لانسنغ - تتجه أزمة مدارس ديترويت العامة الى مرحلة حاسمة فـي غضون الأسابيع القادمة، فـي ظل الإنقسام الجمهوري-الجمهوري فـي كونغرس الولاية والذي لا يخلو من أصوات اللامبالاة إزاء ترك مدارس ديترويت لمصيرها نحو الإفلاس بحلول نيسان (أبريل) المقبل.
ويحتدم النقاش تحت قبة الكابيتول فـي لانسنغ بين خطتين لإنقاذ مدارس ديترويت من الإفلاس، وذلك بعد أن قدم الجمهوريون فـي مجلس النواب خطة بديلة عن تلك التي ينظر فـيها مجلس الشيوخ والتي تحظى بدعم الحاكم ريك سنايدر.
وقد بدأ مجلس نواب الولاية الأسبوع الماضي بدراسة حزمة مشاريع متشددة لمعالجة الأزمة منها عدم انتخاب مجلس تربوي جديد لمنطقة ديترويت التعليمية لمدة ثماني سنوات قادمة وفرض شروط قاسية على النقابات، فـيما يرى مشرعون أن هذه الحزمة من المشاريع لن تنال ما تستحقه من النقاش فـي مجلس الشيوخ، فـي المقابل يؤكد زعماء الجمهوريين فـي مجلس النواب أن خطة مجلس الشيوخ -حتى لو أقرت- لا يمكن أن تمر فـي مجلس النواب بصيغتها الحالية «لأنها لا تحل المشكلة»، ما يعني الأمور قد تصل الى حائط مسدود فـي حال لم يتمكن المسؤولون فـي لانسنغ من إيجاد حل وسط.
وعلى الرغم من أن الخطتين تأتيان بنفس الفاتورة، وهي 715 مليون دولار على مدى السنوات العشر القادمة، إلا أن هناك اختلاف جوهري بينهما إذ يؤكد الجمهوريون فـي مجلس النواب أن إعادة السلطة لمجلس تربوي منتخب من سكان المدينة مع شيك ضخم بمئات ملايين الدولارات، خطوة غير مقبولة، مقترحين بدل ذلك «السلطة مقابل المال».
فـي حين تنص خطة مجلس الشيوخ على إنشاء منطقة تعليمية جديدة لتتولى الإشراف الأكاديمي والمالي على مدارس ديترويت العامة، فـي حين تشرف المنطقة التعليمية الحالية (ممثلة بالمجلس التربوي) على سداد الديون المستحقة عبر أموال الضرائب.
أما خطة النواب الجمهوريين فتريد تعطيل المجلس التربوي لمدة ثماني سنوات لتكون الإدارة من قبل هيئة يتم تعيينها، إضافة الى فرض شروط على حقوق التفاوض الجماعي للنقابات، وخفض معاشات التقاعد للمعلمين الجدد فـي ديترويت.
ويشار الى أن الجمهوريين يسيطرون على الأغلبية بمجلسي النواب والشيوخ فـي ميشيغن.
ويخشى المراقبون من أن يؤدي هذا الجمود الجمهوري-الجمهوري الى طريق مسدود بشأن كيفـية إصلاح أكبر منطقة تعليمية فـي ميشيغن تعاني من ديون تشغيلية 515 مليون دولار، ومهددة الإفلاس وبغياب السيولة النقدية بحلول الربيع.
ويذكر أن مدارس ديترويت العامة موضوعة منذ العام 2009 تحت إشراف مدير الطوارىء المالية الذي تعينه الولاية، كما أن إفلاسها سيرتب أعباء مالية ضخمة على ميزانية ولاية ميشيغن التي عليها تعويض صناديق المتقاعدين.
خطر الإفلاس
وتأتي هذه «الستاتيكو» فـي أعقاب اجتماع ضم أربعة من قادة كونغرس الولاية مع حاكم الولاية ريك سنايدر فـي محاولة للتوصل الى حل للأزمة وهم: زعيم الأغلبية فـي مجلس الشيوخ أرلان ميكوف (جمهوري عن وست أوليف)، زعيم الأقلية فـي مجلس الشيوخ جيم أنانيش (ديمقراطي عن فلنت)، رئيس مجلس النواب كفـين كوتر (جمهوري عن ماونت بلزنت) وزعيم الأقلية فـي المجلس تيم غريمل (ديمقراطي عن أوبيرن هيلز)، كما حضر الإجتماع قاضي الإفلاس الفدرالي المتقاعد ستيفن رودز، وتونيا ألين الرئيس والمدير التنفـيذي لمؤسسة «سكيلمان» المعنية بتحسين حياة الأطفال ومستوى المدارس فـي ديترويت.
