دخل لبنان موسم الانتخابات النيابية، مع مطلع هذا العام، بعد تأجيل لها منذ 7 حزيران (يونيو) 2013 وإلى 6 أيار (مايو) 2018، وتمديد لثلاث مرات، تحت عناوين سياسية وأمنية وتقنية.
التشكيك في موعد الانتخابات
وبالرغم من اقتراب موعدها، والتي لا يفصل اللبنانيين عن موعد استحقاقها سوى ثلاثة أشهر ونصف الشهر، فإن التشكيك بحصولها مازال قائماً، وأن إرجاءها إحتمال ممكن، وارتفع الكلام عن عدم حصولها، هو طلب تعديل في مواد القانون، كي لا يُطعن بالانتخابات، وهو ما طرحه وزير الخارجية جبران باسيل بعد اجتماع اللجنة الوزارية المكلفة برئاسة رئيس الحكومة سعد الحريري، تطبيق القانون، ووضع الإجراءات اللازمة لحسن تنفيذه، لاسيما ما يتعلق بمواد إصلاحية مثل اعتماد البطاقة الانتخابية الممغنطة أو البيومترية، وهو ما لم تتوصل إليه الحكومة، كما لم يتم التوصل إلى تفاهم حول الـ«ميغا سنتر«، بحيث يتيح للناخب أن يقترع من مكان سكنه، من خلال التسجيل المسبق.
رفض التعديل
وما طرحه الوزير باسيل حول إجراء تعديل على المادة 84 من القانون، فيما يتعلق بالبطاقة، رد عليه الرئيس نبيه برّي، بأنه لن يفتح هذا «البازار» الذي قد يطيّر الانتخابات، وأن المادة 95 من القانون سمحت للناخب أن يقترع عبر بطاقة الهوية أو جواز السفر، ولا حاجة إلى التعديل الذي يخشى رئيس مجلس النواب، أن يتوسع إلى مواد أخرى، وأن الفترة المتبقية لإجراء الانتخابات لا تسمح بذلك، إذ سيدعو وزير الداخلية نهاد المشنوق الهيئات الناخبة، وفي موعد أقصاه 22 كانون الثاني (يناير) الحالي، أي قبل شهرين من بدئها والتي ستكون المرحلة الأولى في المتغربات والتي ستبدأ في 22 نيسان (أبريل) ثم في 29 منه، ويفتح باب الترشيح في 5 شباط (فبراير)، وتسحب الترشيحات في 7 آذار (مارس).
الانتخابات حاصلة
ومع عدم تمكن اللجنة الوزارية من إجراء الانتخابات وفق البطاقة الممغنطة، فإنها حاصلة في موعدها، ولن تتعطل، وهذا ما أكد عليه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الذي يصرّ على موعدها الثابت. إذ يشير إلى أنه لا يمكن لأي طرف أن يوقفها، سوى حرب عدوانية تشنّها إسرائيل على لبنان، وتتزامن مع موعد الانتخابات، أو اقتتال داخلي، وكلاهما مستبعد وفق الرئيس عون الذي أكّد أنه مع كتلته النيابية تقدموا بطعن أمام المجلس الدستوري في المرتين اللتين تمّ فيهما التمديد لمجلس النواب، وفي المرة الثالثة كان التمديد تقنياً ولم يطعن، مما يعني أن الانتخابات النيابية هي «أولوية» بحسب رئيس الجمهورية، لأنها تجدد الحياة السياسية والعملية الديمقراطية، وقد تنتج كتل نيابية أو نواب جدد، ولأنه يعتبر أن هذه الانتخابات تُسقط صفة التمديد عن مجلس النواب، فإنه وعلى ضوء نتائجها ستتشكل الحكومة التي يعتبرها عون أنها ستكون حكومته أو عهده.
وإلى جانب تأكيد رئيس الجمهورية أن الانتخابات ستحصل، فإن رئيس مجلس النواب يذهب أكثر نحو تحذير كل مَن يحاول تعطيل أو عرقلة حصولها، ويجزم بأنها ستجري في موعدها، دون المس بالقانون، وهذا ما يصرّ عليه أيضاً رئيس الحكومة سعد الحريري الذي أشار في الجلسة الأخيرة للحكومة، على أن الانتخابات لن تؤجّل مهما كانت الظروف، وأن مجلس الوزراء صرف مبلغ 50 مليار ليرة لوزارة الداخلية لتبدأ بالإعداد لها.
