بعد أسبوع واحد على فوز العربية الأميركية رشيدة طليب بالسباق الديمقراطي في انتخابات الكونغرس الأميركي عن الدائرة 13 في ولاية ميشيغن، وتأهلها كأول عربية ومسلمة لدخول مبنى الكابيتول بواشنطن، سجلت العربية الأميركية إلهان عمر –الثلاثاء الماضي– نصراً مماثلاً للديمقراطيين في الدائرة الخامسة بولاية مينيسوتا، مضيفة بذلك إنجازاً جديداً للعرب والمسلمين الأميركيين في المعترك السياسي بالولايات المتحدة.
وقد تمكنت الصومالية الأصل من هزيمة خمسة منافسين من الديمقراطيين في السباق لعضوية مجلس النواب الأميركي، حيث حصدت 48 بالمئة من أصوات الناخبين، ما يعزز فرصها بالوصول إلى الكونغرس في تشرين الثاني (نوفمبر) القادم، رغم وجود منافس جمهوري لها في الدائرة ذات الأرجحية الزرقاء.
عمر، التي فرت مع عائلتها من جحيم الحرب الأهلية في وطنها الأم، كانت قد دخلت التاريخ كأول مشرّعة مسلمة محجبة في مجلس نواب مينيسوتا في 2016، وفي حال فوزها في الانتخابات العامة القادمة، فسوف تكون أول مشرّعة محجبة تحت قبة الكابيتول.
وبغض النظر عن المعاني الدينية والرمزية الاجتماعية للحجاب، فسوف تساهم هذه السياسية الصاعدة –بلا شك– في تغيير مواقف الكثير من الأميركيين الذين يعتبرون الحجاب حاجزاً يحول بين المرأة المسلمة والمشاركة السياسية والاجتماعية، خاصة في ظل الخطاب المتصاعد للإسلاموفوبيا بالولايات المتحدة، والذي كانت عمر نفسها إحدى ضحاياه حين تعرضت بسبب حجابها وبشرتها السمراء إلى المضايقة والضرب خلال تجمع حزبي للديمقراطيين في 2014.
وفي حال فوزها بتمثيل مقعد الدائرة الخامسة، ستخلف المهاجرة الصومالية النائب الأميركي كيث أليسون، الذي كان أول مسلم ينتخب لعضوية الكونغرس، والذي قرر عدم الترشح للاحتفاظ بمنصبه مفضلاً دخول السباق على منصب المدعي العام في الولاية، وقد سجل –بدوره– انتصاراً ساحقاً في الانتخابات التمهيدية.
في السياق ذاته، كانت الفلسطينية الأصل رشيدة طليب قد فازت –الثلاثاء قبل الماضي– بالانتخابات التمهيدية لمجلس النواب الأميركي عن الدائرة 13 في ميشيغن. ومن المرجح أن تدخل كلتا المرشحتين مبنى الكابيتول في نوفمبر القادم، وقد أعربت طليب عن أملها في عيش تلك اللحظة، حيث غردت على صفحتها على «تويتر»، قائلة: «لا أستطيع الانتظار حتى نمشي معاً على أرضية الكونغرس الأميركي.. أنا فخورة جداً بك».
التاريخ لا يكف عن تقديم المفاجآت، وربما يمنّ علينا بنصر آخر في سباق آخر، ففي ولاية كاليفورنيا يخوض العربي الأميركي عمار نجار سباقاً لافتاً، سعياً للفوز بتمثيل الدائرة 50 في ولاية كاليفورنيا بمجلس النواب الأميركي، ضد منافسه الجمهوري، النائب الحالي عن الدائرة دونكان هانتر.
وكان نجار قد نال مؤخراً دعم الرئيس السابق باراك أوباما، وقد أظهر استطلاع للرأي نشر مؤخراً –وقبل نيل تأييد أوباما– تقدمه بتسع نقاط على هانتر الذي يخضع حالياً للتحقيق من قبل «مكتب التحقيقات الفدرالي» (أف بي آي) بزعم إساءة استخدام أموال حملته الانتخابية.
وإذا ما ربح نجار –المولود لأب فلسطيني وأم مكسيكية– الانتخابات العامة في نوفمبر القادم، فسوف يضاف نصر ثالث إلى قائمة إنجازات العرب والمسلمين الأميركيين، والتي يبدو معها أن 2018 عاماً مبشراً بشكل غير مسبوق.
لقد أثبت المرشحون العرب والمسلمون الأميركيون أنهم قادرون على إطلاق حملات انتخابية ناجحة وملفتة، وأنهم متمكنون من إيصال رسائلهم وإلهام ناخبيهم، كما أثبتوا قدرتهم على جمع الأموال الطائلة، والأهم.. الفوز في الانتخابات التي يخوضونها، أو التنافس المشرّف في أسوأ الأحوال، كما هو الحال مع المرشح الديمقراطي عبدول السيد والمرشحة لعضوية الكونغرس فيروز سعد.
الأبرز في هذا السياق، أن تسجيل مثل هذه الإنجازات قد تم في عهد الرئيس دونالد ترامب الذي شن خلال حملته الانتخابية الرئاسية في 2016 حملة كراهية ضد العرب والمسلمين والسود والمكسيكيين والنساء. وهذه الانتصارات هي الرد العملي على سياسات الكراهية والتمييز والتقسيم. وللسبب نفسه قرر عدد غير مسبوق من العرب والمسلمين ناهز الـ90 مرشحاً دخول حلبات السباق في جميع أنحاء البلاد، وفي مختلف أنواع السباقات، المحلية والوطنية.
ولا شك بأن ترامب ومؤيدي سياساته قد اعتقدوا على نحو خاطئ بأن أبناء المجتمعات المستهدفة سينكفئون على أنفسهم ويتقوقعون داخل مجتمعاتهم بعد وصوله إلى سدة الرئاسة، أو ربما «يضبضبون» أغراضهم ويقررون العودة إلى البلدان التي جاؤوا منها!
ولكن ما حدث، كان مفاجئاً للجميع، فقد انبرى الكثيرون من أبناء هذه المجتمعات على قبول التحدي الوطني والدستوري، وقرروا دخول المعترك السياسي والدخول في مجال الخدمة العامة، وكان قرارهم على عكس ما يتمنى المتعصبون والمتطرفون في الولايات المتحدة، فبدلاً من حزم حقائبهم للعودة إلى بلدانهم، قرروا التوجه إلى عرين السياسة الأميركية، العاصمة واشنطن، ليكونوا صوتاً لمجتمعاتهم!
الانتصارات التاريخية للعرب والمسلمين تتوالى.. وهذه ليست إلا البداية فقط!
Leave a Reply