عواصم – «التسوية النووية» مع إيران تنتظر جولة جديدة في جنيف، رغم المعارضة الإسرائيلية-السعودية، فقد أبدت واشنطن خلال الأسبوع الماضي إيجابيةً حيال طهران، بانتظار الجولة الثالثة من مفاوضات جنيف والتي ستعقد في 20 تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل بين إيران و«مجموعة 5 + 1».
روحاني |
وعلى مسافة أقل من أسبوع من الجولة الجديدة سعت الإدارة الأميركية إلى تعديل الموقف الفرنسي المعرقل في جولة المفاوضات السابقة، متحدثة عن مشروع اتفاق وافقت عليه الدول الغربية و«تفاهم مثالي» بين «الحليفين»، في وقت كان وزير الخارجية الأميركي جون كيري يطلب من الكونغرس «الهدوء» وعدم التصويت على عقوبات اقتصادية جديدة بحق إيران بهدف منح فرصة للمفاوضات الديبلوماسية قبل أن يكشف عن إمكانية إعادة عشرات مليارات الدولارات المصادرة من أموال الجمهورية الإسلامية.
وفي محاولة أميركية واضحة لتوحيد الموقف الغربي في المفاوضات المقبلة واستيعاب تداعيات الدور السلبي لباريس، اعتبر الرئيسان الأميركي باراك اوباما والفرنسي فرنسوا هولاند، خلال اتصال هاتفي الأربعاء الماضي، انه يعود إلى «إيران أن تقدم ردا ايجابيا» على مشروع الاتفاق حول ملفها النووي الذي تم عرضه في جنيف، بحسب ما أعلنت الرئاسة الفرنسية.
وأضاف الاليزيه، في بيان، أن الرئيسين «أعربا عن عزمهما المشترك على الحصول من إيران على كل الضمانات لكي تتخلى نهائيا عن برنامجها النووي العسكري».
وفي واشنطن، شدد البيت الأبيض بدوره، في بيان، على «التفاهم المثالي» الموجود بين الولايات المتحدة وفرنسا حول مشروع الاتفاق الذي وافقت عليه الدول الكبرى في جنيف وكذلك على «كيفية إجراء المفاوضات».
واعتبر اوباما وهولاند أن «اقتراح (الدول الست) هو تقدم جوهري لإقناع المجتمع الدولي بالطابع السلمي دون سواه للبرنامج النووي لإيران»، بحسب المصدر نفسه.
وإلى جانب المحاولة لتوحيد الموقف الغربي، سعت الإدارة الأميركية إلى طلب مزيد من الوقت من الكونغرس إفساحاً للمجال أمام الدبلوماسية وتجميد فرض مزيد من العقوبات، وسط معارضة جمهورية. وجدّد كيري، أمس، دعوة أعضاء الكونغرس إلى عدم التصويت على عقوبات اقتصادية جديدة بحق إيران. وقال، قبيل اجتماع مغلق مع أعضاء لجنة المصارف في مجلس الشيوخ، «نطلب من الجميع أن يهدأوا، أن يعاينوا عن كثب ما يمكن تحقيقه وما هو الواقع»، طالبا مهلة تمتد «أسابيع عدة».
وأضاف أنّ «المخاطرة هي انه إذا تحرك الكونغرس من جانب واحد لتشديد العقوبات فمن الممكن أن يزعزع الثقة في تلك المفاوضات ويوقفها فعليا ويتسبب في انهيارها».
ويأتي الإنفتاح الأميركي تجاه طهران بالتزامن مع تقرير للوكالة الدولية للطاقة الذرية قالت فيه إن ايران اوقفت في الأشهر الثلاثة الأخيرة توسيع منشآتها وانتاجها النووي.
وقالت الوكالة في تقريرها ان أربعة فقط من اجهزة الطرد المركزي الجديدة لتخصيب اليورانيوم التي تم تركيبها في مفاعل «نطنز» تعمل، كما ان نسبة التخصيب بين 5 و20 بالمئة (بقي كما كان) بلا تغيير، بينما لم تتم اضافة اية أجهزة جديدة الى منشأة فوردو.
واضاف التقرير ان ايران لم تبدأ في تشغيل الجيل الجديد من اجهزة الطرد المركزي «أي أر-2 أم» وانه لم يتم تركيب «أية اجزاء مهمة» في المفاعل الذي يتم بناؤه في آراك.
وتشكل اجهزة الطرد المركزي الجديدة «أي أر-2 أم» مصدر قلق للمجتمع الدولي لأنها نظريا تقلل الوقت الذي تحتاجه ايران لإنتاج ما يكفي من اليورانيوم المخصب لصنع قنبلة نووية.
ويثير مفاعل آراك قلق المجتمع الدولي لأنه يمكن ان يزود ايران بمادة البلوتونيوم التي تعد بديلة لمادة اليورانيوم في صنع سلاح نووي، عند البدء في تشغيل ذلك المفاعل خلال ما بين 12 و18 شهراً.
في الأثناء، تسعى الإدارة الأميركية لتقديم أولى «المكافآت» لطهران على انخراطها في المفاوضات النووية وتشجيعها على المضي في تقديم تنازلات في هذا الملف أكثر فأكثر.
