم في ليبيا، حيث يخشى الرئيس اليمني توجه أنظار العالم الى بلاده.
ويخوض صالح امتحان الصمود، ليس بوجه الشارع المعارض بعد أسبوعين على هبته فقط، بل بوجه حراك جنوبي زاد سخطه على النظام وانضمام الحوثيين في الشمال للثورة.
وفيما يراهن صالح على دعم القبائل اليمنية المسلحة له، رغم بوادر الانقسام في صفوفها، حيث يصفها المتابعون للتطورات، ببيضة القبان التي تُسقطه من قصره او تبقيه فيه، يزداد الشارع اليمني توترا بين مصرّين على تنحية الرئيس ومدافعين آخرين عنه، في وقت تميل التطورات الجديدة الى بداية انزواء النظام مع اعلان المعارضة البرلمانية اليمنية المنضوية تحت “احزاب اللقاء المشترك” انضمامها الى الاحتجاجات واستقالة العديد من قيادات حزب المؤتمر.
إلا أن صالح تعرض إلى “صفعة سياسية”، نهاية الأسبوع الماضي مع تقديم ثمانية نواب ينتمون إلى “حزب المؤتمر الشعبي العام” الحاكم استقالاتهم من الكتلة البرلمانية للحزب، احتجاجا على “أعمال القمع” في حق المتظاهرين المطالبين بإسقاط النظام، فيما كانت الاحتجاجات تتصاعد مجبرة الحزب الحاكم على إلغاء “تظاهرة مليونية” كان دعا إليها الثلاثاء الماضي.
وهذه الاستقالات التي تشمل حلفاء رئيسيين لصالح، شكّلت صفعة سياسية للرئيس الذي يواجه معارضة شعبية متزايدة لإنهاء حكمه المستمر منذ 32 عاما، رغم انه لا يزال يحتفظ بتأييد حوالى 80 بالمئة من أعضاء البرلمان.
دعوة المعارضة مناصريها الى الالتحام بالشباب المحتجين لم تأت باكرا بعد تروّي قياداتها لأكثر من اسبوع لحسم موقفها فيما كان شباب صنعاء وعدن وتعز يواجهون اجراءات القمع بلا مساندة حزبية. لكن توقيتها الاكثر دلالة هو انها اتت بعد دعوة الرئيس صالح المعارضة الى بحث متطلباتها من خلال الحوار، وتلبيتها “في حال شرعيتها” في مؤشر على شبه الانسداد الكامل للافق السياسي في اليمن.
وتشكل “الكماشة ثلاثية الأفكاك” (“المشترك”، “الحوثيين”، الحراك الجنوبي”) وتضافر عناصرها في الشارع تهديدا فعليا للرئيس صالح. فزيادة الفقر والبطالة ومصادرة الحقوق من اهم العوامل التي ستدفع بالشارع نحو الثورة اضافة الى وجود تكتل معارض قوي الى جانب فئات اجتماعية مؤثرة ومنظمات مجتمع مدني ومناضلين واكاديميين ومثقفين وشباب ستعزز عوامل نجاح الانتفاضة”.
اما عن توقع الكثير من المراقبين استغلال تنظيم “القاعدة” المنتشر في اليمن، للفوضى وتمرير مخططات امنية، تقول مصادر المعارضة لـ”صدى الوطن” ان التنظيم ليس موجودا في البلاد بالقدر الذي يصوّره الاعلام والخطاب الرسمي فهو محدود التواجد ولن يكون له اي تأثير سلبي او ايجابي على الشارع.
وكان صالح أكد الاثنين الماضي انه لن يرضخ لمطالب المحتجين ولن يرحل إلا عبر “صناديق الاقتراع”. وفي توضيح لهذا الموقف الذي أثار الجدل، ذكرت وكالة الأنباء اليمنية إن صالح “لا نية لديه أو رغبة لترشيح نفسه في الانتخابات الرئاسية عام 2013 وهو ملتزم بما أعلنه بأنه لا تمديد أو توريث أو تجديد”.
