بينساكولا – قررت السلطات الأميركية تعليق تدريب نحو 300 سعودياً يدرسون الطيران العسكري في الولايات المتحدة، بعدما قتل ملازم بسلاح الجو السعودي ثلاثة أشخاص بالرصاص في قاعدة جوية بولاية فلوريدا الأسبوع الماضي.
وقالت أندريانا جينولدي المتحدثة باسم البحرية الأميركية: «بدأ يوم الاثنين تعليق تدريب طلاب الطيران السعوديين توخياً للسلامة». وأضاف البنتاغون أن هؤلاء الطلاب العسكريين سيواصلون المشاركة في الدروس النظرية داخل فصول الدراسة، لكن التدريب التطبيقي تم تعليقه إلى حين إجراء مراجعة أمنية.
وأضافت أن التعليق يشمل ثلاثة مواقع عسكرية مختلفة، هي قواعد «بينساكولا» (حيث وقع الهجوم)، و«وايتينغ فيلد» و«مايبورت» وجميعها في فلوريدا.
وكان محمد الشمراني (21 عاماً)، وهو ملازم ثانٍ في سلاح الجو السعودي، قد أطلق النار بواسطة مسدس على المتواجدين في إحدى قاعات التدريب في قاعدة بينساكولا، ما أدى إلى سقوط ثلاثة قتلى وثمانية جرحى، قبل أن ترديه الشرطة قتيلاً.
قال مستشار الأمن القومي الأميركي روبرت أوبراین، الأحد الماضي، إن حادثة قاعدة «بینساكولا» تبدو هجوماً إرهابیاً.
وأضاف في تصریح لمحطة «سي بي أس» الأميركیة: «بالنسبة لي یبدو أنه هجوم إرهابي… لا أرید الحكم مستبقاً التحقیق، ولكن یبدو أن هذا شخص متطرف» داعياً إلى انتظار ما ستسفر عنه تحقيقات مكتب التحقيقات الفدرالي (أف بي آي) .
وكشف «أف بي آي» نوع السلاح الذي استخدمه الشمراني، وكيفية حصوله عليه.
وأفادت رايتشل روغاس من الوكالة أن «السلاح تم شراؤه بصورة قانونية من ولاية فلوريدا» وهو مسدس من طراز «غلوك» من عيار 9 ميليمتر.
وكشفت البحرية الأميركية، عن أسماء القتلى الثلاثة وهم البحار العربي الأميركي محمد سامح هيثم (19 عاماً) من فلوريدا، والبحار جوشوا واتسون (23 عاماً) من ألاباما، والبحار كاميرون سكوت والترز (21 عاماً) من جورجيا.
وقالت والدة هيثم، إن مدير المدرسة التي كان يدرس فيها داخل القاعدة، اتصل بها وأبلغها أن ابنها قتل «بينما كان يحاول إيقاف مطلق النار».
وكان محمد هيثم يتلقى تدريباً بعد التحاقه بالقوات البحرية، ليصبح عضواً في طواقم الرحلات الجوية، وكان قد تخرج من المدرسة الثانوية في مدينة سان بيترسبرغ بولابة فلوريدا عام 2018.
من هو الشمراني؟
تشير المعلومات الأولية إلى أن الشمراني، تحول إلى التطرف على يد شيوخ متشددين قبل وصوله إلى الولايات المتحدة، بأعوام عدة.
ونقلت صحيفة «واشنطن بوست»، الأربعاء الماضي، عن تقرير داخلي أعدته الحكومة السعودية، أن حساباً مرتبطاً بالشمراني على موقع «تويتر»، يظهر أن الطالب العسكري أعرب عن «أفكار متطرفة» منذ عام 2015، أي قبل عامين على قبوله في البرنامج التدريبي بقاعدة بينساكولا.
وتشارك قوات عسكرية من مختلف أنحاء العالم في تدريبات على الطيران في قاعدة بنساكولا التابعة لسلاح البحرية الأميركية.
