ليفونيا
بعد النتائج اللافتة التي حقّقتها مرشحة حزب الخضر للرئاسة الأميركية، جيل ستاين، في المدن ذات الكثافة العربية الأميركية بولاية ميشيغن خلال انتخابات 2024، تم مؤخراً انتخاب الناشط اللبناني الأصل وسام شرف الدين –الذي لعب دوراً حيوياً في حملة ستاين– لشغل عضوية اللجنة الوطنية للحزب، كأول عربي أميركي يتولى مثل هذا المنصب الرفيع في الحزب الذي تأسس عام 1984.
ويأتي انتخاب شرف الدين بمثابة مؤشر واضح على تنامي دور العرب والمسلمين الأميركيين في حزب الخضر الذي يسعى إلى توسيع المشاركة والتمثيل السياسي خارج أطر النظام السياسي التقليدي القائم على ثنائية الحزبين الديمقراطي والجمهوري.
وتمّ انتخاب شرف الدين عبر عملية ديمقراطية بمشاركة أكثر من مئتي مندوب للحزب في عموم الولايات الأميركية لاختيار أعضاء اللجنة التوجيهية الوطنية GPUS، التي تمثل الهيئة القيادية المركزية للحزب، والتي يُناط بها الإشراف على العمليات اليومية، وتنسيق اللجان الوطنية وضمان التزام الحزب بقيمه الأساسية المتمثلة في الديمقراطية الشعبية والعدالة الاجتماعية والحكمة البيئية ونبذ العنف.
وُينتخب جميع أعضاء اللجنة المؤلفة من سبعة رؤساء مشاركين وأمين للسر وأمين للصندوق لولاية مدتها سنتان قابلة للتجديد لمرة واحدة فقط، وذلك بغية تعزيز دور القيادات الصاعدة في رسم وتنفيذ السياسات والرؤى الحزبية، بحسب اللوائح الداخلية للحزب الذي تم الاعتراف به لأول مرة رسمياً كحزب سياسي وطني في عموم الولايات المتحدة عام 2001.
ويأتي انتخاب شرف الدين في وقت تتزايد فيه خيبة أمل العرب والمسلمين الأميركيين من سياسات الحزبين الديمقراطي والجمهوري وتواطؤهما حيال الأحداث الدموية في منطقة الشرق الأوسط وحول العالم، لاسيما في لبنان وقطاع غزة، وقد انعكس ذلك بحصول ستاين على ١٨ بالمئة من أصوات الناخبين في ديربورن و١٥ بالمئة في ديربورن هايتس خلال سباق الرئاسة الأخير، ما يؤكد بأن اختيار شرف الدين لعضوية الهيئة القيادية لحزب الخضر ليس مجرد «تحديث» سياسي، بل رمزٌ للتحول السياسي والشعبية المتزايدة للحزب في أوساط العرب والمسلمين الأميركيين.
وفي الإطار، اعتبر شرف الدين المقيم في مدينة ليفونيا حيث يقيم صالوناً ثقافياً شهرياً، بأن انتخابه «مكتسب جماعي لكافة العرب والمسلمين الأميركيين وتقدم نحو الأمام»، وقال: «أحمل معي في موقعي الجديد آمال مجتمعنا وآمال الأطفال في غزة وأوكرانيا، وفي كل مكان يعاني من القمع».
ويتبنى شرف الدين خلال مهمته الجديدة –بحسب ما أفاد لصحيفة «صدى الوطن»– أجندةً واضحةً تنطلق من ثلاث أولوياتٍ أساسية، وهي: توسيع قاعدة العضوية والمساهمات الشعبية لضمان استدامة الحزب ونموه، وتعزيز العلاقات الدولية مع الحركات الخضراء في مختلف أنحاء العالم بهدف بناء تضامنٍ مشترك واستراتيجية سياسية عابرة للحدود، بالإضافة إلى إعادة صياغة خطاب الحزب بما يجعله أكثر قرباً من تطلعات الشباب بمختلف توجهاتهم السياسية، من خلال التركيز على قضايا العدالة المناخية ومناهضة الحروب والحقوق الرقمية والتصدي لكافة أنواع الظلم المعاصرة.
وأوضح شرف الدين، الذي أصدر العديد من المؤلفات السياسية والاجتماعية والبرامج الإذاعية، بأن رؤيته تجمع بين الواقعية والطموح، وتهدف إلى إحياء روح الحزب وتفعيل دوره كقوةٍ سياسية بديلة، خصوصاً في بيئةٍ غالباً ما تُعيقها البيروقراطية والانقسامات الداخلية، لافتاً إلى أن اختياره لتولي هذا المنصب القيادي يُرسل رسالةً واضحة إلى الأجيال الجديدة من العرب والمسلمين الأميركيين بأن لهم مكاناً في السياسة كصانعي قرارٍ قادرين على قيادة التغيير، وليس مجرد ناخبين أو متفرجين على التداعيات الكارثية للعنصرية والإسلاموفوبيا والتهميش السياسي.
وأكد شرف الدين أن اللجنة المركزية للحزب تعقد اجتماعاتها الدورية بشفافية كاملة، لافتاً إلى أن جميع الاجتماعات يتم بثها كاملةً، مباشرة عبر الإنترنت.
ولفت شرف الدين إلى تنامي شعبية حزب الخضر في منطقة ديربورن ذات الكثافة العربية، والتي شهدت خلال العامين الأخيرين مشاركة رئيسة الحزب، الدكتورة جيل ستاين، في عديد التظاهرات والفعاليات المؤيدة لحقوق الشعب الفلسطيني ومواجهة السرديات الإسرائيلية والأميركية التي تجاهد للتملص من مسؤولياتها بارتكاب جرائم الإبادة وحملات التطهير العرقي في قطاع غزة، مؤكداً على أن المجتمع العربي في منطقة ديترويت، شكّل نموذجاً «جديداً للقيادة السياسية الأخلاقية التي لا تساوم على المبادئ، وتربط بين النضالين: المحلي والعالمي».
وقال إنه مع موقعه الجديد أكسب ديربورن، ومعها المجتمع العربي والمسلم، أكثر من مجرد مقعد في قيادة حزب، مضيفاً: «لقد كسبت صوتاً ورؤيةً واتجاهاً. وهذا ليس نهاية المطاف، بل بدايةُ مرحلةٍ جديدة تستحق البناء والتوسع والعمل الجماعي».
وفي بيان له، أعرب شرف الدين عن تواضعه لإشراكه في قيادة الحزب، وقال: «يشرفني للغاية انتخابي لعضوية اللجنة التوجيهية لحزب الخضر.. شكراً لكم على ثقتكم بي، هذا ليس مجرد إنجاز شخصي، بل هو خطوة جماعية نحو بناء الحزب الذي نؤمن به، وشهادة على الشمولية واحتضان التنوع وتمكين المجتمعات الجديدة، فضلاً عن المساواة في التمثيل داخل الحزب».
Leave a Reply