القدس المحتلة – دخلت إسرائيل الأسبوع الماضي مرحلة سياسية جديدة بعد أن خلعت قناع “حمامة السلام” وقرعت طبول المواجهة مع إيران والإسلام وصولا الى نسف “حل الدولتين”، ما قد يضعها، كذلك الأمر، في مواجهة سياسية حادة مع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.
بدأ الزعيم اليميني بنيامين نتنياهو الاربعاء الماضي ولايته على رأس حكومة اسرائيلية يطغى عليها اليمين وتثير مخاوف على مستقبل عملية السلام في الشرق الاوسط مع تجاهل “حل الدولتين”، والاكتفاء بالإشارة إلى حل نهائي يدير فيه الفلسطينيون شؤونهم.
بنيامين نتنياهو |
وجاء موقف وزير الخارجية الاسرائيلي الجديد افيغدور ليبرمان ليزيد الطين بلة بتبروئه من اتفاق انابوليس مع الفلسطينيين وقوله “ليس هناك سوى وثيقة وحيدة تلزمنا، وهي خارطة الطريق”.
وأعربت السلطة الفلسطينية عن خيبة أملها إزاء تصريحات نتنياهو وعدم دعمه حل دولتين للصراع في الشرق الأوسط. وهاجم الرئيس الفلسطيني محمود عباس بشدة رئيس الوزراء الإسرائيلي الجديد قائلا “نتنياهو لا يؤمن بالسلام وحل الدولتين ولا بالاتفاقيات الموقعة ولا يريد أن يوقف الاستيطان، وهذا شيء واضح”. كما دعا عباس إسرائيل إلى الالتزام بواجباتها الواردة في خريطة الطريق، قائلا إن “الكرة الآن في ملعب أميركا وأوروبا وإسرائيل، ونحن يجب علينا أن نعمل أكثر وأكثر”.
خطاب نتنياهو
ولدى عرض حكومته على الكنيست مساء الثلاثاء الماضي، أعرب نتنياهو عن اعتقاده بإمكانية تحقيق السلام مع الفلسطينيين. وقال في جلسة الكنيست التي حفلت بالمقاطعات من جانب النواب العرب واليساريين “أقول للقيادة الفلسطينية إذا كنتم تريدون السلام بحق فبالإمكان الوصول للسلام”. كما عرض التفاوض مع السلطة الفلسطينية على “ثلاثة مسارات الاقتصادي والأمني والدبلوماسي”.
وذكر نتنياهو أنه يريد أن تركز المحادثات على تقوية الاقتصاد الفلسطيني في الضفة الغربية بدلا من القضايا المتعلقة بالأرض التي قال إنها عرقلت تحقيق تقدم نحو التسوية. كما قال إن “من يريد السلام عليه محاربة الإرهاب، وعلى الفلسطينيين محاربة التطرف الإسلامي والاعتراف بدولة إسرائيل، وإذا أراد الفلسطينيون سلاما حقيقيا فإن هذا ممكنا”. ويتضمن اتفاق تشكيل الائتلاف الملزم لجميع الأحزاب المشاركة فيه تعهدا باحترام الاتفاقات الدولية التي وقعتها إسرائيل، وهي صيغة تشمل اتفاقات تدعو لإقامة دولة فلسطينية.
تحذير من إيران والإسلام
من جهة ثانية، شن نتنياهو (٥٩ عاما) هجوما شديدا على إيران وعلى ما سماه “الإسلام المتطرف” بسبب “تهديدهما لوجود إسرائيل”. وقال في إشارة غير مباشرة إلى إيران إن “الخطر الأكبر على الإنسانية وعلى دولتنا ينبع من إمكانية أن يسلح نظام متشدد نفسه بأسلحة نووية”. كما اعتبر أن ما سماها الأزمة الأمنية العالمية نابعة من صعود وانتشار ما قال إنه تطرف إسلامي في جميع أنحاء العالم. وأضاف أن “التطرف الإسلامي ليس مشكلة إسرائيل فقط وإنما هو مشكلة الدول العربية، لأن التطرف الإسلامي يتطلع إلى التسبب بانهيار أنظمتها وإقامة أنظمة راديكالية مكانها”. يذكر أن الخطوط العريضة لحكومة نتنياهو تقضي بإسقاط حكومة حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في قطاع غزة بموجب الاتفاق الائتلافي بين حزبي الليكود و”إسرائيل بيتنا”.