الترشيحات
وما يدل على أن الانتخابات في موعدها، هو تحرك القوى السياسية والحزبية بإتجاهها، وتجهيز ما يسمى «الماكينات الانتخابية»، كما فتح باب الترشيحات وإعلان أسماء المرشحين، إذ أنهت «القوات اللبنانية» تسمية نحو 80 بالمئة من مرشحيها في مختلف الدوائر التي لها فيها وجود حزبي وشعبي، كما أن النائب وليد جنبلاط سمى سبعة مرشحين للائحته في الشوف وتضم نجله تيمور ومروان حمادة عن المقعدين الدرزيين ونعمة طعمة عن المقعد الكاثوليكي وناجي البستاني عن المقعد الماروني وبلال عبدالله عن المقعد السّنّي، في حين أعلن عن ترشيح أكرم شهيب عن المقعد الدرزي في عاليه وهنري حلو عن المقعد الماروني في عاليه أيضاً، وهو يتّجه لتسمية وائل أبوفاعور عن المقعد الدرزي في راشيا–البقاع الغربي وأيمن شقير أو هادي أبوالحسن عن المقعد الدرزي في بعبدا، وقد يعود إلى ترشيح النائب غازي العريضي في بيروت بعد أن أقصاه في العام 2013 ورشح جهاد الزهيري.
ولن يحصل تغيير كبير في مرشحي الأحزاب والتيارات الأخرى، إذ كما بات معلوماً ومن خلال الانتخابات التي أجراها «التيار الوطني الحرّ» داخل صفوفه حول أسماء المرشحين الذين تختارهم القاعدة الحزبية، لتظهر النتائج، أن لا تبديل في الأسماء إلا قلة قليلة تتركّز على بعض الدوائر. والأمر نفسه عند «تيار المستقبل» الذي سيشهد تبديلات محدود في أسماء المرشحين بما لا يتعدى الخمسة أو سبعة أسماء من كتلة نيابية تضم حالياً 33 عضواً.
وكذلك لدى الثنائي الشيعي «أمل» و«حزب الله»، فإن التغييرات لن تطال أسماء كثيرة من بين النواب الحاليين، والأمر نفسه لدى «حزب الكتائب،» مما يؤكد أن المراهنة على تغييرات جذرية لن تحصل.
التحالفات
ومع بدء الأحزاب والتيارات والشخصيات، تحضير نفسها للترشيح، حيث يسقط في هذا القانون المرشح المنفرد، كما اللائحة التي لا تضم 40 من مقاعد الدائرة، فإن المرحلة الثانية من المعركة الانتخابية ستكون في التحالفات الانتخابية التي لن تكون «بوسطات» أو «محادل»، لأن على اللائحة أن تؤمن الحاصل الانتخابي للفوز، وهذا ما يفرض عليها أن تضم مرشحين لهم حيثيات شعبية لتأمين الفوز بمقاعد الدائرة وفق النظام النسبي الذي يفرض هذا الحاصل كحد أدنى من عدد أصوات المقترعين، لمعرفة عدد المقاعد التي فاز بها نسبياً. وستلعب التحالفات دوراً في تكبير حجم الحاصل الانتخابي أولاً، ثم الصوت التفضيلي الذي يعطي الأفضلية لهذا المرشح أن يفوز على منافسه في اللائحة الواحدة، أو في لائحة أو لوائح أخرى.
لذلك فإن التحالفات، من المبكر الخوض فيها، وأن الحلف الثابت والأقوى هو بين حركة «أمل» و«حزب الله» والمعروف بـ«الثنائي الشيعي»، حيث لا يوجد منافسون لهما، وهما يضمنان الفوز بغالبية المقاعد في الدوائر التي يخوضان فيها الانتخابات.
ويبرز أيضاً تحالف بين «حزب الله» و«التيار الوطني الحرّ»، الذي تشوبه شائبة أن حركة «أمل» خارجه، وهي الحليفة لـ«حزب الله» المتفاهم مع «التيار الوطني الحر» الذي أطلق على برّي اسم «حليف الحليف»، وقد يؤثر التوتر الحاصل بين الرئيسين عون وبرّي حول مرسوم أقدمية ضباط 1994 و«التوقيع الشيعي»، على مسار التحالف الانتخابي الذي لن يكوّن ثلاثياً، كما لن يبقى ثنائياً أيضاً بين «حزب الله» و«التيار الحر»، إذ أن الأول له حلفاء آخرون في خط المقاومة، ومنهم النائب سليمان فرنجية وغيره.
الأبعاد الخارجية
الاستعدادات الجارية لإقامة الانتخابات النيابية التي باتت أمراً واقعاً، لها أكثر من بعد خارجي سينعكس عليها. ويعزز ذلك الصراع السعودي–الإيراني في المنطقة والذي يتأثر به لبنان، إذا ما قرر أحد الطرفين أن يمسك بالقرار السياسي على الساحة اللبنانية عبر ضمان الأكثرية النيابية، التي توصل إلى رئاسة الحكومة.
