فاطمة الزين هاشم
عندما تختلف الثقافات والعادات والتقاليد، تختلف الطباع ايضا، حسب تربية كل فرد منا.
شاب فـي مقتبل العمر يضج بحيوية الريف وعنفوان القرية يعمل مع اهله نهارا،وينام ليلا على هدير غامض لنبع ضائع فـي الريف، ونقيق متواصل ومتقلب النغمات لضفدع يناشد المطر. وراعٍ يسرح باكرا بقطيعه عازفا سيمفونيته اليومية من شبابة لا تفارقه، هي بمثابة جرس يدق لايقاظ اهل القرية من نومهم. لكن بلحن حنون وجميل يبعث الحيويه فـي او صالهم والسعادة فـي نفوسهم.
كان والده فـي العقد الخامس من عمره، ممشوق القامه،بهي الطلعة سمح الوجه هادىء التقاسيم. يجلس كل صباح عند مدخل البيت يتناول قهوته الصباحيه مع عجوز متعب لم يبق حوله سوى غدر الزمن، واخر سلبت منه قشرة العيش وصفاء الوجه وحلاوة المبسم، فتقوس ظهره وهزل عوده.
كان يعلم هذا الاب ان الزمن سيغدر به يوما ايضا لذلك كان يحاول ادخال الفرحة الى قلبيهما ليشعرا باستمرارية الحياة.كانت تلك الشهامة تسعد الابن حين يطلب من والده البقاء معهما متكفلآ بالعمل لوحده كي لايفسد الجلسة ويحرمهم من مناقيش الوالدة والشاى الساخن.فـي احد الايام بينما كان الشاب فـي الحقل كعادته عرج عليه احد اصحابه ممن يعمل فـي المدينة وأخذ يقص عليه حسنات الحياه ومباهجها والفرق الشاسع بين القرية والمدينة وحثه لمرافقته بعد ان وعده بتأمين العمل والمسكن، وافق والده على مضض وذهب مع صديقه بدا العمل واخذت الحياة تسير فـي مجراها الطبيعي، تعرف الى زميلة له فـي العمل من عائلة برجوازية تعيش حياة الترف والبذخ، بينما هو يعيش الحياة المتواضعة دون تكلف او تصنع ابهره جمالها ودلعها، بدا التقرب منها غير عابئ بالفارق بينهما تطورت الصداقة بينهما الىحب واتفقا على الزواج وتم ذلك بمباركة الاهل.
كان من الطبيعي ان يزور الشاب اهله من حين لآخر ما من مكان يسهل فـيه نسيان العالم باسره افضل من تلك القرية لكن الزوجة كانت ترفض مرافقته، استخفافا منها باهل الريف لأنهم بنظرها متخلفـون. حاول إقناعها وتغيير افكارها لكن دون جدوى، تعاملت معه بتعال ودونية، لكنه كان يغض النظر رغم المعاناة العاطفـية التي كانت تلف جدران المنزل كانت تاتيه الوجدانية والخواطر محملة بنزعات الحب التي استطاع بها أن يخترق فسحة الفراغ التي احدثتها زوجته بداخله.
لا بد ان التالف الروحي جزء من وحدة التجانس الفكري والارتقاء العاطفـي. إن الحب بحاجة الى نفحات من الامل المشرق تمده بجرعات من السعادة التي يتوق اليها كل محب، لكن الزوجة كانت بعيدة عن كل هذا همها الوحيد مراقبة الزوج والتفتيش عن الارقام الموجودة على هاتفه والجريان وراء صرعات الموضه دون ان تعطي لزوجها او لبيتها اي اهتمام،اصبح الزوج يتحاشى النقاش معها لانه يعلم انه سيؤدي الى جدل عقيم لا ينتهي، كان يبتدع الكذبة البيضاء لمعالجة المواقف التي تحشره بها دون سبب.
حاول تقريب المسافات بينهما لكن فسحة الفراغ تزداد اتساعا من يوم لآخر اصبحت الحياة مليئة بالكرب المبرح لا تطاق،هبت عاصفة هوجاء داخل صدره وقرر الانفصال والعودة الى جذوره عله يجد من تتناسب مع واقعه دون ان تستعر من اصوله الريفـية. لم يمض وقت طويل حتى وجد ضالته التي فاقت كل الوان الحب والجمال. حيث انه يعتبر ان الحب والجمال عنصران من عناصر الحياة الاساسية،كالماء والهواء. وجد السعادة التي افتقدها مع إنسانة ليست من ثوبه كل همها السهرات والبذخ والترف. كان لابد ان يعود لاصله ويقترن بمن شربت من النبع نفسه الذي شرب هو منه، ونشأت بالبيئة نفسها التي هو منها. لابد ان هناك زيجات ناجحة رغم اختلاف الطبقات لكنها قليلة جداً. فـي النهاية (حلاوة الثوب رقعته منه وفـيه).
Leave a Reply