علي حرب
اليمنيون الأميركيون فـي ميشيغن متحدون فـي سيرهم على خطى الآلام والعذاب لأنهم يشعرون بما يجري فـي وطنهم من مآسٍ، ولكنهم منقسمون الى معسكرين يحمل كل منهما وجهات نظر معارضة حول من هو المسؤول عن الأزمة التي تعصف ببلدهم وكيف يمكن حلها.
الحرب تدور رحاها حالياً فـي اليمن، مهد الحضارة العربية، بعد الهجوم الذي شنه ومازال يشنه مجلس التعاون الخليجي بقيادة السعودية، بالتحالف مع تركيا ومصر وباكستان ودعم أميركي. هذا التحالف يشن الغارات الجوية مستهدفاً قوات الحوثيين المتحالفين مع فريق الرئيس السابق علي عبدالله صالح والذين يسيطرون على أنحاء واسعة من البلاد ويتقدمون الى عدن ومضيق باب المندب.
وكانت قوات من الحوثيين قد سيطرت على العاصمة صنعاء فـي أيلول (سبتمبر) الماضي بعد توجيهها اتهامات بالتقاعس للحكومة المستقيلة، وبقيت تتقدم فـي مختلف المحافظات حتى وصلت الى مدينة عدن الجنوبية، حيث كان الرئيس عبد ربه منصور هادي متواجداً بعد ان هرب من صنعاء اثر اعلان استقالته ثم تراجع عنها بايعاز خليجي. وفـي الأسبوع الماضي، شنت المملكة العربية السعودية حملة عسكرية تضمَّنتْ قصفاً جوياً أطلق عليها اسم «عملية عاصفة الحزم» لوقف تقدم الحوثيون.
وفـي حين ان الفريق المناهض للحوثيين وحلفائهم ليس مغرماً بالقصف الجوي السعودي، إلاّ ان أنصار الرئيس هادي يحمّلون المسؤولية لقوات صالح والحوثيين فـي بدء الصراع وتفاقمه. أما الطرف الآخر فيعارض التدخل ويعتبره عملاً عدوانياً غير مبرر يستهدف كل اليمنيين.
وقد حمّل الناشط فـي هامترامك عبدالملك الوجيه الحوثيين مسؤولية اندلاع الحرب، عندما قال «المواطنون اليمنيون غائبون عن كل ما يحدث»، وأضاف ان «الجماعات والعصابات تريد أن تصل إلى السلطة، بغض النظر عن الأثمان الباهظة التي يدفعها الشعب اليمني».
وأردف الوجيه «ان الحوثيين تحالفوا مع صالح لحكم البلاد بمفردهم. إن دافع (الرئيس) صالح هو الانتقام بعد الاطاحة به من قبل ثورة شباط (فبراير)». وكان صالح قد تنازل عن الحكم وسلم السلطة إلى هادي بعد الانتفاضة الشعبية فـي عام ٢٠١١ فـي اتفاق رعته آنذاك المملكة العربية السعودية.
وأضاف الوجيه «وجد الحوثيون بمساعدة من القوات الموالية لصالح أنه من السهل السيطرة على المؤسسات فـي العاصمة والتي فتحت الباب لهم للسيطرة على البلد بأكمله. لقد أصابهم التعجرف لدرجة تهديد جيران اليمن»، فـي اشارة الى بيان صادر عن المتحدث باسم الحوثيين والذي حذر من أن التدخل فـي اليمن من شأنه أن يؤدي إلى انهيار النظام السعودي بأكمله.
ووفقاً للوجيه فقد حذر السعوديون نجل علي عبدالله صالح من أن هجوما على عدن سيدفعهم للتدخل عسكريا فـي النزاع. وقال «آمل أن يعيد الحوثيون النظر بافعالهم ويتراجعوا عما فعلوه. انهم لا يزالون يواصلون تقدمهم واحتلال المزيد من المحافظات والمؤسسات. ويجب أن يكونوا عقلانيين ويعودوا الى طاولة الحوار حيث ان تقديم التنازلات من جميع الأطراف يمكن أن ينقذ البلاد».
واستطرد «المذهبية آخذة فـي البروز فـي اليمن، وهي غريبة عن الثقافة اليمنية» ملقياً باللوم على دول المنطقة، وبالأخص إيران، فـي إشعال نارها.