غير أن الخلافات ظلت قائمة بعد الاجتماع، واتضحت فـي التناقضات بين خطتي النواب والشيوخ ولاسيما فـي مسألة انتخاب مجلس تربوي جديد فـي تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل، والتي يتضمنها مقترح سنايدر ويعارضها الجمهوريون فـي مجلس النواب.
ويقول رئيس مجلس النواب، كوتر، «أنا معني بحل المشاكل وليس بخلقها وتمكينها»، حيث أن ضخ 715 مليون دولار وإعادة السلطة للمنطقة التعليمية نفسها «يعني ببساطة ترحيل المشكلة وشراء الوقت وهذا ليس حلاً» مشيراً الى أنه على الناس أن يختاروا بين الحصول على المال أو الإبقاء على السلطة المحلية وإذا تمسكوا بالإثنين «عندئذ، لا مانع عندي من طرح خيار الإفلاس على الطاولة»، مؤكداً أنه لن يطرح الخطة المتداولة فـي مجلس الشيوخ بصيغتها الحالية على التصويت فـي مجلس النواب.
ونقطة خلاف أخرى، هي أن سنايدر يقترح تمويل خطة الإصلاح (715 مليون) من العائدات السنوية لصندوق تعويضات التبغ، فـي حين يطلب مجلس النواب أن يتم إقتطاع المال من صندوق الإنفاق العام فـي الولاية.
فـي المقابل، يقول السناتور ميكوف إن الإفلاس لا بد من أن يكون الخيار الأخير حيث أن تكلفته ستكون «أضعاف ما نتحدث عنه الآن»، وأضاف -ويؤيده فـي ذلك السناتور جيف هانسن (جمهوري عن هارت) صاحب حزمة المشاريع- بأن الحل لمشكلة مدارس ديترويت لا بد من أن يؤخذ فـيه رأي السكان والقيادات المحلية وهو ما لا يرغب به مجلس النواب، وقال هانسن إنه إلتقى عددا من قادة المدينة والمواطنين فـي محاولة لإيجاد حل يقبله الجميع، لأنهم هم من يعيشون الحل المرتقب وينبغي أن يكونوا مقتنعين به.
من جانبه قال السناتور كولمان يونغ (ديمقراطي عن ديترويت) «لدينا مجموعة من المعلمين فـي ديترويت يعملون فـي ظروف غير مواتية للغاية وزملائي على الجانب الآخر يركزون إهتمامهم بشكل حصري تقريباً على حلول عقابية بدلا من المبتكرة»، فـي إشارة الى المقترح بتقييض حقوق التفاوض الجماعي للنقابات، مؤكدا أن اهتمام المشرعين منصب على النواحي المالية بينما «الطلاب والمعلمون ليسوا فـي الحسبان».
وبدأ مجلس النواب عقد جلسات إستماع لمناقشة حزمة مشاريعه الأسبوع الماضي، بينما يستمر مجلس الشيوخ فـي مناقشة مشاريعه منذ ثلاثة أسابيع، فـيما يفصل مدارس ديترويت العامة شهران عن مصير الإفلاس.
والجدير بالذكر، أن منطقة ديترويرت التعليمية التي تأسست فـي العام 1842، تضم حوالي 48 ألف طالب وأكثر من 3200 معلم، يتوزعون على أكثر من 100 مبنى مدرسي، معظمها فـي حالة يرثى لها.
ولا شك أن مدارس ديترويت العامة تعاني صحياً وأمنياً وتعليمياً، غير أن الأزمة الحقيقية تكمن فـي العجز المالي الهائل الذي تعاني منه المنطقة، بحسب دراسة مفصلة أجراها «مجلس سيتيزن للأبحاث فـي ميشيغن»، حيث دعا كبير الباحثين، كريغ ثيل، مشرعي الولاية الى التحرك بسرعة بعد أن وصل حجم ديون المنطقة وفق الدراسة الى ٣،٥ مليار دولار (من ضمنها صناديق التقاعد والرعاية الصحية للمتقاعدين).
وقال تقرير «سيتيزن» إنه فـي حال عجزت منطقة ديترويت التعليمية عن الوفاء بتسديد ديونها فإن هذه الأعباء ستقع على عاتق دافعي الضرائب فـي ديترويت وعموم ميشيغن، وأيضاً على حساب المناطق التعليمية الأخرى فـي الولاية.
Leave a Reply