صخر نصر
فـي نقاش عائلي حول العطلة الصيفـية طلبت من ابني الصغير أن يدرس اللغة العربية فـي دمشق حيث سيقضي اجازة الصيف، وفوجئت برده السلبي العنيف على الطرح مع إجابة صريحة لاأريد أن اتعلم العربية فأنا أدرس الانكليزية واتقنها وماحاجتي لتعلم لغة ثانية فالانكليزية هي اللغة الدارجة فـي أنحاء العالم .
لم يخطر ببالي يوما أن أسمع مثل هذا الرد من طفل ينطق العربية بطلاقة كما الانكليزية إلا أن المفاجأة ذهبت عندما علمت أن كل أقرانه من أبناء الجالية لايجيدون العربية ولا يتحدثون بها على الإطلاق حتى مع أهليهم فـي المنزل ما فسر لي سبب رفض الطفل فكرة دراسة لغة الاباء والاجداد والتي يقرأ حروفها ويكتبها.
بالامس اتصلت بعيادة الطبيب لكي أحدد موعدا لإجراء فحص دوري فردت علي إمرأة بالانكليزية فطلبت إليها أن أتكلم بالعربية كوني لا أجيد الانكليزية إجادة تامة والموضوع يحتاج إلى شرح دقيق خاصة أنه يتعلق بالتأمين الصحي وطريقة المعالجة عند الطبيب الاخصائي ومن الضرورة أن اتواصل بشكل دقيق وفعلا أعطتني موظفة تعمل بالعيادة وتتكلم العربية جيدا وما أن انتهى السلام والمجاملات حتى بدأت تشرح لي بالانكليزية فاعتذرت منها طالبا التوضيح بالعربي فانزعجت وتغيرت نبرة صوتها وكان لابد من انهاء المكالمة والاتصال فـيما بعد.
هذه الحالة ليست فريدة فـي وسطنا العربي بديربورن فكثيرون لا يعرفون الانكليزية وقد وفرت الحكومة فـي كل دائرة من دوائر الولاية موظفاً أو أكثر يجيد العربية للتخاطب مع الناس وتقضية مصالحهم حتى أن معظم المحال الأميركية الكبرى تستخدم موظفـين ينطقون بالعربية لخدمة الزبائن ويكتبون على الآرمات نتكلم العربية أما فـي الوسط العربي فـيتهرب الموظفون من النطق بلغتهم الأم، علما بأن العيادات والمحال والمكاتب تشترط فـي طالبي الوظائف اجادة اللغتين قراءة وكتابة لخدمة زبائنهم من أبناء الجالية.
وتحضرني قصة امرأة عربية فـي العقد السادس من العمر التقيت بها صدفة وراحت تعتذر عن عدم إجادتها للعربية ولما سألتها عن المدة التي قضتها فـي اميركا فأجابت بأنها هاجرت إلى أميركا قبل ربع قرن أي اقل من نصف عمرها والباقي كان فـي بلدها الأم اي أنها قضت ثلاثة عقود من عمرها وهي تتكلم العربية.
اللغة هي ثقافة، فالشعوب تعتز بلغتها الأم، سيما وأن العربية هي لغة القرآن الكريم ومن الضروري بمكان لأي مسلم أن يعرف لغة كتابه المقدس وكثير من أبناء الجاليات الآسيوية المسلمين والذين نتواصل معهم باستمرار يطلبون منا تعليمهم مفردات العربية لكي يفهموا ما يقولونه فـي صلواتهم أما نحن أهل اللغة فإننا نسعى للتخلي عنها ونحن بأشد الحاجة اليها أنى اتجهنا وأنى حللنا، فاللغة تعبر عن ثقافتنا الموروثة، واتقان لغة أخرى أو لغتين أمر فـي غاية الأهمية للتواصل مع الثقافات والشعوب الأخرى، وتبادل المعلومات أما إن تركنا لغتنا فتأكدوا تماما فإن نظرة الآخرين لنا لن تتغير حتى لو صبغنا شعرنا أشقرا و ووضعناعدسات ملونة للعينين.
لذلك لم اعتب على ردة فعل ابني الصغير وسأصر على أن يتعلم اللغة قراءة وكتابة حتى لو اضطررت لادخاله فـي مدرسة صيفـية.
Leave a Reply