مريم شهاب
فـي عيد الشكر، شكرٌ دافـيء فـي هذا الطقس البارد لكل قراء هذه الزاوية مع تمنياتي للجميع أن يكون عيد الشكر مناسبة لنشكر بعضنا بعضاً ولنحب بعضنا بعضاً. أينما وجد الحب، الله موجود. الكريم من يشكر واللئيم من يكفر. فشكراً للهِ لكل الائه وأنعمه، وشكرآ لكل العاملين فـي هذه الجريدة المهمة وإخراجها بصورة جميلة ورشيقة وشكر خاص لاستاذي كمال العبدلي، الحبر فـي اللغة العربية، شكراً لكل ارشاداته ولمساته الأنيقة لهذه الزاوية.
عيد الشكر، مناسبة مهمة جداً فـي أميركا، مغزاه الشكر العميق لله على نعمة الحياة والبقاء والرزق، الحكمة تقول: «بالشكر تدوم النعم» الأنبياء والأتقياء والعلماء هم من الشاكرين الذين منحهم الله عقولاً نيّرة للوصول إلى العلوم النافعة لكل البشر. هناك تعليق طريف، وربما يكون صادقاً، أن الله يجزل كرمه وعطاياه على أميركا والشعب الأميركي لأنهم شاكرون دوماً، تطبيقاً لقوله تعالى: «لئن شكرتم لأزيدنكم».
الكثيرون مثلي من القادمين حديثاً إلى أميركا، تأسرهم المعاملة الحسنة، والكلمة الطيبة، «شكراً» من أول موظف فـي المطار إلى آخر موظف فـي أي دائرة أو عامل فـي محل، يشكرونك لقدومك إلى بلدهم وبكل ذوق ولطف يقدمون لك كل ما يسّهل أمور حياتك مع ابتسامة صافـية وراقية شاكرين لك إتاحة الفرصة لهم لخدمتك، بغض النظر هل أنت أمير أو غفـير.
هذه الميزة الحسنة، ميزة الشكر الصادق، والابتسامة الدافئة يفتقدها الكثير منا نحن الشرقيون، فعل الشكر ممنوع من الصرف لدينا «لو بتضوي العشرة كرمالهن» يسألون هل من مزيد بدون امتنان وبدون كلمة «تانك يو»، وأعرف الكثير من ناسنا وأهلنا، مضى على وجودهم فـي هذا المهجر زمناً، ومع ذلك لازالوا «على حطة إيدك»، «دب دبتك العافـية»، لم تلمسهم حرارة كلمة الشكر الطيبة لان قلوبهم تعاني من برودة مزمنة بداء العظمة والتكبر.
بعض السادة الأزواج من ذوي الشوارب الكثة والعقول الرثة، لا يملكون قول شكراً لزوجاتهم «الأوادم» العاملات بأخلاق وتفاني بعد توقف الاخرين، لهؤلاء وغيرهم الكثيرين ممن يتبطرون على النعم الكثيرة والصحة الوفـيرة التي أجز لها الله عليهم، ومع ذلك يبخلون بقول حتى كلمة شكراً، أقول لهم «إشكروا الله ثم العلم الذي زاد متوسط أعماركم من أربعين سنة قبل قرن من الزمان إلى ثمانين سنه عام ٢٠١٤.
اشكروا الله الذي سهّل لكم المجيء إلى هذه البلاد الآمنة، تعملون وتعيشون وتسافرون آمنين دون أن تحملوا العصي والخناجر والبواريد لتحموا أنفسكم، اشكروا الله الذي رزقكم وجعلكم تتطيرون وتأكلون فاكهة الشتاء بالصيف وفاكهة الصيف بالشتاء، والبسكم «النظارات» وسخر «الليزر» ليشرط عيونكم ويجعل الأعمش يرى مثل «زرقاء اليمامة» وذلل لكم «الصرف الصحي» وجعلكم تقضون حاجاتكم فـي بيوتكم بدلاً من الخلاء!!.
اشكروا الله الذي جعل لكم السيارات والطائرات ذلولا لتركبوها بدلاً من البغال والحمير والذي وفر لكم البترول وانار لكم ظلام الليل.
اشكروا الله احمدوه على بركات «الحبة الزرقاء» التي حولها بقدرته تعالى من دواء لخفض الضغط، إلى دواء يرفع أرواحكم المعنوية الفحولية التي لا تستحقونها، واشكروه كثيراً الذي ألبسكم بنطلونات «الجينز» لتغطوا بها سوءاتكم، وتستعرضوا مؤخراتكم، على «الآيفون» و«الآيباد» وتتبادلون الصور والمقاطع السخيفة مهما بعدت المسافات بينكم.
«إن تعدوا نعمة الله لا تحصوها» متى تكونون حقاً شعوباً وقبائل لتعارفوا وتشكروا بعضكم بعضاً لتدوم عليكم النعم؟؟
Leave a Reply