دمشق – صخر نصر، وكالات
انطلقت مطلع الأسبوع الماضي حملات المرشحين الثلاثة لرئاسة الجمهورية السورية في الإنتخابات المقررة يوم الثالث من حزيران (يونيو) المقبل، وإذا كانت بعض العواصم الغربية قد قررت حرمان السوريين المقيمين على أراضيها من حق التصويت الى جانب منح المعارضة بعض «جوائز الترضية» الشكلية، فإن رئيس «الائتلاف» أحمد الجربا لم يعد ظافراً من واشنطن، بل اضطر الى سماع الكثير عن ضرورة محاربة الإرهابيين في سوريا لاسيما في لقائه مع الرئيس باراك أوباما الذي شدد على «المخاطر التي يمثلها التطرف المتصاعد في سوريا»، وإلى «ضرورة التصدي للمجموعات الإرهابية في كل فريق» وفق بيان صادر عن البيت الأبيض.
وجاء اللقاء بين أوباما والجربا قبل يوم من اجتماع عقد في لندن لمجموعة «أصدقاء سوريا» لم يسفر عن جديد، حيث أعلن وزير الخارجية الأميركي جون كيري في ختامه، أن الدول الـ11 التي تبقت بالمجموعة لا تزال تتعهد «بتغيير الأوضاع على الأرض في سوريا»، رافضاً التعليق على موضوع تقديم أسلحة إلى المقاتلين، فإن البيان الختامي للمجموعة ذكر أنه «تم الاتفاق بالإجماع على اتخاذ مزيد من الخطوات من خلال إستراتيجية منسقة لزيادة دعمنا للمعارضة المعتدلة، للائتلاف الوطني والمجلس العسكري الأعلى التابع له والجماعات المسلحة المعتدلة المرتبطة به».
كما شهد الأسبوع الماضي استقالة المبعوث الأممي إلى سوريا الأخضر الإبراهيمي، بعد تقديمه إحاطة إلى مجلس الأمن، حول الوضع في سوريا بأنه «صعب جداً ولكنه غير ميؤوس منه»، مضيفاً «لا سبب للاستسلام». ورفض تحديد أولويات لخلفه، لكنه أشار إلى أن «بيان جنيف يبقى في صلب جهود السلام».
وقال الإبراهيمي «من يؤيدون الرئيس الأسد يقولون إن بشار الأسد هو الرئيس الشرعي اليوم، وسيقولون بعد الإنتخابات إنه الرئيس الشرعي. ومن يعتبرونه غير شرعي اليوم سيقولون إن الإنتخابات زادت من عدم شرعيته».
ومن جانبه، رأى مندوب سوريا في الامم المتحدة بشار الجعفري في كلام الابراهيمي تدخلا في الشأن الدستوري الداخلي ويدخل ضمن خطة لتقويض الدولة السورية. ووصف اعتراف الإبراهيمي باقترافه أخطاء بالخطوة الشجاعة لكنها متأخرة مشيرا إلى أن سوريا «لن ترضى بالإعتذارات فقط».
أما روسيا فقد رأت أن الانتخابات الرئاسية المرتقبة في سوريا من شأنها أن تصبح خطوة هامة في طريق الحفاظ على مؤسسات الدولة هناك، وتلبية التطلعات المشروعة لمواطني البلاد، ومواصلة الجهود المثابرة لإيجاد حل سلمي للأزمة السورية في أسرع وقت ممكن.
من جهتها أعلنت وزارة الخارجية الفرنسية الثلاثاء الماضي أنها أبلغت سوريا بمنع إجراء عمليات اقتراع على الأراضي الفرنسية، ومنعت ألمانيا أيضاً إجراء الانتخابات على أراضيها وأوضحت الخارجية الألمانية أنها بررت هذا القرار لدى السفارة السورية في برلين بمذكرة أرسلت في السابع من أيار (مايو).
