كم كان الكاتب أنيس منصور رائعاً حين سئل عن الفرق بين الحب الفاشل وبين الناجح فأجاب بأن الأول يؤلمك فترة وجيزة، فيما الثاني يؤلمك مدى الحياة!
بينما البعض يرى أن الزمن الذي نحياه ليس زمن الحب، من دون أن يتأكد من أن عظمته تخترق كل الأزمنة بالرغم مما يحاك ضده، حتى اختصر كل ذلك فأعلن على الناس إشراقة عيده، فراح العشاق يتبادلون الورد الأحمر إيذاناً بانتصار باعة الزهور على تجار الموت.
كم يتهافت الرجال على تلك المحلات (البمبية) من أجل أن يعطروا أجواء زوجاتهم بأشذاء المحبة من خلال باقات الورد، مديرين ظهورهم لمكهربي أجواء العالم عبر التلويح بألعابهم الذرية تلك، حتى أن البعض يقرن باقة الزهور بخاتم أو إسوارة ذهب تعبيراً مادياً عن الاهتمام فيحظى بعشاء وسهرة فاخرة، أما إذا كانت الهدية ليست بالمستوى المطلوب فعليه أن يطلب «الدلفري» من أقرب مطعم، ليروض نفسه نحو المبيت في غرفة ثانية عقاباً له!
وبمناسبة عيد العشاق أتحفكم بهذه القصة الطريفة التي حصلت وقائعها في السنة الماضية كما نقلتها لي إحدى الزوجات.
إذ روت لي بأنها زوجة رجل تزوج بأخرى غيرها في ديربورن ولديه زوجة ثالثة (بالمتعة) تقيم في كندا المحاذية، وأنها قد راهنت على أن زوجها سيفضلها –وهي الأولى في حياته– على الاثنتين الأخريين، وأنه سيقدم لها هدية مخصوصة لوحدها من دونهما، لأنها أمّنت له بيتا من دون أن تكلفه بدفع أي ثمن من كلفته، لكن الكذاب كذاب ولو أقفلت عليه الباب!
في عيد العشاق، حضر بكامل أناقته حاملاً بيده باقة ورد مكتملة النسق والألوان التي يطغى عليها الأحمر، وطبعاً مع «الدبدوب». عانقها وأظهر لها لواعج شوقه إليها مردداً: حبيبتي .. أحبك وقد جئتك مسرعاً من عالم آخر أحمل في قلبي كل الحب والحنان لنكون أمثولة يتغنى بها العاشقون فتعالي نضم بعضنا لبعض ونلتحم مثل ذات واحدة لا يفرق بينها مفرق، ولنحيا ربيع الحياة الدائم دون أن تقتحمه الفصول، ربيعاً بكل معانيه الخصيبة وألوانه االزاهرة، وتعالي نحلق مثل طيرين تحت هذه السماء الزرقاء الصافية ونترك خلفنا كل أحزان الماضي وهمومه.
نظرت إليه بحنو مشوب بقلق وريبة، وحدثت نفسها إن كان ما يجري أمامي حقيقة؟ وهل سيصبح لحياتنا معنى بحيث ستبقي الابتسامة مرسومة على شفتي إلى الأبد بعد أن سلبتني الحياة كل المباهج لتتركني صريعة الجراج التي لا دواء لها؟ غير أن غزل الزوج لم يكن إلا خدعة من خداعه، إذ حالما تناول العشاء وملأ «كرشه» بالطعام الفاخر قال لي: حبيبتي: هل لي أن آخذ باقة الورد و«الدبدوب» لزوجتي الثانية؟ ذلك لأن المحلات قد أقفلت أبوابها وليس بمستطاعي الحصول على باقة ورد أخرى! حتى إذا صعقت الزوجة التي كانت تحلم بقضاء ليلة حمراء تيمناً بلون الورد الأحمر.
اختطف صاحبنا باقة الورد هارعاً لزوجته الثانية التي كانت بانتظاره على أحر من الجمر، وهي التي استغل صغر سنها وفقر خبرتها في الحياة فأغواها وجعلها تتعلق به إذ أبلغها بأنه على خلاف مع زوجته الأولى وينوي الطلاق منها، حتى جعلها تتعلق به بجنون، لكنه بعد أن قضى معها بعض الوقت، طلب منها نفس الطلب من زوجته الأولى بأن يأخذ باقة الورد هذه المرة إلى كندا المحاذية حيث تقيم زوجته الثالثة (بالمتعة) والمصيبة أن الثلاث يعرفن بعضهن البعض! فذهب إلى كندا مع باقة الورد نفسها حيث كان الإمداد المادي مصدره السيدة الكندية.
هذه القصة أهديتها لكم في عيد الحب لتتجنبوا الخداع. فعيد الحب أصفى وأبلغ وأعظم من ذلك. وكل عيد حب وأنتم ترفلون بإخلاص بعضكم لبعض.
Leave a Reply