واشنطن
بدأ الكونغرس الأميركي الجديد عمله على وقع انقسام حاد بين الجمهوريين والديمقراطيين حول عدد من القضايا بينها التدخل الروسي في الانتخابات الأميركية والجدار الحدودي مع المكسيك والتهديد بإطلاق إجراءات عزل الرئيس دونالد ترامب، التي عبرت عنها بقوة، النائبة الديمقراطية عن ديترويت، رشيدة طليب التي لمع نجمها سريعاً في واشنطن بعدما تعهدت بعزل الرئيس ونعتته بكلمة بذيئة.
وينقسم الكونغرس الـ116 في تاريخ الولايات المتحدة، والذي يضم رقماً قياسياً من النساء والأقليات، بين مجلس شيوخ يسيطر عليه الحزب الجمهوري، ومجلس نواب أصبحت الأغلبية فيه للديمقراطيين الذين بدأوا عملياً المعركة التمهيدية لاختيار المرشح الأقوى لمواجهة الرئيس دونالد ترامب في انتخابات 2020.
وتمكن الديمقراطيون من انتزاع الأغلبية في مجلس النواب بـ235 مقعداً مقابل 200 للجمهوريين وفق نتائج انتخابات تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي. فيما بقي مجلس الشيوخ بقبضة الجمهوريين الذين عززوا أغلبيتهم فيه إلى 53 سناتوراً مقابل 47 للديمقراطيين.
وأمام تقاسم المجلسين تستعد الولايات المتحدة لمواجهات سياسية حادة في واشنطن بدأت ملامحها تتوضح مع انسداد آفاق أزمة الإغلاق الجزئي للحكومة الفدرالية وسط عجز الكونغرس عن التوصل إلى تسوية بشأن الميزانية.
مواجهات منتظرة
انتخبت الديمقراطية نانسي بيلوسي (78 عاماً) رئيسة لمجلس النواب، مسجلة بذلك عودة لافتة إلى الساحة السياسية الأميركية، على رأس ثالث سلطة في الولايات المتحدة بعد الرئيس ونائبه.
وسبق لبيلوسي أن شغلت المنصب نفسه كأول امرأة في تاريخ البلاد بين عامي 2008 و2010.
وتبدأ بيلوسي المعارضة لترامب رئاستها للمجلس النيابي تحت ضغط الإغلاق الحكومي وقد تؤشر هذه المواجهة لبداية معركة شرسة قادمة، مرفقة بوعود بتحقيقات تشريعية عدة تطال الرئيس ومحيطه. حيث أعلنت لجنة الرقابة في مجلس النواب أن مايكل كوهين، المحامي الشخصي السابق لترامب، سيدلي بإفادته أمامها في السابع من شباط (فبراير).
ويعكس استدعاء كوهين للإدلاء بإفادته إصرار الديمقراطيين على استخدام صلاحياتهم لفتح تحقيقات تستهدف الرئيس.
وحُكم على كوهين في 12 كانون الأول (ديسمبر) بالسجن ثلاث سنوات بعد إقراره بالذنب بتهم التهرب الضريبي والإدلاء بشهادة كاذبة وانتهاك قوانين تتعلق بالحملة الانتخابية. وأرجئ موعد دخوله السجن إفساحاً في المجال أمامه للإدلاء بشهادته أمام الكونغرس.
وبالنسبة لإمكانية طرح «إجراء عزل الرئيس» استبعدت بيلوسي السيناريو في الوقت الراهن، مؤكدة أنها تريد انتظار نتائج التحقيقات أولاً.
وعلى بيلوسي أن تخضع مسألة العزل للاختبار بين تيارين متباينين في الديمقراطيين، وهم المنتخبون الحديثو العهد الذين يدعون إلى «مقاومة» ترامب مثل طليب وألكساندريا أوكاسيو كورتيز من جهة، وأولئك الأكثر اعتدالاً الذين انتخبوا في دوائر انتخابية مؤيدة لترامب، من جهة ثانية.
وفي الوقت الحالي، لا يبدو أن محاولات عزل الرئيس الـ45 للولايات المتحدة ستذهب بعيداً، فإذا نجح الديمقراطيون بالتصويت على توجيه الاتهام له في مجلس النواب، يعود لمجلس الشيوخ أن يقرر في شأن محاكمته.
طليب
في ظهورها الأول مع عائلتها تحت قبة الكابيتول في واشنطن، حيث ارتدث ثوباً تراثياً فلسطينياً وأدت قسم اليمين على مصحف شخصي حصلت عليه قبل 25 عاماً من صديق، حظيت النائبة العربية الأميركية رشيدة طليب (ديمقراطية عن ديترويت) باهتمام وسائل الإعلام الأميركية، بعد شتمها للرئيس الأميركي في تجمع للتقدميين في العاصمة واشنطن.
وتعرضت النائبة العربية الأميركية رشيدة طليب (ديمقراطية عن ديترويت) لحملة انتقادات واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام اليمينية بعد نشر تسجيل فيديو توجه فيه كلمة مسيئة للرئيس ترامب متعهدة بالعمل على عزله.
أول نائبة أميركية من أصول فلسطينية، وإحدى أول مسلمتين في الكونغرس، كانت تتحدث لحشد من مناصريها، بعد أن بدأت مهامها رسمياً في واشنطن ممثلة عن «الدائرة ١٣» في ميشيغن، حين تعهدت بالعمل على عزل الرئيس.
وقالت: «يحبك الناس عندما تنتصر. وفي ذلك اليوم، عندما ينظر ابنك إليك ويقول: ماما، لقد فزت… والمتنمرون لا ينتصرون، أقول: لا، هم لا ينتصرون. لأننا سنفعلها. سنذهب هناك ونُخضع (… كلمة مسيئة تقصد بها الرئيس…) للعزل». وعلقت بيلوسي على تصريح طليب بالقول إنها لا تحب اللغة التي استخدمتها لكنها «ليست أسوأ من لغة ترامب».
ورد ترامب بوصف كلام طليب بـ«المشين»، وكتب في تغريدة: «كيف يمكن البدء بعزل رئيس ربما ربح أعظم انتخابات في التاريخ، لم يرتكب أي خطأ –لا تعامُل مع روسيا، الديمقراطيون هم من تعاملوا معها– وسجل أفضل أداء في أول عامين مقارنة بكل الرؤساء، وهو أكثر الرؤساء شعبية في تاريخ الحزب الجمهوري مع نسبة 93 بالمئة؟».
وقال ترامب للصحفيين في البيت الأبيض «أعتقد أن تعليقاتها مشينة. هي شخصية لا أعرفها. أفترض أنها جديدة. أعتقد أنها أهانت نفسها وأعتقد أنها أهانت عائلتها باستخدام لغة كهذه».
ويوم الثلاثاء الماضي، اكتفت طليب بتقديم اعتذار على «تشتيت انتباه» الأميركيين عن القضايا المهمة، مؤكدة أنها لن تعتذر عن كونها نفسها ولا لشغفها وغضبها.
وقالت «أدرك أنني عضو في الكونغرس، ولا أريد لما أفعله وأقوله أن يشتت انتباهنا. وهذا هو الشيء الوحيد الذي أعتذر عنه». وأضافت: «الناس مثلنا لا يترشحون أبداً للمناصب وعندما نفعل، هذا ما نكون عليه.. نحن غاضبون ومستاؤون مثل أي شخص آخر وعاطفيون».
Leave a Reply