وقد أعلن وزير الخارجية السعودي عادل الجبير، بأن الرئيس سعد الحريري كان واجهة لقانون انتخاب اعتمد النسبية مرّره كل من الرئيس عون و«حزب الله» عبره، «لتأمين السيطرة على لبنان». كما نُقل عن الرئيس الإيراني الشيخ حسن روحاني قوله بأن لبنان هو من الدول التي لإيران فيها نفوذ وتملك القرار فيه.
لا شك بأن الانتخابات النيابية لن تكون بمنأى عن التأثير الخارجي، وقد حصل ذلك في دورات سابقة، وتكشف المعلومات أن الرياض تسعى حالياً إلى جمع قوى «14 آذار»، وهم حلفاؤها السياسيون في لبنان، من أجل أن يخوضوا الانتخابات قوة واحدة، وعدم تجيير الأصوات إلى قوى أخرى، كـ«التيار الوطني الحر» الذي تحاول المملكة فك ارتباط «تيار المستقبل» به، ولا يبدو أنها نجحت. إذ يتطلع الحريري نحو الاستقرار في لبنان، وإلى أن يبقى رئيساً للحكومة، وهذا لا يتأمن سوى باستمرار التسوية السياسية التي أقامها مع «التيار الوطني الحّر»، وأنتجت انتخاب العماد عون رئيساً للجمهورية، وعودته إلى السراي الحكومي.
النتائج
وما يربك في هذه الانتخابات وعلى القانون الجديد، هو عدم معرفة نتائجها مسبقاً، إذ ثمة غموض حولها، بالرغم من تحليلات الخبراء في الشؤون الانتخابية ومكاتب الإستطلاع والإحصاء، فإن القراءات الأولية ليست واضحة، بل مبهمة، حتى من رؤساء الأحزاب والكتل النيابية، فهم لا يقدّرون النتائج ولا يتوقّعون، كم من المقاعد سيفوزون بها، لذلك مازالت الحماسة لها ضعيفة قياسياً على ما سبقها، كما أن المرشحين مازالوا خجولين في تقديم أنفسهم، سوى بعض الأفراد الذين يتوقون إلى التداول بأسمائهم كمرشحين، وهم يطمحون إلى الشهرة لا أكثر بالانتخابات، لأنها برأي الغالبية منهم، لن تُحدث تغييراً.
15 دائرة انتخابية
1 – دائرة بيروت الأولى (٨ نواب): ثلاثة أرمن أرثوذكس، نائب عن الأرمن الكاثوليك وآخر ماروني ومقعد للروم الكاثوليك ومقعد للأقليات.
2 – دائرة بيروت الثانية (١١ نائباً): ستة من السنّة واثنان من الشيعة ودرزياً وأرثوذكسياً وإنجيلياً.
3 – دائرة صور والزهراني (٧ نواب): ستة منهم شيعة ونائب كاثوليكي.
4 – دائرة صيدا وجزين (٥ نواب): اثنان من الموارنة واثنان من السنّة وكاثوليكي واحد.
5 – دائرة حاصبيا ومرجعيون وبنت جبيل والنبطية (١١ نائباً): ثمانية شيعة وأرثوذكسي وسنّي ودرزي.
6 – دائرة الشوف وعاليه (١٣ نائباً): خمسة موارنة وأربعة دروز واثنان سنّة وكاثوليكي وارثوذكسي.
7 – دائرة بعبدا (٦ مقاعد): ثلاثة موارنة واثنان شيعة ودرزي واحد.
8 – دائرة المتن (٨ نوّاب): أربعة للموارنة، اثنان للروم الأرثوذكس، نائب عن الروم الكاثوليك وأرمني أرثوذكسي.
9 – دائرة كسروان وجبيل (٨ نواب): سبعة موارنة ونائب شيعي.
10 – دائرة البترون وبشري والكورة وزغرتا (١٠ نوّاب): سبعة موارنة وثلاثة أرثوذكس.
11 – دائرة طرابلس والمنية والضنية (١١ نائباً): ثمانية سنّة ونائب ماروني وآخر أرثوذكسي ونائب علوي.
12 – دائرة عكار (٧ نواب) ثلاثة سنّة واثنان أرثوذكس ونائب ماروني وآخر علوي.
13 – دائرة بعلبك والهرمل (١٠ نواب): ستة شيعة واثنان سنّة وماروني وكاثوليكي.
14 – دائرة زحلة (7 نواب): نائبين من الروم الكاثوليك ونائبا شيعياً ونائباً سنّياً ونائباً أرثوذكسياً وآخر من الأرمن الأرثوذكس.
15 – دائرة البقاع الغربي وراشيا (٦ نواب): اثنان سنّة وماروني وأرثوذكسي وشيعي ودرزي.
Leave a Reply