مريم شهاب
كثرت فـي الآونة الأخيرة فـي ديربورن، التحركات والنشاطات لـ«خدمة المواطنين الأعزاء»، وقد وتنوعت الأساليب ولبست ألف زيّ وحملت ألف شعار، وأعلنت عن نفسها فـي الإذاعات والجرائد والمجلات والفـيسبوكات. ولكن الأبرز هي تلك الهجمة النسائية المباركة على مراكز حيوية فـي ديربورن.
أنا مثل الكثيرين أجول بناظري على الحاضرين والحاضرات فـي الحفلات الانتخابية واللقاءات الجالوية عموماً، سواء للدعم أو لتعليق وسام أو تقديم درع تقديري على صدور قومٍ لو جرت عليهم العدالة بأبسط مفاهيمها لحوكِمَ معظمهم وسئلوا: ماذا فعلتم؟ وماذا تفعلون؟ ومن أين لكم هذا؟
وسائل الإعلام والإعلان فـي جاليتنا، نقلت لنا الأخبار السارة عن حفلات الطعام الفاخر لدعم المرشحات سوزان دباجة وآبي بزي وفدوى علوية حمود قد حضرها المئات من أصحاب الوجوه المستبشرة والناشطين والداعمين لحملات الترشيح.
حبذا لو أحداً منهم أثار ولفت نظر نجم أو نجمة الحفل بتخصيص خمسة دولارات عن كل شخص لمصلحة الجالية العامة التي يتهالك الجميع لبلوغ المناصب لخدمتها.
خدمة الجالية ليست بإدراك المناصب العليا فقط.
خدمة الجالية والمجتمع قد تكون بأشياء بسيطة وغير مكلفة.
نجوم الحفلات والولائم المتبارون لحضورها بأبهى وأغلى الأطقم والكرافاتات والأحذية والعطور، ألا يلاحظون، هم ومن حولهم، من نشطاء الجالية باب «المركز الإسلامي» على فورد رود، ولا يلفت نظرهم مدخله الكئيب المهمل المغطى بقطع خشبية بائسة يابسة وتتكاثر بينها الأعشاب البرية كبرهان على التسيب والإهمال. هل رأيت باباً يبكي؟ سأل عاصي الحلاني يوماً.
نعم، الباب الخشبي الرئيسي للجامع الأيقونة يبكي مسلمين عاجزين عن صيانته وإزالة الصدأ عن جوانبه المعدنية. يبكي وجهاء وزعماء ونشطاء.. «هني بميل والجالية بميل».
مهمة مستحيلة
فـي إحدى اللقاءات مع الشيخ عبد اللطيف برّي، وجدته محاطاً بعددٍ من الناشطين والمقربين. وكان العّلامة إذا قال كلمة هبّوا جميعاً للتصفـيق. وإذا انتقد شيئاً سارعوا إلى لعنِه، وإذا امتدح شخصاً سارعوا إلى مدحه، وبكل محبة واحترام قلت له فـي إحدى المرات: مولانا لي رجاء واحد عندك وهو أن تطلب من هؤلاء السادة -أي واحد تختاره منهم- وتحدّد له مهمة واحدة: أن يجيب «لا» أو يعترض على كل سؤال تطرحه على الجموع، سواء كان على حق أو على خطأ. فإن ذلك سيجعلك تتأمل قليلاً فـيما يجري حولك خارج هذا المكان.
أجابني الشيخ برّي بذكائه وحنكته بأن الفكرة أعجبته. لكن يبدو أن الضعف البشري لم يمكّنه من تطبيقها. وربما أكثر ما آلمه فـيما بعد إنه لم يعثر على من لديه الشجاعة والثقة لأن يعترض على ما يقوله حضرة المرجع الديني الأعلى للجالية.
هذا النوع من الناشطين المقربين الخائفـين على مواقعهم وأنفسهم، لا يعرف خطرهم ولا مدى أذاهم إلّا بعد فوات الأوان.
Leave a Reply