ميدانياً، وعلى وقع الإحتفالات الشعبية المؤيدة للاستحقاق الرئاسي الأول من نوعه في تاريخ سوريا صعَّدت المجموعات المسلحة هجماتها في ريف دمشق وحمص وحماة وإدلب وحلب التي تتعرض للعطش بسبب قطع المسلحين لإمدادات المياه عن الأحياء الغربية للمدينة باعتبارها موالية للنظام، بالمقابل واصل الجيش والقوات الموالية له الضغط على معاقل المعارضة في ريف دمشق حيث استهدف سلاح الجو السوري عدداً من مقرات المسلحين في المزارع والبلدات المحيطة بالمليحة وجوبر بالغوطة الشرقية. كما يستمر التصعيد العسكري في شمال سوريا وجنوبها، مع تفجيرات تضرب عند الحدود التركية وأخرى تستخدم الأنفاق، بينما شهد الريف الحوراني اشتباكات عادت «جبهة النصرة» إلى المشاركة فيها إلى جانب سائر الفصائل.
وقد بدأت مياه الشرب تعود تدريجياً إلى مدينة حلب بعد 12 يوماً عاشتها المدينة عطشى، سجلت خلالها عشرات حالات التسمم، وأصبح تأمين المياه الشغل الشاغل لأبنائها، بعد قيام مسلحين متشددين ينتمون إلى «الهيئة الشرعية» بقطع المياه من محطة سليمان الحلبي، وهي المحطة الرئيسية في حلب، حيث تم تحويل المياه إلى مجرى نهر قويق، الذي عاد بدوره وأصبح خلال هذه الأيام أحد أهم مصادر المياه في المدينة.
وبعد عودة حمص الى كنف الدولة باشرت السلطات السورية بتنفيذ أعمال صيانة واسعة لإعادة تأهيل البنى التحتية في المدينة التي شهدت على مدى سنوات الأزمة الثلاث تدميراً ممنهجاً، وقد بدأ سكان الأحياء القديمة بالعودة اليها متعهدين بإعادة إعمار ماخربته الحرب، قبل أن يعلن رئيس الحكومة السوري وائل الحلقي عن تخصيص مبلغ ٦,٥ مليار ليرة سورية لإعادة إعمار المدينة.
الإنتخابات
أسبوعان أو أقل قليلاً على بدء الانتخابات الرئاسية السورية المقررة في الثامن والعشرين من أيار (مايو) الجاري للسوريين المقيمين في الخارج وثلاثة أسابيع لمن في داخل سوريا، وبالمشهد السوري الذي لم يعتد على هكذا نوع من الانتخابات لأكثر من نصف قرن من الزمان، وتنافس ثلاثة مرشحين تبدو فيه النتيجة شبة مؤكدة لصالح «المرشح الثالث»، الرئيس الحالي بشار الأسد الذي اختار شعار «سوا» عنواناً لحملته الإنتخابية.
ولا مفاجآت في مواقف القوى السياسية السورية من الاستحقاق الرئاسي، فالأحزاب المنضوية في «الجبهة التقدمية» بقيادة «البعث» وتضم قوى من بينها «الشيوعي» و«الاتحاد الاشتراكي» و«الوحدويين العرب» واتحادي العمال والفلاحين، تدعم الأسد بشكل كبير كونها تشكل ائتلافا حاكما في سوريا، أما الأحزاب المرخصة حديثاً تؤيد بدورها إجراء الانتخابات الرئاسية استنادا الى خطابها السياسي الذي يتقاطع عند البحث عن حلول سياسية للأزمة وبإرادة السوريين بعيدا عن التدخلات الخارجية.
من جهة المعارضة، يرفض «الائتلاف» الانتخابات ويرى فيها خطوة استفزازية تنهي العملية السياسية. موقف يتقاطع مع معارضي الخارج بشتى مسمياتهم ولا يبتعد كثيرا عن موقفي معارضة الداخل كـ«هيئة التنسيق» و«جبهة التغيير والتحرير»، التي تجد في الانتخابات القادمة إعاقة للعملية السياسية.
Leave a Reply