بغداد – يمكن اختصار نتائج انتخابات مجالس المحافظات في العراق بأن الناخبين الشيعة اختاروا القومية والامن وليس الدين في الانتخابات المحلية ليدعموا بذلك حلفاء رئيس الوزراء في انتخابات يمكن أن تعطيهم اليد العليا في الانتخابات البرلمانية التي تجري في وقت لاحق هذا العام.فقد أعلنت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات في العراق الخميس الماضي النتائج الأولية لانتخابات مجالس 14 من المحافظات العراقية الـ18، وسط تقدم كبير للائحة يتزعمها رئيس الوزراء نوري المالكي في معظم المحافظات، وفي ضوء تغير كبير للخارطة الانتخابية في جميع أنحاء العراق. ووفقا لنتائج جزئية تمثل 90 بالمئة من الأصوات المدلى بها، سيطرت لائحة «ائتلاف دولة القانون» التي يتزعمها المالكي على بغداد وجميع محافظات الجنوب التسع، باستثناء كربلاء التي فازت فيها لائحة مستقلة بزعامة يوسف الحبوبي. وخسرت لائحة شهيد المحراب التي يقودها عبد العزيز الحكيم جميع المحافظات التي كانت تسيطر عليها سابقا والتي كانت تشمل سبعا من أصل تسع محافظات بجنوب العراق. وحصلت لائحة المالكي في بغداد على نحو 83 بالمئة من أصوات الناخبين، في حين حصل كل من تيار الأحرار المستقل (المدعوم من التيار الصدري) ولائحة التوافق بقيادة الحزب الإسلامي على نحو 9 بالمئة. أما لائحة القائمة الوطنية العراقية بزعامة إياد علاوي فقد فازت بنحو 5,5 بالمئة.تغير الخارطةوفي الوسط والشمال تغيرت الخارطة الانتخابية أيضا، ولم يحظ أي حزب بالسيطرة المطلقة، حيث فقد الحزب الإسلامي سيطرته على محافظة الأنبار، ولم يرد اسمه ضمن الفائزين بأي مقعد رغم كونه أعلن مبكرا فوزه بالانتخابات هناك. ووفق النتائج المعلن عنها فقد حل المشروع الوطني بزعامة صالح المطلك أولا بحصوله على نحو 18 بالمئة، يليه تحالف الصحوات، ثم تحالف المثقفين ورجال العشائر. وفازت جبهة التوافق التي يسيطر عليها الحزب الإسلامي بمحافظتي ديالى وصلاح الدين، في حين سيطرت قائمة الحدباء المؤلفة من شخصيات وقوى سياسية عربية على نحو 48 بالمئة من الأصوات في محافظة نينوى التي خسر التحالف الكردي سيطرته عليها بعدما حصل على أكثر بقليل من 25 بالمئة من الأصوات. وقاطع معظم السكان العرب في نينوى الانتخابات الماضية عام 2005.اتهامات بالتزويرعلى صعيد ذي صلة قال مسؤولو المفوضية إنهم يدرسون شكاوى وصفت بالخطيرة بشأن التلاعب بنتائج الانتخابات في محافظة الأنبار، وذلك في أعقاب اتهامات وجهها رئيس مؤتمر الصحوة إلى مكتب المفوضية في المحافظة قال فيها إن تلاعبا بنتائج الانتخابات قد حدث لصالح الحزب الإسلامي العراقي. ونددت جماعة علماء ومثقفي العراق بـ«عمليات التزوير» التي شهدتها انتخابات مجلس محافظة الأنبار، واتهمت الحزب الإسلامي «باتباع أساليب غير شريفة للاستحواذ على أصوات الناخبين والهيمنة من جديد على مقاعد مجلس المحافظة».وطالبت الجماعة في بيان أصدرته بعد الإعلان عن النتائج بالحفاظ على صناديق الناخبين الأصلية في محافظة الأنبار وإعادة فرز الأصوات فيها من جديد، و«محاسبة المزورين وأصحاب النفوذ من أعضاء الحزب الإسلامي الذين استغلوا وجودهم في مواقع المسؤولية في الإدارات الحكومية ومفوضية الانتخابات في المحافظة وحرفوا النتائج لمصلحة مرشحي حزبهم، واستبعاد مرشحي الجماعة والقوائم والكيانات الأخرى بطرق غير شرعية». ولم يذكر المسؤولون في المفوضية أي معلومات عن مصير هذه الشكاوى أو أسباب عدم ورود اسم الحزب الإسلامي في قوائم النتائج بهذه المحافظة.المالكيمن ناحيته دعا رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي فى ختام لقائه المرجع الشيعي الاعلى اية الله علي السيستاني في النجف الأربعاء الماضي، الى تشكيل ائتلافات في مجالس المحافظات وقبول نتائج الانتخابات، وقلل من اهمية اية خروقات في العملية الانتخابية معتبرا انها قليلة جدا ولا تؤثر على النتائج.وقال المالكي للصحافيين «لا بد ان يتعاون ابناء البلد من اجل افضل ادارة وعدم الاستئثار وعدم التهميش والالغاء. لذا، فإن مبدأ الائتلافات سيكون قائما». وتابع «اجتزنا الانتخابات بنجاح كبير وسلامة من الناحية الأمنية والمشاركة كانت جيدة والنتائج ستكون ايضا جيدة. لكن، لا نريد للتغيير ان يفجر صراعات بل ان يتم التعاطي معه بشفافية وقبول للنتائج».وربما يكون تحقيق أنصار المالكي نجاحات كبيرة ايذانا بتحول كبير في السياسة العراقية بعيدا عن الهوية الدينية ليسحبوا البساط من تحت أقدام المجلس الاعلى الاسلامي العراقي اقوى جماعة شيعية بالعراق.وأدار المجلس الاعلى الاسلامي العراقي حملة دينية صريحة مستغلا طقوسا شيعية فضلا عن قربه المتصور من المرجعية الشيعية التي يقودها رجل الدين البارز اية الله العظمى علي السيستاني على الرغم من رغبته في السمو فوق الخلافات السياسية. وخسائر المجلس الاعلى الاسلامي العراقي نذير شؤم له قبل الانتخابات البرلمانية المقرر اجراؤها في وقت لاحق هذا العام مما يثير مخاوف بشأن خطوته التالية.

Leave a Reply