وقد عرض نتنياهو -الذي يعود إلى السلطة بعد عشر سنوات من خروجه منها عقب خسارته انتخابات عامة- قائمة أعضاء حكومته التي تضم في منصب وزير الخارجية القومي المتطرف أفيغدور ليبرمان. كما قال نتنياهو إن إسرائيل لن تسمح لإيران بصنع أسلحة نووية.
من جهة ثانية ألقت وزيرة الخارجية المنصرفة رئيسة المعارضة المقبلة تسيبي ليفني خطابا شنت فيه هجوما شديدا على نتنياهو وحكومته الجديدة التي وصفتها بأنها حكومة منتفخة بوزراء لشؤون “لا شيء”، في إشارة إلى أن الحكومة تضم ثلاثين وزيرا وسبعة نواب وزراء.
وقد منح البرلمان الإسرائيلي حكومة بنيامين نتنياهو الجديدة -التي يغلب عليها اليمينيون- الثقة بعد مناقشة استمرت ست ساعات. وأيد ٦٩ من أعضاء الكنيست المؤلف من ١٢٠ الحكومة واعترض عليها ٤٥ نائبا وامتنع خمسة عن التصويت.
ليبرمان
من جهته، اعلن ليبرمان الاربعاء الماضي ان اسرائيل غير ملزمة بالاتفاق الذي تم التوصل اليه خلال مؤتمر السلام في انابوليس في تشرين الثاني (نوفمبر) ٢٠٠٧ حول قيام دولة فلسطينية. واقتراح السلام على سوريا مقابل السلام من دون انسحاب من الجولان، ووصف قطر بأنها دولة متطرفة وشكك بكون العراق دولة. وقال ليبرمان خلال مراسم تسلم مهامه من الوزيرة السابقة تسيبي ليفني في وزارة الخارجية “ليس هناك سوى وثيقة وحيدة تلزمنا وهذه الوثيقة ليست مؤتمر انابوليس.. بل خارطة الطريق”. وتابع “ان الحكومة الاسرائيلية والكنيست (البرلمان) لم يصادقا يوما على انابوليس”.
ليبرمان |
وتابع ليبرمان “أنا جدا مؤيد للسلام مع سوريا ولكن على أساس السلام مقابل السلام. ومن دون أي انسحاب من هضبة الجولان”. واعتبر أن قطر دولة متطرفة وأن العراق مشكوك في أنه دولة. ومع ذلك أشار إلى مصر، قائلا “الجميع يسألني عما سيحدث مع مصر. مصر كانت في زمن آبائنا، وهي ستبقى على ما يبدو في زمننا. وأنا دوما أحترم الآخرين وأطالبهم باحترامنا. وكل ذلك على قاعدة التبادلية”. وأشار إلى أن لمصر “دورا هاما واستقراريا في المنطقة”. وقال إنه معني بزيارة القاهرة واستضافة مسؤولين مصريين في وزارة الخارجية.
وفي نهاية خطابه اقتربت منه ليفني وقالت له إن “خطابك أثبت لي أنني فعلت الصواب عندما لم أنضم للحكومة”. تجدر الإشارة إلى أن ليفني بذلت أقصى الجهد لإقناع ليبرمان بالانضمام إلى حكومة ترأسها هي لكنه في النهاية مال لتأييد نتنياهو.
وأثار خطاب ليبرمان ردود فعل عديدة في إسرائيل وخارجها. لكن وزير الخارجية الجديد عاد في وقت لاحق لتأكيد تمسكه بكل حرف قاله.
وقال، للتلفزيون الإسرائيلي، إن “خطابي أعد من أجل التأكيد صراحة على أن سياسة إسرائيل تغيرت. وأنا أضع الأوراق على الطاولة. هذه هي الحقيقة ولا شيء سواها”.
Leave a Reply