ديربورن
في ختام «شهر التراث العربي الأميركي»، الذي يوافق شهر نيسان (أبريل)، تسلّط «صدى الوطن» الضوء على الدور الهام الذي يؤديه «مركز العوامل السياقية لمرض ألزهايمر»، MCCFAD التابع لمعهد البحوث الاجتماعية بـ«جامعة ميشيغن»، في التوعية حول المرض الذي يصيب كبار السن في المجتمع العربي بمنطقة ديترويت.
يمارس المركز –الذي يقوده باحثون وأخصائيون مجتمعيون من العرب الأميركيين– أسلوباً مبتكراً في إجراء الأبحاث المجتمعية والسلوكية لـ«مرض ألزهايمر وأعراض الخرف المرتبطة به» ADRD، في المجتمعات المتحدرة من المنطقة العربية، أو ما يُعرف في الولايات المتحدة باسم «منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا» (مينا).
المركز يأخذ بعين الاعتبار الفوارق الاجتماعية والاقتصادية لدعم أبحاثه العلمية الرامية إلى تجاوز الحساسيات الثقافية المرتبطة بالرعاية الإدراكية، والبحث في تقليل مخاطر ألزهايمر وأعراضه. ويتمثل الهدف الأساسي للباحثين والمشاركين في الأبحاث النفسية السلوكية في تبديد وصمة العار المتعلقة بمرض ألزهايمر أو ما يعرف بالخرف في الأوساط العربية.
كذلك، يتطلع مركز MCCFAD إلى تعزيز مشاركة العرب الأميركيين في الدراسات البحثية، لكي يستفيدوا –أفراداً ومجتمعات– من النتائج والاكتشافات العلمية الحديثة في هذا المجال.
ويتعايش ملايين الأشخاص مع مرض ألزهايمر الذي لا يعتبر جزءاً طبيعياً من مرحلة الشيخوخة. وعلى الرغم من عدم وجود علاج لهذا المرض، إلا أنه توجد طرق عديدة للتخفيف من مخاطره.
المركز البحثي يركّز –أيضاً– على دراسة تأثير الفوارق الاجتماعية والاقتصادية في «عدم المساواة الصحية»، وبشكل خاص في مرحلة الشيخوخة وما يرافقها من تدهور عقلي وذهني، لدى المتحدرين من العالم العربي في منطقة ديترويت.
وفيما يُعتبر البحث المستمر وجمع البيانات عاملين ضروريين للباحثين في المركز، من أجل دراسة الظروف الاجتماعية والاقتصادية وتأثيرها على النتائج الصحية للسكان العرب الأميركيين، فإن الباحثين يواجهون العديد من العوائق، وفي مقدمتها غياب التصنيف الإثني للمتحدرين من أصول عربية في الإحصاءات الفدرالية، التي لاتزال تدرجهم –رسمياً– ضمن خانة «البيض».
وفي هذا السياق، لفتت مديرة «مركز العوامل السياقية لمرض ألزهايمر»، كريستين عجروش إلى أنه يصعب التعرف على العرب الأميركيين في مجموعات البيانات الفدرالية، لكونهم يعتبرون «بيضاً» من الناحية الرسمية، وقالت عجروش: «نحتاج إلى اعتماد فئة «مينا» في الإحصاءات الفدرالية، كخطوة أولى لكي يتم فصلنا وتمييزنا عن فئة البيض».
وأشارت عجروش إلى أن بحثاً جديداً وجد بأن العرب الأميركيين في منطقة ديترويت يعانون من مشاكل الصحة الإدراكية بنسبة أعلى، مقارنة بالسكان البيض في نفس المنطقة، لافتة إلى أن العديد من النشطاء والمهنيين يقودون معركة شاقة لإضافة فئة «مينا» على الإحصاءات الفدرالية.
إضافة لما سبق، فإن «مركز العوامل السياقية لمرض ألزهايمر» يدرك ضرورة تعزيز التوعية المجتمعية حول المرض الذي يُعرف باللغة العربية باسم «الخرف»، وهي كلمة تحمل طابعاً ازدرائياً ومهيناً.
