شكاوى عديدة، نعيشها ونسمعها ونلاحظها، وتتكرر تقريباً في كل اجتماع عائلي أو عام، سواء من الأهل أو من فتيات فاتهن قطار الزواج بسبب الأهل أو التقاليد أو أسلوب الحياة في الغرب.
من ناحية الأهل هناك لائحة لابد من تطبيقها، واهم بنودها ان يتمتع العريس بإمكانيات مادية معينة، ويحمل شهادة عالية، أو على الأقل يشغل وظيفة محترمة، ومن الأفضل أن يملك ثروة، لا يهم من أين. هذه اللائحة تجدها في أغلب صالونات بيوت الأسر والعائلات وما أن يدخل العريس الى الصالون حتى يبدأ فحص مواصفاته ومطابقتها على شروط اللائحة، فإذا لم تنطبق كلها، او بعضها، رفضوه بأدب وفي كثير من الأحيان يقولون له “باي”، بقلة أدب.
/
فات القطار إحدى الفتيات، بسبب مواقف أهلها، ولما بلغت سن الثلاثين وأوشكت على اليأس من الزواج، قبلت الارتباط برجل مغترب يكبرها بحوالي عشرين سنة. ولم تكن هذه مشكلتها الأساسية، فالمشكلة إنه مطلّق وله خمسة أولاد، ومن البداية أفهمها إنه لا يريد أن ينجب مرة اخرى. وأفهمها أيضاً بمنتهى الصراحة والوضوح أنه ينوي الزواج للزواج فقط، وإنه ليس لديه استعداد لمشاكل جديدة مع الأولاد وقبلت شروطه على مضض.
وبعد إجراء المعاملات استقرت معه في أميركا. وكان كريماً وشهماً معها، أسكنها في بيت فسيح وجعلها تعيش حياة رفاهية، هذا بالإضافة الى كونها هي أصلاً من عائلة ثرية.
وكان أولاده يعيشون في ولاية أخرى مع والدتهم، المطلّقة، لذلك كان يزورهم كلما اتسع وقته للزيارة.
بعد ست سنوات من محاولتها إقناعه بالسماح لها بالإنجاب ورفضه القاطع. طلبت الطلاق فلم يقبل. حاول تعويضها بالسفر والهدايا، ولكن بداخلها كان تشعر ان سنواتها الخضر تمر دون ان تحقق الحلم الأزلي في قلب أي امرأة، وهي الأمومة.
بدأت تناكفه وتضايقه ولم يهتم لذلك.. وراح يهجرها لأيام ولأسابيع ثم يعود ويجبرها على معاشرته ثم يغادر البيت كأنه كان في “أوتيل” وقد دفع ثمن الإقامة فيه.
كانت وحيدة وتعيسة وضائعة. وكل وصفات ونصائح أهلها وأصدقائها بالصبر كانت لا تجدي. وتعرفت من خلال “الفيسبوك” على شاب يكبرها بسنوات قليلة ومن خلال الحديث معه بالساعات والأيام استطاع أن يملأ الفراغ النفسي الذي تركه الزوج الهارب. وعندما عرف بظروفها طلب منها أن تصر على الطلاق، وقال لها إنه، وبعد طلاقها، على استعداد للزواج منها.
في عيد زواجها الثامن أعطت زوجها الفرصة الأخيرة، إما الطلاق أو الإنجاب. وعلى مضض وافق الزوج على أن يسمح لها بفرصة الإنجاب، فأنهت علاقتها بالشاب.
وبعد عام من المحاولات لم تحمل، فلجأت للأطباء، وبعد الفحوصات والإشعاعات قالوا لها إن تأخرها بالإنجاب وموانع الحمل المتنوعة التي استعملتها، جعلت الأمل في الإنجاب ضيئلاً جداً، هذا إذا لم يكن مستحيلاً.
التقيتها في عيادة أحد الأطباء، وبدون سابق معرفة، وبجسد مرتعد ودموع لا تتوقف حكت لي مأساتها، فلقد فقدت شبابها وحبها وزواجها وصحتها وأهم شيء، أمومتها، كل ذلك لأن أهلها وضعوها بالمخزن حتى انتهت مدة صلاحيتها، وعندما سمحوا لها بالعرض على الناس، لم يقبل شراءها إلا رجل أراد إشباع غريزته، وعندما سمح لها بالإنجاب، كان قد فات الأوان…
Leave a Reply