ديترويت – بعد رفع دعاوى مماثلة ضد العديد من المدن الأميركية لعدم احترام الخصوصية الدينية للحجاب لدى النساء المسلمات، لجأت امرأة عربية أميركية، الأسبوع المنصرم، إلى مقاضاة بلدية ديترويت ودائرة السجون في ولاية ميشيغن، بدعوى انتهاك حقوقها المدنية من خلال إجبارها على خلع الحجاب لالتقاط صورة شخصية لها، أثناء توقيفها في مركز احتجاز بمدينة ديترويت، العام الماضي.
ويمثل «مجلس العلاقات الأميركية الإسلامية» (كير) المدعية زينب شعبان (36 عاماً) في القضية التي رفعت أمام المحكمة الفدرالية بديترويت، الثلاثاء الماضي.
وأشارت الدعوى إلى أن شعبان اشتبكت مع زوجها السابق بملاسنة حول حضانة أطفالهما، وتطور الأمر إلى عراك بينهما، مما أدى إلى سقوطهما معاً من شرفة منزل طليقها، في 30 نيسان (أبريل) 2019، مشيرة إلى أن الزوجين السابقين اتصلا بالشرطة، ولكنها لم تحضر إلى مكان الحادث.
وكانت شعبان قد استصدرت –قبيل تلك الحادثة– أمراً قضائياً بمنع زوجها من الاقتراب منها. وبعد عدة أسابيع، قامت الشرطة باعتقالها أثناء قيادة سيارتها قرب منزلها، وفقاً للدعوى، التي أشارت إلى أن الشرطي الذي قام بتوقيفها أعاد سيارتها إلى المنزل، ووضع مفاتيحها في صندوق البريد.
ولدى الوصول إلى «مركز الاحتجاز» التابع لحكومة الولاية على العنوان 17601 شارع ماوند، أصرت الشرطة على أن تقوم شعبان بخلع حجابها من أجل التقاط صورة شخصية لها لتضمينها في وثائق الاحتجاز، رغم اعتراض المرأة المسلمة على ذلك لتعارضه مع معتقداتها الدينية.
وتشير وثائق القضية إلى أن أحد عناصر الشرطة خيّرها بين نزع حجابها أو النوم في الزنزانة بدون فراش أو غطاء.
المحامية آيمي دوكور التي تتولى الدعوى نيابة عن شعبان أمام المحكمة الفدرالية بديترويت، أوضحت أن الدستور الأميركي يحمي الحقوق الدينية للأفراد، وأن دائرة السجون في ميشيغن «لا تأخذ بعين الاعتبار تلك الحقوق في إجراءاتها المعتمدة»، لافتة إلى أن محاولات الوصول إلى مسؤولي بلدية ديترويت ودائرة السجون بشأن السياسات المتبعة في التقاط صور المحجبات، لم تتكلل بالنجاح.
واعتبرت دوكور أن تخيير شعبان بين نزع حجابها أو النوم في زنزانتها بدون فراش أو أغطية، ينطوي على تهديد لإجبارها على التنازل طواعية عن حقوقها الدينية، وقالت: «إن هذا النوع من السلوك يعتبر إجراء عقابياً، وهذا تمييز وانتهاك للحقوق المدينة والدستورية، ولأحكام القانون كذلك».
الدعوى المؤلفة من 17 صفحة، أكدت أن المشكلة لا تنحصر في إجبار شعبان على خلع حجابها أمام رجال غرباء، وإنما في إجبارها أيضاً على ارتداء سوار يحمل صورتها وهي مكشوفة الشعر، منوهة بأن «المحجبات يرتدين الحجاب بحضور الذكور غير الأقارب».
وأوضحت بأن الصورة الملتقطة لشعبان متوفرة حالياً في بيانات وكالات إنفاذ القانون، وأنه يمكن الحصول عليها بموجب «قانون حرية المعلومات» (فويا)، مؤكدة أن إتاحة الحصول على تلك الصورة يضاعف من انتهاك الحقوق الدينية لموكلتها.
وفي هذا السياق، قالت دوكور: «ليس من قبيل المبالغة القول إن إجبار امرأة على خلع حجابها أمام الرجال، وتصويرها، وإلباسها سواراً يحمل تلك الصورة أمام جميع الموجودين في ذلك المكان، هو أشبه بجعل شخص يتجرد من ملابسه.. وإتاحة الفرصة أمامهم لكي يشاهدوا تلك الصورة».
ووفقاً للسجلات، كانت شعبان قد واجهت ثلاث تهم في أعقاب حادث أبريل، تضمنت اتهامها بالإضرار الكيدي بمنزل زوجها السابق، والاعتداء بسلاح خطير، والعنف المنزلي، وقد أسقطت التهم الثلاث في محاكمة أمام هيئة محلفين في آب (أغسطس) العام الماضي.
وتسعى الدعوى المرفوعة أمام المحكمة الفدرالية بديترويت إلى استصدار حكم يقيّد السياسات الحكومية المتبعة في التقاط صور المحجبات ومنع دائرة السجون بمشيغن من مطالبة الموقوفات المسلمات بخلع الحجاب، كما أنها تطالب بتعويض شعبان عن الأضرار التي لحقت بها جراء انتهاك حقوقها الدينية.
من جانبه، أكد محامي بلدية ديترويت لورانس غارسيا، في بيان، أن بلدية ديترويت لم تلتقط تلك الصورة، وأن دائرة الشرطة في المدينة ليست هي الجهة التي قامت بتصوير شعبان باعتبار أن مركز الاحتجاز يتبع لشرطة الولاية، وقال: «لا علاقة لبلدية ديترويت بهذه القضية، وسوف نطلب إسقاط اسمها من الدعوى».
في المقابل، أكد المتحدث باسم دائرة السجون بميشيغن، كريس غاوتز، أن صورة شعبان ليست بحوزة الدائرة، إنما هي لدى شرطة ديترويت، رافضاً الإدلاء بأي تعليق إضافي حول القضية.
والجدير بالذكر أن عدة مدن في ولاية ميشيغن اضطرت إلى وضع بروتوكولات خاصة لتوقيف النساء المحجبات، مثل ديربورن وديربورن هايتس، بعد رفع دعاوى مماثلة ضدها خلال السنوات القليلة الماضية.
Leave a Reply