مريم شهاب
بعض الناس وخاصة الذين يحبونك بحرارة الصدق، وبعيدا عن الادعاءات الباردة، يضعوك فـي «خانة اليك» إذا لم تبادلهم نفس المحبة. وإلا وصفوك بالعقوق والجحود. وخاصة من الكتاب والشعراء، حينما يقولون لك عن جد كتاباتك جيدة وأنا معجب بما تكتب، وهذا معناه أنه يجب ومفروض عليك أن تحبهم وتعجب بما يكتبون حتى لو كانت كتابات هزيلة على ورق لا تقرأه «الجارة وتعافه الفارة».
كثير من مثقفـي الجالية لهم كتابات وإصدارات، يقدمون لي كتبهم وإصداراتهم، قدَّم لها مثقفون معروفون، يمدحون أسلوبها ومحتواها ودواوين شعر ذات عناوين جذابة، معظمها مكتوب على البحر النثري المقلوب من تحت لفوق، كلمات ليست كالكلمات، تم صفها بصورة عليلة تافهة ومصطنعة وثقيلة على العين والسمع، لا مفر لقارئها من أن يتساءل: كيف وجد هذا الكتاب أو هذا الديوان طريقه إلى النشر؟؟؟ وهل كان كاتبها بكامل قواه العقلية والجسدية حين اتخذ القرار لإصدارها وإنزال أقصى العقوبة بالقارئ المسكين لهدر وقته وإرغامه على الإعجاب بها وإذا لم تفعل ولم تكتب عنها، فـيتصلون ويستنكرون ويعتبون لأنك لم تمدح ما خربشه على الورق ودعاه شعراً.
أعرف الكثير من القراء ولا أقول المثقفـين، وانا واحدة منهم، هناك صفحات لا ألقي عليها ولو نظرة عابرة فـي أي صحيفة أو مطبوعة، وهي صفحات الثقافة والشعر وخاصة الشعر الحديث. بعد محاولات عدة مني لفك ألغازه وفهم أحاجيه، تماماً كما علّق أحد البسطاء اللبنانيين عن سعيد عقل بعد رحيله: «كنت بعرف إنّو بيفهم، بس أنا ما كنت أفهم عليه شي»! وبمنأى عن أي تشكيك فـي أهمية سعيد عقل. على ما اعتقد، كلما كانت كلمات الشعر، رشيقة وبسيطة وبعيدة عن «توريط» الناس العاديين النكد الأدبي والثقافـي، فهو الأحسن. غير ما يكتبه شعراء الحداثة، ويتعاملون بفوقية وعنجهية معهم أي القراء والسامعين، من باب «إنتو شو فهمكن بالأدب وشو دخلكن بالثقافة».
«الشعر هو كلام غـير مألوف، يعتمد على موهبة فطرية، يسير بلا دليل، يدخل من المنافذ، يشيع الجمال، يتفق عليه الناس مثل الوجه الجميل» هذا ما قالته الشاعرة المبدعة لميعة عباس عمارة، يا ريت لو يقرأ هذا الكلام كل شويعر أو شويعرة نسمعهم فـي ندوات عدة هنا فـي ديربورن.
من حسن حظ معظم القرّاء عدم وجودهم فـي هكذا لقاءات سقيمة يغرق فـيها بعض «النقاد» والمنظرون و«الدكاتير» «والاستاذون» على لغة المؤرخ السعودي الذي يجمع كلمة أستاذ، عندما يجتمعون لإبداء آرائهم الوجيهة فـي الأعمال الفكرية التي تسطع فـي هذا الكتاب أو تلك المدونات الشعرية السطحية التي يقرأها أصحابها وصاحباتها كدليل ساطع على ما وصل إليه أصحاب المبالغة فـي المساومات البغيضة وعروض التزوير والنفاق والانحطاط.
هذه ليست كلمات إعتذار للكثير من أصدقائي الكتاب والشعراء. هذه كلمات تقدير لكل ما يكتبوه، كلٌ حسب استطاعته وإمكاناته فـي هذا الزمن الصعب. لكن لن أتورط ولن أجامل أحداً بسيل مخجل من المدائح الكاذبة على سمفونية حكلي تا حكلك؟؟؟ «أنا صديقة كل الشعراء الجيدين فـي كل العصور، لكن لا صبر لي على الهراء الذي يسمى شعراً». هذا ما قالته الشاعرة لميعة عباس عمارة وأنا على مبدئها.
Leave a Reply