وبحسب نشاطه على مواقع التواصل الاجتماعي، فقد وقع الشمراني تحت تأثير أربعة رجال دين وناشطين «متشددين»، بينهم السعوديان عبد العزيز الطريفي وإبراهيم السكران والكويتي حكيم المطيري والأردني إياد قنيبي، وفق «واشنطن بوست».
وتغريدات الشمراني والتغريدات التي كان يعيد نشرها، كانت تقتصر قبل ذلك على الشعر وآيات قرآنية ملهمة، لكن في نهاية 2015 وعندما كان في الـ17 من عمره تقريباً، اكتسبت منشوراته نبرة سياسية.
وبحسب تحليل السلطات السعودية، فإن الشمراني أعاد تغريد تغريدة للطريفي قال فيها الأخير إن أكثر من مليون من متابعيه «ينددون بالشراكة بين المملكة والولايات المتحدة» التي يعتبرها الشيخ «العدو».
وأعد الشمراني تغريد تغريدة للمطيري دعا فيها «للجهاد ضد الصليبيين الأميركيين والإسرائيليين».
ويشدد التحليل السعودي على أن حساب الشمراني كان تحت اسم محمد، وهو اسم شائع في المملكة، ولم يكن مرفقاً بصورة أو أي تفاصيل عن سيرته كان من شأنها جعل التعرف على صاحب الحساب أمراً سهلاً.
ولم تربط السلطات بين ضابط الطيران والحساب إلا بعد نشره بياناً على «تويتر» قبل ساعات على تنفيذه هجوم فلوريدا.
وبحسب موقع «سايت» الذي يتابع أخبار الجماعات المتطرفة، فقد كتب الشمراني «سلسة من التغريدات ذات الطابع الإرهابي».
وأضاف الشمراني في تغريدة: «أنا لست ضدك فقط لأنك أميركي، ولا أكرهك بسبب حرياتك، أنا أكرهك لأنك كل يوم تدعم وتمول وترتكب جرائم، ليس فقط ضد المسلمين ولكن أيضاً ضد الإنسانية».
وذكرت تقارير سابقة أن تغييرات مقلقة ظهرت في شخصية الضابط السعودي في أعقاب عودته من زيارة إلى بلده قبل أسابيع من شنه الهجوم.
وكان الشمراني في تدريب على «المبيعات العسكرية الخارجية للقوات الجوية الأميركية» لمدة ثلاث سنوات بدأها في 2017. وكان مقررا أن ينتهي من مهمته في آب (أغسطس) 2020، بحسب المتحدث باسم البنتاغون ديفيد إيستبورن.
ويشارك 5,181 طالباً من 153 دولة، من بينهم 852 سعودياً، في تدريبات في مجال التعاون الأمني في الولايات المتحدة، بحسب ما كشفه إيستبورن.
رد فعل السعودية
اتصل ولي عهد السعودية الأمير محمد بن سلمان، الأحد الماضي، بالرئيس ترامب معزياً بضحايا الهجوم ومتعهداً بالتعاون في التحقيق لكشف ملابساته.
وقال جود ديري المتحدث باسم البيت الأبيض في بيان «ولي العهد كرر تعهد السعودية بالعمل مع الولايات المتحدة لمنع أي هجوم مروع مثل واقعة إطلاق النار في بينساكولا من الحدوث مرة أخرى أبداً».
وكانت الخارجية السعودية قد أعربت عن أسفها لوقوع الحادث، وقالت في بيان: «نتقدم بخالص التعازي لأسر الضحايا وتتمنى للمصابين الشفاء العاجل، ونؤكد أن مُرتكب هذه الجريمة الشنعاء لا يُمثل الشعب السعودي إطلاقاً، الذي يكن للشعب الأميركي الاحترام والتقدير».
وكان الملك سلمان أصدر توجيهاته للأجهزة الأمنية السعودية للتعاون مع الأجهزة الأميركية المعنية بغية الوصول لكافة المعلومات التي تساعد في كشف ملابسات الحادث.
من جانبه، قال الرئيس دونالد ترامب، إن الملك سلمان بن عبد العزيز اتصل به وقدم التعازي في ضحايا قاعدة بینساكولا في اليوم التالي للهجوم.
Leave a Reply