ديربورن
أصبح بإمكان الناخبين في ولاية ميشيغن طلب بطاقة الاقتراع الغيابي عبر البريد، للإدلاء بأصواتهم في الانتخابات المحلية المقررة يوم الرابع من تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل، والتي ستشهد سباقات بلدية واستفتاءات متنوعة في العديد من مدن وبلدات الولاية، بما فيها ديربورن، حيث يخوض رئيس بلدية ديربورن عبدالله حمود معركة إعادة انتخابه بمواجهة المرشح الجمهوري الهوى، ناجي المدحجي، الذي تأهل مباشرة إلى الجولة النهائية من السباق لعدم وجود أي مرشح آخر في السباق.
وبدأ الناخبون في ديربورن، الأسبوع الماضي، بطلب وتلقي بطاقات الاقتراع الغيابي للمشاركة في الانتخابات المحلية التي ستشهد أيضاً، سباقاً بين 13 مرشحاً على مقاعد مجلس المدينة السبعة، وسباق الكليرك بين الكليرك الحالي جورج ديراني ومنافسه سامي الهادي، بالإضافة إلى استفتاء عام حول تقسيم المدينة إلى سبع دوائر انتخابية.
حمود .. خبرة وإنجازات
يتمتع حمود (35 عاماً) بأفضلية واضحة على منافسه في سباق رئاسة البلدية، مستنداً إلى خبرته في الشأن العام وأدائه المميز في إدارة المدينة حيث حقق سلسلة من الإنجازات الكبيرة خلال السنوات الأربع الماضية. في المقابل، يعوّل المدحجي (50 عاماً) بشكل كبير على أصوات الجمهوريين وأنصار الرئيس الأميركي دونالد ترامب، وهو ما ظهر بوضوح منذ اليوم الأول لإعلان ترشحه، حيث حضر عدد من السياسيين والناشطين الجمهوريين للمناسبة التي افتُتحت على وقع أنغام أغنية «بارك الله الولايات المتحدة» التي يستخدمها ترامب في مختلف فعالياته الانتخابية والشعبية.
وبما أن أصوات الجمهوريين لن تكون كافية لإيصال المدحجي إلى سدة رئاسة البلدية، يراهن الناشط اليمني الأصل جزئياً على جذب أصوات الناخبين من أصول يمنية، لتعزيز حظوظه بمواجهة حمود الذي يحظى بشعبية واسعة في أوساط مختلف شرائح المجتمع المحلي، بمن فيهم اليمنيون الأميركيون.
وكان حمود قد فاز بسباق رئاسة البلدية لأول مرة عام 2021 بنيله 13,040 صوتاً مقابل 10,796 صوتاً لمنافسه في الجولة النهائية غاري وورنتشاك، علماً بأن رئيس البلدية اللبناني الأصل كان قد تصدر الجولة التمهيدية في شهر أغسطس من ذلك العام، بنيله 42 بالمئة من الأصوات بمواجهة ثلاثة مرشحين آخرين، هم: وورنتشاك (18.5 بالمئة) وسوزان دباجة (16.9 بالمئة) وتوماس تافيلسكي (14.8 بالمئة).
كذلك، يستند حمود إلى قائمة طويلة من الإنجازات التي تحققت في عهده، من ضمنها، إنشاء منتزهات جديدة وتعزيز الصحة العامة وسلامة المرور ومكافحة التلوث والحد من معدلات الجريمة وإطلاق مشروع تطوير شارع وورن ودعم الشركات الصغيرة، وغير ذلك من الإنجازات دون فرض أي زيادات ضريبية خلال سنواته في الحكم، التي شهدت إقرار ثلاث موزانات منضبطة مالياً.
حمود الذي شغل سابقاً عضوية مجلس نواب ولاية ميشيغن عن الحزب الديمقرطي ممثلاً مدينة ديربورن بين عامي 2017 و2021، نجح أيضاً في تأمين منح حكومية بقيمة 120 مليون دولار لتمويل مشاريع عديدة في المدينة، بالإضافة إلى تأسيس قسم الصحة العامة في البلدية وإطلاق برنامج Rx Kids الذي سيقدم مساعدات مالية للأمهات الحوامل والمواليد الجدد، وغيرها من المبادرات.
