شبه الكيان اللبناني المتنكر لأسباب منعته وعزته وكرامته يعيش لحظات مصيرية في سباق محموم مع الوقت قبل إصدار المحكمة الإسرائيلية-البلمارية القرار “الإلتهامي” الذي سيأكل في طريقه الأخضر واليابس وغير المبالي بقضية الرئيس الشهيد رفيق الحريري ولا بالعدالة أو الحقيقة لأنها في أسفل إهتمامات أميركا وإسرائيل، بل المطلوب استعمال المحكمة من أجل رأس المقاومة بعد أن أعيت إسرائيل وأذاقتها طعم الهزيمة المنكرة ومرغت أنفها في التراب منذ عام ١٩٩٣، وإسرائيل حتى اليوم غير قادرة على مقارعتها في الميدان رغم كل مناوراتها العسكرية والأمنية والدبلوماسية ولهذا السبب أرادت إسرائيل إعلان “براءة ذمة” أممية عن طريق خدعة الإنسحاب الإعلامي المزعوم من مدينة الغجر. وهكذا “تريح إسرائيل ضميرها” أمام العالم والرأي العام الدولي بعد سقوطها إلى أسفل درك نتيجة مجزرة “أسطول الحرية” في غزة، ثم تتفرغ لتداعيات “القرار الظني” المشبوه وربما تستخدم “القوات الدولية” العاملة في الجنوب والتي يبلغ عددها أكثرمن عشرين ألفاً والتي ليست على ما يرام مع أبناء الجنوب، من أجل تنفيذ قرار الأمم المتحدة في إعتقال أفراد من المقاومة تحت ذريعة تحقيق العدالة.
وسط هذا كله يبدو رأس الدولة وكأنه غير مبالٍ، يعمل للقرار وكأنه لن يصدر أبداً، فتعطل مجلس الوزراء من أجل إبعاد “كأس” شهود الزور المرة، أما رئيس حكومته الذي حطم سجل الرحالة العربي “إبن بطوطة” في جولاته المكوكية ويعمل كأن القرار صادر غداً فهو يريد أن يكون بعيداً قدرالإمكان عن لبنان عند لفظ أكبر فضيحة قانونية وأخلاقية مشينة ومعيبة في تاريخ العالم! وأول محطات “برمة العروس” كانت الجمهورية الإسلامية الإيرانية، أي قلب بلد ولاية الفقيه، التي نظّر عنها طويلاً سوسلوف بن جعجج و”قرطة حنيكر” عندما تحدثوا عن “الحلف السوري-الإيراني”، إلى أن إكتشف سعد أن إيران “دولة صديقة تريد الخير للبنان”، فماذا سيقول فارس سعيد بعد اليوم يا ترى؟ بل ماذا سيحدث غداً عندما تفرغ لائحة “١٤ آذار” من الأعداء؟ إلا أن وثائق “ويكيليكس” السرية جاءت لتهدم “ملذات” كلام سعد وهو في إيران عندما كشفت أنه هو و”أولياء نعمته” حرضوا أميركا سراً على ضرب إيران بسبب ملفها النووي وقطع “رأس الأفعى”!