وتابع «السياسة فـي اليمن عبرت الجسر إلى المذهبية، وعندما تدخلت إيران، بدأت النبرة الطائفـية تنتشر. ولكن فـي نهاية المطاف كل ذلك ناجم عن اللعب بالسياسة. البلدان فـي المنطقة تريد ايجاد أتباع لها فـي اليمن بسبب موقعها الاستراتيجي، لذلك فإنها تلجأ إلى المذهبية».
وحث الوجيه اليمنيين «على عدم الانصياع لأوامر دول أجنبية». وقال «كمغترب يمني، أشعر بالحزن والأسى على ما يحدث فـي اليمن، والجالية هنا هي انعكاس للشعب اليمني هناك. فـي اليمن الشعب منقسم والنّاس هنا أيضاً منقسمون».
وحث الوجيه، على الحوار قائلاً إنه لا يؤيد ولا يعارض التدخل السعودي. عندما يكون هناك حوار، عندها اعارض (التدخُّل السعودي). «أنا الآن اشعر بالألم لأن اليمنيين يموتون».
من جهته وصف الناشط اليمني وليد فدامه من ديربورن الهجوم السعودي بأنه «مجزرة لا مبرر لها». وحمَّل هادي المسؤولية عن الغارات الجوية لأنه طلب مساعدة السعودية. وأضاف ان «المملكة السعودية لديها القدرة (العسكرية) وعندها الدبابات والطائرات المقاتلة وانها تريد تدريب طياريها على أشلاء ودم الأبرياء فـي اليمن. انهم يدمرون كل ما هو جميل فـي اليمن».
وهزأ فدامه من المزاعم بأن السعودية هبت للدفاع عن الحكومة الشرعية فـي البلاد. وقال «لم يكن هناك دفاع عن الشرعية فـي مصر بكل هذه الكراهية والدمار»، فـي اشارة الى الدعم السعودي للانقلاب الذي أطاح بالرئيس المنتخب محمد مرسي. وأولى أهمية خاصة لمصر، التي تشارك فـي العمليات العسكرية التي تقودها السعودية فقال «لقد باعت قيادة مصر عروبتها وشرفها من أجل حفنة من المال السعودي».
وانتقد أيضاً اليمنيين الذين يدعمون الهجوم السعودي متابعاً «التاريخ لن يغفر للمملكة العربية السعودية والخونة داخل اليمن، وكل من يوافق على قصف بلده ليس عنده شرف. الوطن غالٍ. انا أحمل الجنسية الأميركية وأنا فخور بذلك، ولكن الوطن الأم هو شيء مختلف تماماً. إن حضن اليمن أفضل من حضن أمي».
وأضاف «إذا كان لدى دول الخليج مشكلة مع إيران، فإنها تعتدي على البلد الخطأ. فليذهب هؤلاء الحكَّام ويحاربوا ايران. لديهم الجيوش والقوات البحرية والطائرات .. واذا كان لدى إيران أجندة خاصة للمنطقة، فلماذا هم يقصفوننا نحن؟ لماذا يقتلون النساء والأطفال اليمنيين الأبرياء»؟
واستطردانه لا يدعم الحوثيين وعلي عبدالله صالح بل «أنا أتحدث فـي أمرٍ يخص الدفاع عن بلدي الذي يُذبح
ويدمر، ولا ادافع عن حزب سياسي. ونحن قد نتقاتل فـيما بيننا ولكن فـي خاتمة المطاف، نحن جميعاً يمنيون ونحن شعب واحد. تدخل المملكة العربية السعودية العسكري يوسع الانقسامات ويثير النعرات المذهبية والكراهية والحقد بين الشعب الواحد».
وكرر فدامه كلام الوجيه بأن المذهبية هي ظاهرة جديدة لدى الشعب اليمني، ولكنه القى باللوم على السعودية التي تتخذ من الخطاب المذهبي قاعدة لتدخلها فـي بلاده.
احتلال الجنوب
وكانت اليمن الجنوبية قد اندمجت طوعاً مع الشطر الشمالي فـي عام ١٩٩٠. ولكن حسب الناشط علي بلعيد المكلاني، المدير التنفـيذي للجمعية الخيرية اليمنية الأميركية (يابا)، فإن الحكومة المركزية فـي الشمال قامت بالتمييز ضد الجنوبيين بعد الوحدة، الأمر الذي أدى إلى الحرب الأهلية فـي عام ١٩٩٤ بعد أن أعلن الجنوب الانفصال من دون جدوى.