كذلك، كشف حمود مؤخراً عن نتائج دراسة استراتيجية موّلتها البلدية لفهم الأسباب الجذرية وراء فيضانات الأمطار المتكررة في المدينة، بالتوازي مع إنجاز إدارته لعدة مشاريع قصيرة وطويلة الأمد لحماية ممتلكات السكان من الفيضانات في المستقبل، عبر استثمارات تقدر بنحو 25 مليون دولار، بما في ذلك، زيادة المساحات الخضراء والحدائق التي تساهم في امتصاص مياه الأمطار، وإزالة العوائق من مجرى نهر الروج، وتركيب مضخات جديدة وتخصيص فرق لتنظيف شبكة تصريف الأمطار بشكل مستمر لضمان جاهزيتها أمام العواصف الشديدة.
والجدير بالذكر أن حمود من مواليد ديربورن، وقد تخرج من ثانوية «فوردسون» وحاز على شهادة بكالوريوس في علم الأحياء من «جامعة ميشيغن–ديربورن» وماجستير في الصحة العامة بتخصص علم الأوبئة وعلم الوراثة من «جامعة ميشيغن–آناربر» بالإضافة إلى ماجستير في إدارة الأعمال من «كلية روس» بالجامعة نفسها.
ماذا عن المدحجي؟
يفتقر المدحجي –الذي هاجر إلى الولايات المتحدة وهو في سن السادسة– لأية خبرة سياسية، إذ لم يسبق له خوض تجربة انتخابية سابقة أو تولّي أي منصب حكومي من قبل.
والمدحجي هو خريج ثانوية «فوردسون» أيضاً وحائز على بكالوريوس في الهندسة من «جامعة ميشيغن–ديربورن»، ويعمل حالياً كمدير لتكنولوجيا المعلومات في شركة مصنّعة لقطع غيار السيارات.
وبرز المهندس اليمني الأميركي ضمن موجة الاحتجاجات الشعبية المطالبة بحظر كتب المثلية الجنسية من المكتبات المدرسية في ديربورن عام 2022. ومنذ ذلك الحين، تبنّى المدحجي مواقف الحزب الجمهوري وانخرط في دعم حملة المرشحة الجمهورية لحاكمية ميشيغن في ذلك العام، تودور ديكسون، كما أعلن دعمه لحملة ترامب في العام الماضي، في حين امتنع حمود عن دعم أي مرشح في سباق البيت الأبيض 2024.
وحول برنامجه الانتخابي، يتبنى المدحجي العناوين التقليدية للمحافظين، والتي تشمل خفض الضرائب وتقليص الإنفاق وزيادة عديد الشرطة.
وكشف المدحجي عن برنامجه الانتخابي في مؤتمر صحفي عقده يوم السبت 20 أيلول (سبتمبر) المنصرم، أي بعد مرور نحو خمسة أشهر على إعلان ترشّحه في شباط (فبراير) الماضي، متعهداً بمكافحة انتشار الجريمة والقمامة والقيادة المتهورة على طرقات المدينة.
وخلال الفعالية التي أقيمت قبالة «مكتبه هنري فورد المئوية»، اقترح المدحجي –تحت عنوان خفض الإنفاق– تخفيض راتب رئيس البلدية بنسبة 25 بالمئة، لافتاً إلى أن راتب حمود فاق في العام الماضي، راتب حاكمة الولاية غريتشن ويتمر.
وقدّم المدحجي نفسه كمهندس قادر على «حلّ المشكلات»، على عكس من وصفهم بـ«السياسيين المحترفين مثل حمود»، زاعماً أنه سيجعل ديربورن «عاصمة الابتكار وريادة الأعمال في أميركا»، رغم الصورة القاتمة التي قدمها عن حال المدينة اليوم.
وقال المدحجي إن «الجرائم في ازديادٍ مُذهل، والقمامة في كل مكان، والقيادة المتهورة خارجة عن السيطرة، والمتسولون عند كل تقاطع، ورائحة الماريوانا في كل مكان». وأضاف متوجهاً إلى الناخبين بالقول: «يا رفاقي السكان، يا رفاقي الأميركيين، هذه ليست ديربورن التي نشأنا فيها».