من هذا المنطق، فإن بناء الثقة يعد عاملاً حاسماً خلال العمل على رعاية مرضى ألزهايمر في مجتمعات المهاجرين، بحسب عجروش التي أضافت بالقول: «توجد حاجة إلى الكثير من التشجيع وبناء الثقة لجعل المشاركين في البحوث يرغبون في المشاركة بنشاط وفعالية».
ولفتت عجروش إلى أن نتائج الأبحاث نادراً ما تعرض على الجالية العربية الأميركية، وقالت: «لذلك نحن بحاجة إلى معالجة مخاوفهم والإجابة على أسئلتهم فيما يتعلق بالبحوث»، حيث تزداد الحاجة إلى الاعتماد على المشاركة المجتمعية في غياب البيانات الفدرالية.
وبمناسبة «شهر التراث العربي الأميركي»، فإن عجروش تضافر جهودها مع جهود منسقة التواصل المجتمعي لدى مركز العوامل السياقية لمرض ألزهايمر، دونا جواد، لتذكير العرب الأميركيين في منطقة ديترويت بأن العرب كانوا رواد البحث العلمي الذي شكل العمود الفقري في التاريخ والحضارة العربية.
وأوضحت عجروش بأن العرب ساهموا بشكل كبير في تقدم العلوم الطبية، وقالت: «لقد كان المجتمع العربي من أوائل المجتمعات التي بنت المستشفيات، وأنهم كانوا في طليعة من اكتشف أدوية للأمراض الإدراكية بطرق علمية، عبر استخدام الملاحظات المنهجية لضمان فعالية العلاج».
وأشارت عجروش إلى أن الاكتشافات الرائدة في الحضارة العربية وفرت الأساس العلمي المتين للرعاية الطبية الحديثة، وأردفت: «الموارد التي تستثمرها الولايات المتحدة في البحوث لإيجاد طرق لتحسين الصحة الإدراكية، تعتمد على الإنجازات العربية في المعرفة والعلوم، من عدة نواحٍ».
من جانبها، أكدت منسقة التواصل المجتمعي لدى مركز MCCFAD، دونا جواد، على أهمية أن تشمل الأبحاث في الولايات المتحدة، العرب الأميركيين، وقالت: «غالباً ما يكون هناك نقص في الوعي بالمساهمات المهمة التي تقدمها الأبحاث لرفاهية الأفراد والمجتمعات».
كذلك، أوضحت جواد بأن «الثقافة العربية هي مصدر أساسي مهم للمعرفة المكتسبة من الأبحاث».
وكان المركز آنف الذكر، قد دعم –على مر السنين– قوة عمل بحثية مكرسة لأبحاث الشيخوخة من خلال تمويل الأبحاث التي أجراها الباحثون والإخصائيون السلوكيون حول السكان المتحدرين من العالم العربي.
وفي هذا السياق، أتاح طبيب الرعاية الأولية وسيم يونس عيادته لمجموعة الدعم الشهرية لمرض ألزهايمر ومقدمي الرعاية الصحية، حيث تظهر البيانات أهمية مجموعات الدعم للعائلات ومقدمي الرعاية لكبار السن الذين يعانون من ألزهايمر، والتي تسمح لهم وللأشخاص الذين يقومون برعايتهم في البقاء بصحة جيدة.
ولفتت جواد إلى أنه «توجد حاجة في المجتمع لمكان آمن ومريح للتحدث بحرية ومشاركة الموارد»، مشيرة إلى أن مجموعة الدعم لمرض ألزهايمر في المجتمع العربي ستعقد اجتماعاً في 12 أيار (مايو) المقبل، بين الساعتين 6 و7 مساءً.
للراغبين في حضور الاجتماع، التواصل مع دونا جواد عبر العنوان الإلكتروني: donjawad@unich.edu
Leave a Reply