اقتحمت الأزمة الخليجية اجتماعات الدورة الـ48 لمؤتمر وزراء الإعلام العرب الذي انعقد مؤخراً في القاهرة، حيث كانت الحاضر الأقوى في الجلسات والكواليس، فارضة إيقاعها على المداولات التي تخللتها احتكاكات مباشرة بين وزراء مصر والبحرين والسعودية والإمارات من جهة ووزير الإعلام القطري من جهة أخرى، ما أدى إلى انعكاسات سلبية على مسار النقاشات وجدواها.
وبعدما كان البعض يفترض أن محطة «الجزيرة» تشكل نموذجاً يحتذى به، على الصعيد الاعلامي، إذا بها تتحول تحت تأثير الصراعات المحمومة في المنطقة إلى مشكلة قائمة بحد ذاتها، لدرجة أن الدول الأربع المقاطعة لقطر ضمّنت لائحة شروطها بنداً يطلب إقفال تلك المحطة باعتبارها تساهم في دعم الإرهاب وتشويه الحقائق.
وقد استحوذ الموقف من «الجزيرة» على جزء أساسي من سجال وزراء الاعلام المتواجهين، على وقع تصنيفات متعارضة لحقيقة الدور الذي تؤديه هذه القناة في العالم العربي.
وبينما حاولت الدوحة الإيحاء بأن «الجزيرة» هي مؤسسة إعلامية خاصة لا تتبع للدولة، انبرى وزير الإعلام القطري إلى الدفاع عنها، رداً على هجوم تعرضت له من أحد الوزراء الخليجيين خلال احدى الجلسات المغلقة، ما دفع شخصية مشاركة في المؤتمر إلى الاستنتاج بأن خصوم الوزير القطري نجحوا في استدراجه إلى المكان الذي يريدونه.
وأكدت مصادر الوفد اللبناني لـ«صدى الوطن» أن المشاركة في المؤتمر كانت بكل صراحة مضيعة للوقت، مشيرة إلى أن الحرتقة المتبادلة سادت في الجلسات بين وزراء المحور الرباعي المحاصر للدوحة ووزير الاعلام القطري.
ولاحظت المصادر أن معظم كلمات الوفود لم تتطرق إلى إسرائيل، باستثناء كلمة الوفد الفلسطيني، لافتة الانتباه إلى أن العداء لإيران بات طاغياً لدى بعض العرب على العداء للكيان الإسرائيلي.
وأبلغ وزير الاعلام اللبناني ملحم الرياشي «صدى الوطن» أنه شعر بأن النقاش في مؤتمر وزراء الاعلام العرب «لم يكن على قدر الطموحات»، لافتاً الانتباه إلى أن الأزمة الخليجية أرخت بظلالها على المؤتمر، وأن العديد من الوزراء انشغلوا بالرد على بعضهم البعض تحت وطأة هذه الأزمة والاصطفاف الذي أفرزته.
ويضيف الرياشي: بصراحة، كانت هذه هي المرة الأولى التي أزور فيها مصر، وقد وجدتها فرصة للتجول في القاهرة والتعرف إليها، وهذا برأيي أهم ما حققته عبر مشاركتي في المؤتمر، إلى جانب الاجتماعين اللذين عقدتهما مع بابا الأقباط وأمين عام جامعة الدول العربية ومشاركتي في اللقاء بين الرئيس عبد الفتاح السيسي ووزراء الإعلام العرب.
ويوضح الرياشي بانه استنتج من خلال زيارته ولقاءاته أن الدولة العميقة في مصر قوية ومتجذرة، مؤكداً أنه وخلافاً للانطباع السائد عند البعض فقد اكتشفت أن الوحدة الوطنية متماسكة وصلبة وأن هناك روابط وثيقة وحقيقية بين الأقباط والمسلمين.
ويشير الرياشي إلى أنه اقترح أثناء المؤتمر أن يتم استبدال وزارات الإعلام العربية بوزارات التواصل والحوار التي تسمح بمواكبة التحديات وبالتالي تعزز مفاهيم التواصل والحوار فيما بيننا، موضحا أنه دعا الجامعة العربية إلى الدفع في اتجاه تحقيق هذا الأمر الذي أصبح يشكل حاجة محلية وعربية ومشرقية على حد سواء، ومنبها إلى أن وزارة الاعلام باتت تحمل مفاهيم غير معاصرة، حتى لا نقول بالية، و«أنا أعمل على إلغائها في لبنان».
ويقول الرياشي إنه دعا أيضاَ إلى وضع مشروع إعلامي عربي مشترك، بغية تظهير الصورة الحقيقية للعالم العربي، في مواجهة محاولات الإساءة إليها، مشيراً إلى أنه تمنى تشكيل لجنة وزارية تضع الخطوط والخطط لهذا المشروع كي يعيد تقديم صورة المنطقة بعمقها وحضاراتها وحضورها، إلى العالم كما هي، وكما يجب أن تكون، وليس كما يعكسها التطرف.
Leave a Reply