لم تنجح المصالحة بين «التيار الوطني الحر» والقوات اللبنانية في «إنجاب» تحالف انتخابي في الدوائر المشتركة، وبالتالي فرضت المصالح المتضاربة والحسابات المتباينة افتراق الطرفين والاستعداد للمبارزة في صناديق الاقتراع، مع محاولة صعبة لحماية تلك المصالحة من مفاعيل المنافسة على المقاعد النيابية، وسط تصعيد سُجل مؤخراً في الخطاب السياسي والإعلامي المتبادل.
ولعل وزير الإعلام القواتي ملحم الرياشي هو الأكثر إلماماً وإحاطة بتفاصيل ملف العلاقة الراهنة مع التيار الوطني الحر، باعتباره كان أحد عرّابي «تفاهم معراب» بين العماد ميشال عون وسمير جعجع.
يقول الرياشي لـ«صدى الوطن» إن المفاوضات التي حصلت بين «القوات» ورئيس التيار البرتقالي الوزير جبران باسيل تمحورت حول الاحتمالات الآتية:
– التحالف في كل لبنان
– التحالف على القطعة
– التنافس الانتخابي
وأوضح أن فرص التوصل إلى تفاهم شامل أو جزئي سقطت تباعاً، وبالتالي تم التسليم في نهاية المطاف بخيار الاحتكام إلى التنافس الانتخابي في الدوائر المشتركة.
وأكد أن قيادتي الطرفين تحرصان في الوقت ذاته على حماية المصالحة الاستراتيجية التي تمت بينهما، ناقلاً عن رئيس الجمهورية ميشال عون قوله له خلال أحد لقاءاتهما بأنه حريص على حماية المصالحة بين «التيار» و«القوات»، مع ترك التنافس الانتخابي يأخذ مجراه، كما يحصل بين أي طرفين سياسيين متنافسين، وهو الأمر الذي شدد عليه أيضاً رئيس «القوات» سمير جعجع.
وأشار الرياشي إلى أن من العوامل التي ساهمت في موافقتنا على انتخاب عون لرئاسة الجمهورية اعتقادنا بأنه قادر من خلال تحالفه مع «حزب الله» على الإتيان بالحزب إلى الدولة.
ثوابت قواتية
وشدد الرياشي على أن إيقاظ الشياطين النائمة في الساحة المسيحية مرفوض وممنوع، وكل محاولة لإحياء الأحقاد القديمة لا تعكس إرادة قيادتي «التيار» و«القوات»، بل تبقى المسؤولية عنها فردية ومحصورة، من غير أن ينفي ذلك حقيقة أن هناك اختلافاً واسعاً بيننا حول كيفية مقاربة العديد من الملفات الداخلية، «وهو اختلاف نسعى إلى إبقائه تحت السيطرة، في انتظار ظهور نتائج الانتخابات، وحينها يبنى على الشيء مقتضاه، فإما أن نتحالف أو نتخاصم، إنما على قاعدة عدم نسف أسس المصالحة».
وأكد الرياشي أن من ثوابت «القوات» مصالحتي الجبل مع وليد جنبلاط، ومعراب مع «التيار الوطني الحر»، لكن ذلك لا يمنع أن هناك نقاط اختلاف والتقاء مع عون والحريري وجنبلاط، لافتاً الانتباه إلى أنه حتى مع «حزب الله» اتفقنا على العديد من القضايا في الحكومة، أكثر مما اتفقنا مع حلفائنا.
ويتوقع الرياشي أن يزيد عدد أعضاء كتلة نواب «القوات اللبنانية»، بعد الانتخابات النيابية، مشيراً إلى أنه يؤيد عودة «القوات» إلى الحكومة في المرحلة المقبلة.
ملفات عالقة
وبينما تعترض «القوات» على طريقة مقاربة «التيار» لملف معالجة أزمة الكهرباء، خصوصاً بالنسبة إلى اقتراح استحضار البواخر، كشف الرياشي عن أن احد كبار مسؤولي شركة «هيدروكيبك» الكندية عرض عليه خطة لإنقاذ القطاع الكهربائي في لبنان، تلحظ إمكان إنتاج الطاقة في غضون ثلاثة أسابيع تقريباً، من دون الحاجة إلى الاستعانة بالبواخر، وذلك خلال المرحلة الانتقالية التي تفصل عن الانتهاء من تشييد المعامل الثابتة، موضحاً أنه سيعرض تلك الخطة على قيادته لدراستها والتدقيق فيها، قبل اتخاذ أي قرار بصددها، سواء لجهة اعتمادها أو صرف النظر عنها.
وإلى جانب إشكالية الكهرباء التي ترخي بظلالها على علاقة «التيار»–«القوات»، يبدو أن ملف تعيين رئيس جديد لمجلس إدارة تلفزيون لبنان قد يفضي بدوره إلى مزيد من التأزم في تلك العلاقة، ما لم يتم تداركه قريباً، مع بقاء هذا البند موضع تجاذب بين الطرفين، ورفض رئيسي الحكومة والجمهورية إدراجه ضمن جدول أعمال مجلس الوزراء، برغم إلحاح وزير الإعلام على ضرورة عرضه.
وأكد الرياشي انه قرر أن يعقد مؤتمراً صحافياً قبيل قرابة اسبوع من موعد اجراء الانتخابات النيابية من أجل بق «بحصته» وتسمية الأشياء باسمائها، إذا لم يبادر رئيسا الجمهورية والحكومة إلى التجاوب مع طلباته المتصلة بوزارته، وفي طليعتها تعيين رئيس مجلس إدارة التلفزيون، من دون ربط ذلك بإزاحة مديرة الوكالة الوطنية للإعلام لور سليمان.
ولفت الانتباه إلى أن «التيار الحر» يربط موافقته على تعيين رئيس مجلس إدارة تلفزيون لبنان وفق الآلية التي اعتمدتها بإقصاء لور سليمان عن موقعها، مؤكداً أنه لن يقبل بالاستغناء عنها «نتيجة حسابات بترونية للبعض»، مهما طالت أزمة تلفزيون لبنان، غامزاً من قناة الوزير جبران باسيل. ويضيف: لا الرئيس عون ولا الرئيس الحريري ولا الدكتور جعجع يمكن أن يفرضوا علي تغييرها لمصالح انتخابية بترونية… «إذا أخطأت أحاسبها، وغير ذلك لن أبيع ضميري وقناعاتي»..
واعتبر الرياشي أن «التيار الوطني الحر» يعتمد نهج المحاصصة في الإدارة والتعيينات، مشيراً إلى أن همّ «القوات» يتركز على الحؤول دون أن تؤثر نزعة المحاصصة على مبدأ المصالحة.
Leave a Reply