واشنطن – لا ينعكس الانتعاش الاقتصادي الأميركي على ميزانيات الولايات الخاضعة لسياسات تقشف، ما سيستتبع اقتطاعاً من النفقات الاجتماعية، وسيؤثّر بشكل خطر على الأشخاص الأكثر هشاشة في السلم الاجتماعي.
وتوقّع مركز الدراسات للميزانية والاولويات السياسية أن تسجل 48 من الولايات الأميركية الخمسين عجزاً في ميزانية 2010 التي تنتهي بالنسبة إلى معظمها في نهاية الشهر الجاري. وقدرت مجموعة الدراسات أن يصل العجز الإجمالي لهذه الولايات إلى 300 مليار دولار، وأن تتأخّر في تصحيح وضعها المالي. كما توقّعت استمرار العجز عام 2011 في 46 ولاية (بينها ميشيغن)، مع توقع عجز إجمالي بقيمة 180 مليار دولار في 2011، و120 مليار دولار في 2012.
وأدى الانكماش الاقتصادي، الذي استمر من 2007 إلى 2009، إلى نضوب موارد الولايات، مع تراجع أرباح الشركات وتزايد البطالة، ما انعكس سلباً على العائدات الضريبية. ولم تكن المساعدات التي قدمتها الدولة الفدرالية في إطار خطة الإنعاش كافية، ومن المتوقع أن تزول مفاعليها بعد السنة المالية 2011، حيث ستتراجع إلى 40 مليار دولار.
كما إن الانتعاش البطيء، الذي بدأ في الصيف، لن يترسخ بشكل كاف، يسمح بتسجيل تراجع ملحوظ في نسبة البطالة البالغة حالياً 9,7 بالمئة، قبل سنوات عديدة. وتتركز المخاوف الكبرى حول مالية ولاية كاليفورنيا التي تعود صعوباتها المالية إلى ما قبل الأزمة الاقتصادية.
وفيما يطرح بشكل متكرر احتمال إفلاس هذه الولاية، فقد أصدر مركز “بيو” للأبحاث في تقرير الخريف الماضي قائمة بتسع ولايات تعاني وضعاً أقرب إلى “الخطر المالي”، وفي طليعتها ولايات نيفادا (غرب) وأريزونا (جنوب غرب) وفلوريدا (جنوب شرق) التي كانت في الخط الأول للأزمة العقارية.
ولا يمكن للولايات الاقتراض إلا لتمويل نفقات مرتبطة بالاستثمار، وليس بتسيير شؤونها، وهي تتكيف مع هذا الوضع بالاقتطاع من النفقات. ومن المتوقع بحسب تقرير للجمعية الوطنية للحكام وجمعية موظفي ميزانيات الولايات أن تتراجع النفقات في العام 2010 بنسبة 11 بالمئة عن الذروة التي سجلت عام 2008، مع تسجيل التراجع نفسه في العائدات.
وتشير التوقعات إلى تحسن طفيف في الوضع عام 2011، ولكن مع بقاء النفقات والعائدات دون مستواها عام 2007. وتسببت الأزمة المالية بعجز كبير في الصناديق التقاعدية لموظفي الولايات، وصل إلى تريليون دولار (ألف مليار دولار)، بحسب تقرير مركز “بيو”. وحين لا تقتطع الولايات من الموظفين، فهي تقتطع من النفقات الاجتماعية.
وتعتزم كاليفورنيا تخفيض ميزانية مستشفيات الأمراض النفسية بنسبة 60 بالمئة. وقد ندد العاملون في هذا القطاع بهذا القرار، معتبرين أنه سيعيد الولاية إلى الوضع الذي كانت عليه في الستينات. كما تلجأ ولايات عدة إلى خفض مساهمتها في برنامج الضمان الاجتماعي للأكثر فقراً “ميديكيد”، الذي تجري إدارته على مستويين فدرالي ومحلي، أو إلى إلغاء تدابير لإسعاف الأكثر فقراً.
كما تؤثّر الأزمة على ميزانيات التربية ومساعدة الأطفال، وقد تم في هذا الإطار إغلاق أعداد كبيرة من الصفوف، مع ما يتضمن ذلك من مخاطر على مستقبل البلاد، في وقت وضع الرئيس باراك أوباما التربية بين أولوياته.
ويبدي مسؤولو الاحتياطي الفدرالي (البنك المركزي) قلقهم حيال هذا الوضع، كما إنهم يخشون الدخول في حلقة مفرغة، إذا ما انعكست مصاعب الولايات على الانتعاش الاقتصادي، في حين لا يزال الاقتصاد بحاجة إلى دعم من السلطات العامة.
Leave a Reply