وقال المكلاني ان الرئيس السابق صالح حول الوحدة إلى احتلال لجنوب اليمن. وأضاف «أن الهجوم على الحوثيين ضد عدن هو استمرار لهجمات صالح والتمييز ضد الجزء الجنوبي من البلاد». وينحدر الحوثيون من صعدة، وهي المحافظة الشمالية الواقعة على الحدود مع المملكة العربية السعودية.
وأردف «ان عدوان الحوثيين وتمددهم هو الذي تسبب بالتدخل الأجنبي» متسائلاً «من استدعى طائرات حربية لقصف اليمن»؟ فـي اشارة الى الهجوم الحوثي على عدن، الذي سبق عملية «عاصفة الحزم».
وأكد المكلاني وقوفه ضد الحرب، «ولكن لا ينبغي أن ينظر الى التدخل العسكري السعودي فـي اليمن من خارج السياق، لأنه جاء كرد على هجوم الحوثيين على الجنوب. ولا يمكنك لأنه تندد بقصف السعودية فـي حين أنك تدعم احتلال ونهب وإهانة اليمنيين الجنوبيين من قبل الحوثيين وقوات صالح». وأردف «يؤلمني أن اشاهد بلداً خارجياً يقصف اليمن. ولكن علينا أن نسأل، من يقف وراء هذا»؟
ورد المكلاني على سؤاله «بأن الحوثيين وصالح يريدون السيطرة على البلاد قبل كل شيء بسبب هوسهم بالسلطة. ومن اجل الوصول الى حل يجب انسحاب ميليشيات الحوثيين من المناطق التي احتلتها».
ودعا نشطاء يمنيون مناهضون للتدخل السعودي للمشاركة فـي تظاهرة للاحتجاج أمام مكتبة هنري فورد فـي ديربورن يوم الأحد فـي ٥ نيسان (أبريل) عند الساعة الثالثة بعد الظهر.
وانتقد المكلاني منظمي الاحتجاج لادعائهم تمثيل الجالية وانبرى بالقول «لقد سئمنا من الدعاية. واذا أردت الدعوة إلى الاحتجاج، فإنك تحتاج إلى تحديد من أنت وتحديد ما هي المنظمات التي تمثلها. لا يمكنك أن تقول الجالية اليمنية تدعوكم، عندما ربَّما لا يكون لديك شخص واحد ينتمي الى المحافظات الوسطى والجنوبية مشاركاً فـي الاحتجاج ».
وتمنى اخيراً السلامة والوحدة لجميع اليمنيين. وحذر من تعميق الانقسامات داخل الجالية اليمنية الأميركية ناصحاً بالقول «لا يجب أن يزايد أحد علينا بالوطنية. دعونا نركز على تعليم أطفالنا ونتمسك بنبذ العنف والالتزام بالتغيير السلمي».
من جهته ذكر الناشط أكرم الورد ان التظاهرة الاحتجاجية «جرى تنظيمها من قبل يمنيين يريدون ان يفعلوا شيئا ضد مجزرة اليمن». وانتقد الهجوم السعودي، واصفاً إياه بأنه «عدوان يستهدف اليمنيين الأبرياء». وقال «إن اليمنيين الذين يدعمون عملية تقودها السعودية لا يمثلون الجالية، فمعظم ضحايا هذا العدوان هم من النساء والأطفال، ومن يستطيع الوقوف مع شيء مثل هذا»؟
وأفاد الورد «ان الحوثيين هم يمنيون، ولا يمكن مقارنتهم مع الغرباء الذين يقصفون بلادنا.
والحوثيون لديهم أنصار فـي جميع أنحاء اليمن. والناس من كافة المذاهب والأيديولوجيات يدعمونهم، وهم لم يأتوا من إيران أو يهبطوا من السماء».
وشرح الورد «ان صالح كان عميلاً للمملكة العربية السعودية لمدة ٣٣عاماً، والآن يقولون ان الشيعة وإيران يسيطرون بمساعدة من صالح. ولكن أي شخص عنده بعضٌ من منطق يرفض هذه الرواية».
وخلص الورد الى القول «إن الصراع فـي اليمن ليس مذهبياً ووسائل الإعلام تصوره كذلك ولكن على أرض الواقع، لا توجد فتنة مذهبية، إلا تلك التي تأتي من المحرضين عليها من اجل تبرير العدوان السعودي. لقد تأثر جميع اليمنيين من جراء القصف السعودي. فالطائرات الحربية لا تميز بين الشيعة والسنة».
Leave a Reply