بغداد منحته موافقة مشروطة على خطته لانسحاب الجيش الأميركي
عواصم – قام المرشح الديموقراطي للرئاسة الاميركية باراك اوباما بجولة مكوكية في الشرق الأوسط، متقدما في حقل الغام المنطقة، المحطة الاكثر دقة في جولته العالمية والتي قد يؤدي اي خطأ فيها الى تعريض حملته الانتخابية للخطر، فبالغ في انحيازه الى إسرائيل التي اعتبرها «معجزة»، فيما حصل في العراق، على ضوء رسمي «برتقالي» لخطته القاضية بسحب القوات الأميركية بحلول العام 2010بعدما تبنت بغداد اقتراحه بشكل ضمني، رغم أنها ربطته بالتطورات على الأرض، ما استدعى رداً حاسماً من البيت الابيض، الذي شدد على ان أي اتفاق مع الحكومة العراقية لن يلحظ موعداً محدداً لانتهاء الاحتلال الاميركي، معلنا للمرة الاولى انه لن يتم التوقيع على الاتفاقية الأمنية قبل نهاية تموز.
فـي عمان
وبعد زيارته الى العراق ولقائه عدداً من كبار المسؤولين توجه السناتور من محافظة الأنبار الى العاصمة الأردنية عمان حيث بعد لقائه الملك الأردني عبدالله الثاني في مؤتمر صحافي في عمان، التي توقف فيها في طريقه من محافظة الانبار في العراق الى القدس المحتلة، ان «ما اقترحته هو سحب منظم للقوات على مدى 16 شهرا». وأضاف «اريد ان اؤكد على حقيقة ان الحكومة الاميركية لا يمكن ان تظل هناك للأبد.. والجيش الاميركي لا يمكنه ان يبقى هناك الى الأبد». ورأى ان العراق اصبح اكثر أمنا، لكنه قال «حتى الآن اعتقد اننا لم نر نوع المصالحة السياسية الذي يمكن ان يوفر الاستقرار على المدى الطويل».
وكان اوباما اصدر في وقت سابق بيانا أكد فيه ان رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي، الذي التقاه في بغداد، ايد انسحابا لقوات الاحتلال الاميركي بحلول العام 2010 واوضح ان «رئيس الوزراء قال انه حان الوقت للبدء باعادة تنظيم قواتنا في العراق، بما في ذلك عددها ومهماتها.. واعرب عن امله في رؤية القوات الاميركية قد انسحبت من العراق العام 2010 ».
واوضح ان العراقيين، مع سعيهم الى رحيل الجيش الاميركي، «يريدون شراكة بعيدة المدى مع الولايات المتحدة لارساء تقدم اقتصادي واجتماعي واستقرار دائم».
وقبيل توجهه الى عمان، التقى اوباما قادة «قوات الصحوة» التي تقاتل الى جانب الاحتلال وعددا من المسؤولين المحليين وشيوخ العشائر في الانبار.
فـي الأراضي المحتلة
بعد ذلك، توجه اوباماالى الكيان الصهيوني متعهدا بتقديم دعم قوي لإسرائيل خلال زيارة للقدس واصفا الدولة العبرية بالمعجزة. وقال أوباما الذي يسعى الى تهدئة قلق بعض الناخبين اليهود الأميركيين فيما يتعلق بسياسته ازاء اسرائيل في تصريحات للصحفيين انه يأمل أن يساعد في احلال السلام في الشرق الاوسط.
وتابع «أنا هنا في هذه الجولة لتأكيد من جديد العلاقة الخاصة بين إسرائيل والولايات المتحدة والتزامي بأمن اسرائيل وأملي أن أتمكن من العمل كشريك فعال سواء.. كسناتور أو كرئيس في احلال سلام دائم في المنطقة». ووصف سناتور ايلينوي الذي التقى بالرئيس الاسرائيلي شمعون بيريز اسرائيل بأنها معجزة تكشفت» منذ اعلان قيامها قبل 60 عاما.
واكد المرشح الديموقراطي موقفه بشان القدس والمتمثل في انها ستكون عاصمة اسرائيل.
وقال اوباما في سديروت، جنوب اسرائيل، «لم اغير موقفي وما زلت اقول ان القدس ستكون عاصمة اسرائيل. قلت ذلك سابقا وها انا اكرره. لكنني قلت ايضا انها مسالة مرتبطة بالوضع النهائي» للأراضي الفلسطينية.
وقال مستشار لاوباما في وقت لاحق «كرر ان القدس يجب ان تكون من قضايا الوضع النهائي التي يتفاوض عليها الجانبان. وان القدس ستبقى عاصمة لإسرائيل لكن لا ينبغي ان تقسم باسلاك شائكة ومعابر».
كما اعلن اوباما تأييده رفض الدولة العبرية التفاوض المباشر مع حركة «حماس» الفلسطينية التي تسيطر على قطاع غزة.
وقال اوباما الذي كان يتحدث من سديروت في جنوب اسرائيل على بعد كيلومترات من قطاع غزة، «من الصعب بالنسبة الى اسرائيل التفاوض مع مجموعة لا تعترف بحقها في الوجود». واضاف «من الصعب التفاوض مع مجموعة لا تمثل أمة ولا تعترف بحق اسرائيل في الوجود». من جانبها اعلنت «حماس» رفضها تصريحات اوباما واعتبرته منحازا «للعدو».
