أظنني الآن على استعداد، لأقايض جواز سفري بقطعة شوكولاه لأن فمي مليء بالمرارة، ولأنني بالدمع أخشخش. نقّي لي أيتها الغريبة اسماً لا يبدله اختلاف اللغات، ويصنع لي الكثير من الأصدقاء كاسمي القديم، لا أريد لأحد أن يسألني كيف أهجئ اسمي، عند ملء الاستمارات..
وأظنني، سأعبأ طويلاً بالنهر القليل (كل نهر قرب مدرسة ورطة ومأزق)، وسوف ألتقط الحصى والأنفاس، لأزجر المراكب الورقية التي صنعتها من دفتر “الحساب”. نادمٌ وحسب.. لأنني لم أُفتن بالأشغال اليدوية، ولم أتعلم كيف أصنع الكراكي الملونة، واللقالق بأجنحتها الطويلة.. طويلاً تطير، ولماماً تحط على أبراج المدن العالية. كيف آثرت أن أمعن في دروس الجغرافيا، وأثلغ بالجبال البعيدة، وأسماء الرياح المحلية.. من نسل الغزاة أظنني.
تعلمت الكثير من غناء البدو، لأحدو نفسي وأسابقها، وأخلّف ورائي القوافل التي بطيئةً تجتاز القفار. صغيرٌ يا أبي على العطش والجمال واقتفاء الآثار، وصغيراً يا أبي.. أفسدتني المتزوجة بحبها الساخن.. أنا الذي بلا تمائم. والحمى.. الحمى تسكنني يا أبي، وعرقاً وأصوات أطفال أتفصد، ماذا سأسمي كل هؤلاء الأطفال الذين لا يجيئون؟!
“اللبان” لأنك مولع بالثرثرة، و”التدخين” لأنك تريد أن تطلق أنفاساً قديمة، وآهات الجسد القديم. وتراهن كي تختبر حدسك، وتخسر مرة أخرى، لأن “الروليت” ليست على ما يرام.
الروليت الروسية.. التي طلقة واحدة في طاحونة المسدس، والتي مسددة إلى الصدغ. وتراهن وتخسر، ويراهنون ويخسرون.. حسناً كم من الدم الآن على طاولة اللعب؟!..
والطويلة أنت.. المولعة بالصداقات على “الفايس بووك” ماذا يعني أن أكتب لك في هذا الليل:
لا تنكرْني، يا مولاي، ولا تجرحْني، يتهامسِ الأصدقاء عليّ ويطلقوا الشائعات حولي..
وماذا يعني لكِ أن ابتهل:
“يا رب المراعي والأدغال.. خضراء خلّها، وألهم أزواج الحيوانات أن يتناسلوا، وأن يصبحوا شعوباً وقبائل لتعارفوا: أيحب أحدكم أن يأكل لحم.. أعدائه”؟!
أيضاً.. أفكر بأمم الأعشاب والحشائش..
يا رب البراكين الخامدة، هدئ روْعي، أخاف أن ينفجر صدرها بالحليب، الكل يعرف، ولا أحد يتساءل أيتهذه التي أعنيها.
وبعد.. يسألني الأصدقاء البعيدون عن الجديد، فأجيب بالمراوغة القديمة ذاتها: الـ”تيكيلا” أجمل ما أوجده الإسبان-الأميركيون في هذه البلاد..
Leave a Reply