ولم يفوّت المدحجي مؤتمره الصحفي دون انتقاد حمود مباشرة، حيث استغل المناسبة للتضامن مع المبشر المسيحي المتطرف، تيد بارهام، بمواجهة رئيس البلدية، واصفاً توبيخ حمود له في أحد اجتماعات مجلس المدينة، بأنه «غير مبرر، ووقح، ومخطئ بكل المقاييس».
وكان حمود قد وصف بارهام بأنه «متعصب وعنصري وكاره للإسلام» مشيراً إلى أنه سيطلق مسيرة احتفالية عندما ينتقل بارهام للعيش خارج المدينة، وذلك رداً على اعتراض الأخير على تسمية جزء من شارع وورن باسم ناشر صحيفة «صدى الوطن» أسامة السبلاني.
وفي سياق سعيه لجذب الناخبين البيض في المدينة، قرر المدحجي ركوب موجة الانتقادات الممنهجة التي طالت حمود ومدينة ديربورن من خلال محاولة تظهير الخلاف بين رئيس البلدية وبارهام على أنه صراع بين المسلمين والمسيحيين.
وقال المدحجي إن قول حمود لبارهام بأنه «غير مرحب به هنا» قد يُساء تفسيره، ويساهم في إعطاء انطباع خاطئ بأن ديربورن لا تقبل المسيحيين.
كما منح المدحجي منبره لناشط محلي شن هجوماً حادّاً على رئيس البلدية. وقال تيم رايس خلال الفعالية الانتخابية إن حمود أهان مواطناً أميركياً مسيحياً، مضيفاً بأن خطاب رئيس البلدية «غير المرحِّب بالمواطنين المسيحيين انتشر على نطاق واسع… وأضر بصورة ديربورن التي بنيناها منذ زمن طويل جداً».
ويشار إلى أن بارهام انتقل إلى ديربورن قبل سبع سنوات ولا ينتمي إلى أي كنيسة محلية ولا يمتلك صفة رجل دين، على عكس ما روجت معظم التقارير الإعلامية، وفقاً قس كنيسة «الصخرة الصلبة» المحلية، نايثان هايز.
ويذكر أن حمود هو أول مسلم أميركي يرأس بلدية ديربورن، في حين أن سباق رئاسة البلدية الحالي، يعتبر الأول في تاريخ المدينة، التي تنحصر فيها المنافسة بين مرشحين مسلمين فقط، نظراً لأن المدحجي أيضاً يعتنق الدين الإسلامي.
سباق مجلس ديربورن: 13 منافساً على 7 مقاعد
ديربورن
يتنافس 13 مرشحاً، بينهم ستة أعضاء حاليين، على المقاعد السبعة لمجلس بلدية ديربورن في انتخابات 4 تشرين الثاني (نوفمبر) القادم، حيث يحق لكل ناخب التصويت لسبعة مرشحين في السباق الذي سيعيد رسم التوازنات في مجلس المدينة للسنوات الأربع القادمة.
ويخوض السباق كل من رئيس المجلس الحالي مايكل سرعيني، والأعضاء روبرت أبراهام، كمال الصوافي، مصطفى حمود، كين باريس وغاري إينوس، بمواجهة سبعة مرشحين من خارج المجلس، بينهم أربعة من أصول عربية.
وكان كليرك بلدية ديربورن، جورج ديراني، قد قرر في الربيع الماضي، استبعاد العضو الحالية في المجلس ليزلي هيريك من قائمة المرشحين بسبب عدم دفع رسوم مالية مستحقة على حملتها منذ عام 2017.
أما قائمة المرشحين من خارج المجلس، فتضمّ كلاً من: مبارك أحمد (رجل أعمال)، عثمان علي العنسي (موظف في قطاع التكنولوجيا)، شادي الماوري (موظف في قطاع الصحة)، وأحمد عثمان (رجل أعمال) كما يضمّ السباق أيضاً، كلّاً من: ديفون أورايلي (نجل رئيس البلدية الراحل جون أورايلي)، وشارون دولماج (عضو سابقة في مجلس ديربورن التربوي ولجنة تعديل ميثاق المدينة)، ومارك آندرو (إطفائي متقاعد خدم لمدة 30 سنة في إطفائية ديربورن).
يشار إلى أن مجلس بلدية ديربورن هو بمثابة الهيئة التشريعية في المدينة، ويتم أعضائه السبعة دفعةً واحدة كل أربع سنوات.
Leave a Reply