وقال اسماعيل رضوان القيادي في «حماس» ان «حماس ترفض تصريحات اوباما التي من خلالها يتبين الكيل بمكيالين في التعامل مع القضية الفلسطينية وهي مواقف منحازة للعدو الصهيوني وتعطيهم الحق في ارضنا ويمثل دعما وانحيازا كاملا للعدو».
واضاف «هذه المواقف تنبيه للغافلين من المفاوضين الفلسطينيين بضرورة عدم المراهنة على الموقف الاميركي المتغافل للحقوق الفلسطينية والداعم للعدو». كما استنكر اللقاء بين الرئيس محمود عباس واوباما «لان هذه اللقاءات تمثل استمرارا لسياسة الادارات الاميركية وتجاهلها المتعاقب لادنى الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني».
وشدد على ان «حماس» «ليست حريصة على الحوار او التفاوض مع العدو وستتمسك بخيار المقاومة ولن نعترف بالعدو ولا بالاتفاقات لانها ضد حقوقنا المشروعة تصريحات اوباما تعطي الغطاء الشرعي للجرائم ضد شعبنا وتهويد القدس».
ووضع وهو يرتدي قلنسوة يهودية إكليلا من الزهور البيضاء في متحف ياد فاشيم التذكاري الذي يكرم ضحايا محارق النازية.
وكتب في سجل الزوار في المتحف «ليأتي أولادنا الى هنا ويعرفوا هذا التاريخ حتى يمكنهم ضم صوتهم لشعار «لن يحدث ثانية».
والتقى أوباما بوزير الدفاع الاسرائيلي ايهود باراك وزعيم حزب ليكود اليميني المعارض بنيامين نتنياهو واجرى محادثات مع وزيرة الخارجية تسيبي ليفني ورئيس الوزراء ايهود أولمرت الذي قد يرغم على التنحي عن منصبه اذ يواجه مزاعم فساد. وتحاشى أوباما القيام بزيارة تحظى بتغطية اعلامية كبيرة للضفة الغربية وهو ما قد يبعد الناخبين اليهود الذين يحتاجهم في انتخابات الرئاسة ولم يدل بأي تصريحات بعد اجتماع استمر لمدة ساعة مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس ورئيس الوزراء سلام فياض.
واكد اوباما انه اذا انتخب رئيسا «سيعمل بجد من اجل الاستمرار في عملية السلام».
وقال الناطق الرسمي باسم الرئاسة نبيل ابو ردينة «ان الرئيس عباس وضع السيناتور اوباما في صورة الوضع الداخلي الفلسطيني وسير المفاوضات مع الجانب الاسرائيلي». واضاف «ان الرئيس اكد خلال لقائه اوباما التزامه بعملية السلام وباستمرار المفاوضات» مشددا على «ضرورة وقف الاستيطان والاجتياحات حتي تنجح عملية السلام».
واشار ابو ردينة الى ان اوباما اكد لعباس «انه اذا انتخب رئيسا للولايات المتحدة الاميركية فانه لن يضيع الوقت ولن يعود الى نقطة الصفر وان ادارته ستعمل بجد من اجل الاستمرار في عملية السلام».
واوضح ابو ردينه «ان اوباما اعلن عن رغبته برؤية خطوات ملموسة على الارض من قبل الجانبين وتحديدا على الأرض الفلسطينية لكي يشعر المواطن الفلسطيني بان هناك املا في عملية السلام».
من جانبه اكد كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات «ان لقاء الرئيس بالمرشح الديمقراطي للانتخابات الرئاسية الاميركية باراك اوباما كان مهما جدا».
وانتشر مئات من ضباط الامن الفلسطينيين الذين يرتدون الخوذة ويحملون بنادق آلية في شوارع رام الله بالضفة الغربية المحتلة أثناء توجه أوباما بالسيارة من مدينة القدس الى هناك. ومر موكبه بسياراته السوداء بالجدار العازل الاسرائيلي في الضفة الغربية والمستوطنات اليهودية على التلال.
كما ايد المرشح الديموقراطي الغارة التي شنتها اسرائيل العام الفائت على موقع نووي مفترض في سوريا، مشددا على حق الدولة العبرية في الدفاع عن نفسها. وادلى سناتور ايلينوي الذي وصل مساء الثلاثاء الى اسرائيل بهذا التصريح ردا على سؤال لشبكة «سي بي اس» التلفزيونية الاميركية. فقد سئل اوباما ما اذا كانت الغارة الاسرائيلية في أيلول (سبتمبر) 2007 في محلها، فاجاب «نعم».
وقال «اعتقد انه كان ثمة ما يكفي من الادلة» على ان سوريا كانت في صدد بناء مفاعل نووي وفق النموذج الكوري الشمالي، مضيفا «كان هناك قلق حول اهداف هذا الموقع».
وتابع المرشح الديمقراطي ان «الاسرائيليين يعيشون في بيئة معادية جدا واناس كثيرون (في المنطقة) يعلنون ان اسرائيل هي العدو». الى ذلك افادت مجلة أميركية ان اوباما يرى انه قد يتبين ان النزاع في افغانستان اصعب من النزاع الدائر في العراق، وذلك بعد ان زار البلدين. واعلن اوباما في حديث لمجلة «تايمز» ان زيارتيه عززتا قناعاته حول السياسة التي يجب انتهاجها في هذين البلدين.
Leave a Reply