وكشف وزير الخارجية الاميركي جون كيري لأول مرة الخميس ان الولايات المتحدة تعرض على ايران الإفراج عن «جزء صغير» من اصولها المجمدة في حسابات في بنوك حول العالم والمقدرة بنحو 45 مليار دولار.
وفي اطار مساعيه لإقناع الكونغرس الأميركي بهذه الخطوة، أكد كيري أن «صلب نظام العقوبات لن يتم تخفيفه». وقال كيري في مقابلة مع شبكة «أم أس أن بي سي» أن «95 بالمئة أو أكثر من العقوبات الحالية ستبقى كما هي».
وعبر أعضاء كبار في الكونغرس عن شكوكهم حيال اتفاق يجري إعداده بين إيران والقوى العالمية يعتقد مشرعون الى جانب حليفتي أميركا، إسرائيل والسعودية، أنه سيخفف العقوبات عن ايران قبل الأوان. ويريدون بدلا من ذلك تشديد العقوبات للضغط على طهران.
وأضاف كيري الذي يقود حملة لكسب تأييد الكونغرس للجهود التي تبذل للتوصل الى اتفاق مع ايران، انه قبل ان تبدأ العقوبات في التأثير بشكل كبير علىها، كان الدخل السنوي للجمهورية الإسلامية ما بين 110 و120 مليار دولار من مبيعات النفط. وأضاف «ولكن ذلك تناقص الى ما بين 40 و45 مليار دولار الآن بسبب العقوبات، كما ان 45 مليارا مجمدة في بنوك حول العالم. ولا يمكنهم (الايرانيون) الوصول اليها».
وقال «كل ما نتحدث عنه هو الافراج عن جزء صغير من ذلك لأن علينا ان نفعل شيئا لكي نجعلهم يقولون نعم، وسنترك برنامجنا حسب ما هو عليه الآن».
وبدوره، حث الرئيس باراك أوباما المشرعين الأميركيين المتشككين على الاحجام عن فرض مزيد من العقوبات على إيران وقال إنه اذا فشلت الدبلوماسية في إرغام طهران على كبح برنامجها النووي فسيمكن التراجع عن اي تخفيف للعقوبات تحقق خلال المفاوضات.
وقال أوباما للصحفيين «إذا كنا جادين في مواصلة الدبلوماسية فلا توجد حاجة لإضافة عقوبات جديدة على العقوبات الفعالة جدا بالفعل».
وكانت الدول الست الكبرى (بريطانيا، فرنسا، روسيا، الولايات المتحدة، الصين اضافة الى المانيا) اجرت محادثات الاسبوع الماضي مع ايران الا انها لم تتمكن من التوصل الى اتفاق.
ومن جهته، رفض وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف يوم الثلاثاء اتهام نظيره الأميركي جون كيري لإيران بالمسؤولية عن عدم التوصل إلى اتفاق بخصوص برنامجها النووي قائلا إن الانقسامات بين القوى الغربية حالت دون تحقيق انفراج.
ومن المقرر ان تستأنف المحادثات يومي الخميس والجمعة المقبلين في جنيف.
وقال كيري إن القوى الكبرى قريبة جداً من التوصل الى اتفاق وتختلف فقط بشان «اربعة او خمسة مفاهيم».
والقى باللوم على إيران في الخروج من المحادثات، وقال انه في الوقت الحاضر لم يكن بمقدورها «قبول العرض» المطروح على الطاولة وكان على الوفد العودة الى طهران لإجراء مشاورات. وقال كيري إنه اتصل الخميس الماضي برئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو لتهدئة غضب الاسرائيليين من اقتراب التوصل الى اتفاق مع ايران.
معارضة إسرائيلية
وفي وقت سابق في إسرائيل، أعلن نتنياهو، أن «اتفاقا سيئا» بين القوى العالمية وإيران بشأن برنامجها النووي قد يفضي إلى حرب.
وقال انه «يمكن التوصل إلى اتفاق جيد وتفكيك القدرة النووية العسكرية الإيرانية. ولكن لن يتم الوصول إلى ذلك عبر الاقتراح الذي يبحث حاليا في جنيف». وتابع، متحدثا أمام الكنيست في جلسة ركزت على قضايا الإسكان، إن مواصلة الضغط الاقتصادي على إيران هو البديل الأمثل لخيارين آخرين قال إنهما اتفاق سيء أو الحرب.
وفي السياق الإسرائيلي، قال وزير الشؤون الإستراتيجية يوفال شتاينتز إن حزمة تخفيف العقوبات المعروضة من القوى العالمية على إيران في إطار المفاوضات النووية يمكن أن تصل إلى 40 مليار دولار أو نحو 40 بالمئة من تأثير العقوبات.
ويندرج الكلام الإسرائيلي، والحديث عن الأرقام تحديداً، في سياق محاولة التأثير السلبي على المفاوضات بين إيران والقوى الغربية. ففي مقابل التصريحات الإسرائيلية، نقلت وكالة «رويترز» عن ديبلوماسي غربي قوله إنّ «هناك عرضا مطروحا ويبدو لي أن هذا تقدم مهم. لا يمكننا إعطاء أي تفاصيل فنية واليوم الذي سيحدث فيه أي تسريب هو اليوم الذي سيرغب فيه شخص ما في إفشال المفاوضات».
Leave a Reply