لكن يبقى أمر سعد عجيباً ومحيراً! فقد كانت “ضحكته تزن رطلاً”، كما يقول المثل العامي، عندما كان يستقبل رئيس وزراء تركيا “العروبي الطيب” أردوغان، وكادت أضراس عقله تظهر من كثرة الضحك محاولاً إقحام الطيب في زواريب السياسة اللبنانية الملتوية، وموحياً عبر جماعته كأن زيارة المسؤول التركي جاءت رداً على زيارة الرئيس الايراني الدكتور محمود احمدي نجاد الشعبية الناجحة والتي بقي خلالها سعد متجهم الوجه مثل صديق الشاعر إيليا أبوماضي عندما قال فيه: قال السماء (غير الزرقاء) كئيبةٌ وتجهما قلت إبتسم يكفي التجهم في السما
لكن اردوغان، الذي يستحق التكريم على مواقفه الرجولية التي لم تتوفر في أنظمة العرب، تفوق على “المزوربين” بسنين ضوئية عندما يمم هجومه شطر إسرائيل فقط محذراً إياها من الإعتداء على لبنان، كما تبين أنه نسق وينسق مع إيران دوماً وبالتالي فإن زيارته إلى لبنان كانت مكملة، لا منافسة، لزيارة نجاد. ويبدو أن عملية توزيع الأدوار مستمرة بين سعد “الطائر” (أين منه عباس بن فرناس؟) وتياره المقيم في أرض المواقف المتناقضة حيث اتحفنا عقاب صقر بدفاعه الحميم عن “معراب” وساكنها الذي يقف اليوم ضد أي مقاومة وطنية وتفهم جدي بين اللبنانيين، لكن لاحظوا أن عقاب مع المقاومة وضد التسييس في المحكمة! ومن مواقف التيار أن “غضب الرب” نزل على وزير الإتصالات، كما نزل على الشيخ عمر بكري وظهر مكانه اليوم الداعية الشهال، وأصبح أعضاء الكتلة الذين نسينا أنهم نواباً فازوا في إنتخابات المليار و٢٠٠ مليون دولار يهتمون بعمل الوزارة ويسألون الوزير نحاس عن عمله لأن ضميرهم إستيقظ فجأة لا لأن معلمهم هدد الوزير بإصبعه! كل هذ الغضب، غير الساطع، يعود لأن وزير الإتصالات كشف عن خرق إسرائيل و”استملاكها” لقطاع الإتصالات الثابتة والمتنقلة وتمكن من إصدار إدانة دولية لخرق إسرائيل له. وهكذا عاودت جمعية “الصداقة الإسرائيلية -اللبنانية” نشاطها المريب والموتور المتناغم مع الموقف الإسرائيلي-الأميركي فسخفت مؤتمر الوزير شربل نحاس الجريء مصرة على ضرورة صدور “القرار الظني” قبل الرد عليه حتى يبنى على الشيء مقتضاه! ولكن ماذا عن كشف الصحافي الفرنسي ثيري ميسان أن صاروخاً ألمانياً استهدف موكب الرئيس الشهيد وأن الماكر ديتلف ميليس ونائبه غيرهارد ليمان غطيا على هذه الحقيقة وأن تعاملهما مع أجهزة الاستخبارات الغربية موثق كما أن رئيس المحكمة الخرفان أنطونيو كاسيزي له رأي معروف يتضمن أن حركات المقاومة في لبنان وفلسطين والعراق وأفغانستان يجب أن تحاكم بتهمة الإرهاب؟
والسؤال الذي يطرح نفسه، ماذا لو صدر “القرار الظني” مطابقاً للتقارير الصحافية التي تتهم قادة في المقاومة وبالإستناد إلى “الهواتف الحمراء الثمانية” كما ذكرت المحطة الكندية التي إستشاط غضب بلمارعليها ربما لأنها كشفت أنه مهتم بإرتداء وإقتناء الملابس الجديدة والبذخ على مكتبه الوثير أكثر من اهتمامه بالحقيقة؟ وماذا لو تجاهل هذا “السمسار” أن بإمكان إسرائيل أن تستعمل الهواتف وتتلاعب بها وتجعلها تتصل من دون علم أصحابها؟ وماذا لو صدر “القرار” ولم يعد بالإمكان نقضه خصوصاً أن إسرائيل قد هيأت أشرس حملة إعلامية عالمية ضد المقاومة في لبنان وغير لبنان؟ ألم يتجاهل بلمار السمسار المعطيات التي توجب التحقيق في الفرضية الإسرائيلية المفترض أن “القضاء اللبناني” سلمها له؟ أم أن سعيد ميرزا لم يتابع هذا التفصيل “التافه” بسبب اهتمامه بإستدعاء جميل السيد أو التحقيق مع النساء في العيادة؟
لقد منح مروجو “القرار الإلتهامي” فرصاً كثيرة من أجل إبعاد مؤامرته وفتنته، لكنهم كالعادة يبدو أنهم لن يحسنوا إستغلالها ومن يزرع الريح سوف يحصد العاصفة!
Leave a Reply