وألغى الحزب الحاكم، الذي يحتل نوابه 230 مقعدا من بين 301، “تظاهرة مليونية” كان ينوي تنظيمها في ميدان السبعين وسط صنعاء حيث مقر الرئاسة، واعتبرت المعارضة أن هذه الخطوة سببها فشل الحزب الحاكم في الحشد الجماهيري.
وشهدت شوارع صنعاء خلال الأسبوع الماضي انتشارا امنيا كثيفا لعناصر امنية بلباس مدني ورجال قبائل مسلحين بالعصي من خارج صنعاء.. تظاهرات متقطعة في العاصمة تنادي برحيل النظام غالبا ما تُفرّق بالضرب والرصاص.. وتحركات متواصلة ليلا نهارا في تعز فضلا عن بلطجية تترصد للمتظاهرين في الحديدة غرب البلاد… وصفٌ قدّمه الصحافي اليمني علي سعيد، الكاتب في “اليمن تايمز”
وتحولت التظاهرات المطالبة بإسقاط النظام في اليمن، إلى اعتصام مفتوح في صنعاء بعد إعلان المعارضة الانضمام إليها. وحصلت المعارضة على دفعة قوية مع إعلان الحوثيين الانضمام إلى حركة الاحتجاجات، فيما قتل متظاهر في عدن.
وبدأ حوالى عشرة آلاف يمني اعتصاماً مفتوحاً أمام جامعة صنعاء في وسط العاصمة اليمنية. ورفع المعتصمون شعارات “ارحل” و”الشعب يريد إسقاط النظام” و”الشعب يريد التغيير”. وانضمّ نواب وناشطون ومعارضون من غير الطلاب إلى الاعتصام.
وشكّل المعتصمون لجاناً لتنظيم الاعتصام وحماية أنفسهم، بالإضافة إلى حملة تبرعات لدعم بقائهم في الساحة التي باتوا يطلقون عليها اسم “ساحة الحرية”، من خلال تأمين المأكل والمشرب والأغطية.
وفي عدن، قالت مصادر طبية وشهود عيان إن عددا من القتلى والجرحى، سقط خلال الأسبوع الماضي في إطلاق قوات الأمن النار على شباب كانوا يحتجون بالقرب من إطارات مشتعلة. كما أصيب 4 أشخاص في اشتباكات بين مناهضين للسلطة ومؤيدين لها في الحديدة.
وفي شمال البلاد، تظاهر عشرات الآلاف في صعدة بدعوة من زعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي والمعارضة البرلمانية المنضوية تحت لواء “اللقاء المشترك”. وطالب المتظاهرون بإسقاط النظام، وأكدوا تضامنهم مع المتظاهرين والمعتصمين في صنعاء وعدن. وكان الحوثي اعتبر، في بيان، أن “خروج المواطنين للتظاهر في المحافظات اليمنية كافة تحت شعار واحد وهدف واحد هو المطالبة بالتغيير سيحرر الشعب اليمني من الهيمنة والظلم وسيعزز من دور الشعب في صناعة مستقبله وتحمل مسؤوليته، وهذا كفيل باستعادة مشاعر الوحدة الوطنية بين مختلف فئات الشعب اليمني”.
وفي موقف لافت، حرم رجال دين برئاسة الشيخ عبد المجيد الزنداني، الاعتداء على المتظاهرين السلميين في البلاد، وطالبوا بتشكيل حكومة وحدة وطنية موقتة تشرف على إجراء انتخابات نزيهة.
واعتبر العلماء، في بيان، أن التظاهرات السلمية شكل من “أشكال الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر” وتجب حمايتها. وأكدوا أن “كل اعتداء بالضرب أو القتل على المتظاهرين هو جريمة عمدية لا تسقط بالتقادم”، وانه “لا يحق لأي تظاهرة أن تتجه إلى مكان التظاهرة الأولى نفسه حتى لا تحصل فتنة”.
Leave a Reply