واشنطن
في مبادرة أحادية، أعلن الرئيس الأميركي جو بايدن، الأربعاء الماضي، عن خطة لإلغاء ما يصل إلى 20 ألف دولار من القروض الطلابية للأميركيين الذين لا يتجاوز دخلهم السنوي 125 ألف دولار، مثيراً بذلك موجة انتقادات سياسية من اليمين واليسار على حد سواء –وإن كانت لأسباب مختلفة– وسط تحذير الخبراء من أن تؤدي الخطة الجديدة إلى مفاقمة أزمة التضخم عبر شطب أكثر من 300 مليار دولار من ديون المقترضين وإلقائها على كاهل دافعي الضرائب.
في المقابل، يصرّ بايدن على أن خطته مصممة خصيصاً لدعم الطبقتين الوسطى والفقيرة في مواجهة أزمة ارتفاع الأسعار، لافتاً إلى أنها تأتي في سياق التزامه بوعوده الانتخابية بتخفيف الأعباء عن الأسر العاملة.
وقال بيان صادر عن البيت الأبيض إن بايدن يرى أن القروض الجامعية تمثل عبئاً كبيراً لأبناء الطبقة المتوسطة ويحرمهم من فرصة تحسين حياتهم. لذلك قرر الوفاء بوعده بإعفاء الطلاب من ديون القروض «حتى تجد العائلات متنفساً في ظل الأزمة الاقتصادية التي سببها الوباء».
وتشمل خطة بايدن، إلغاء 10 آلاف دولار من ديون الطلاب، بشرط أن يكون دخلهم أقل من 125 ألف دولار سنوياً للأفراد، وأقل من 250 ألف دولار للأسرة. أما إذا كان المقترضون قد استفادوا من برنامج «منح بيل» الفدرالي المخصص لمحدودي الدخل، فإنهم سيكونون مؤهلين للإعفاء من ديون مستحقة تصل لغاية 20 ألف دولار.
ولضمان عدم التخلف عن السداد، أمر بايدن بتمديد فترة تعليق سداد القروض الطلابية «لمرة واحدة وأخيرة» حتى نهاية كانون الأول (ديسمبر) المقبل، مطالباً المقترضين بالاستعداد لاستئناف السداد ابتداءً من كانون الثاني (يناير) 2023.
كذلك، تضمنت خطة بايدن، توجيهات بوضع آليات لتخفيف عبء سداد القروض الطلابية عبر تحديد حجم المدفوعات الشهرية للديون بما لا تزيد عن 5 بالمئة من الدخل التقديري للمقترض.
ووفقاً لوكالة «أسوشيتد برس» فمن المرجح أن تقضي خطة بايدن على ديون الطلاب بالكامل لملايين الأميركيين وتمحو نصفها على الأقل لملايين آخرين.
وتراكمت القروض الفدرالية لطلاب الجامعات لتصل إلى 1.6 تريليون دولار، يتحملها أكثر من 45 مليون مقترض، وتشكل عبئاً كبيراً على الطبقة المتوسطة التي تعاني من غلاء المعيشة الذي يجعل من الصعب عليهم الإدخار لشراء المنازل، أو إدخار أموال للتقاعد، وبدء أعمال تجارية صغيرة.
وتقدر وزارة التعليم أن ما يقرب من 27 مليون مقترض سيكونون مؤهلين لتلقي ما يصل إلى 20 ألف دولار كإغاثة.
وتشير الوزارة إلى أن 21 بالمئة من المقترضين المؤهلين للإغاثة هم في عمر 25 عاماً وأقل و44 بالمئة تتراوح أعمارهم بين 26 و39 عاماً، وأكثر من ثلث المقترضين يبلغون من العمر 40 عاماً فما فوق، بما في ذلك 5 بالمئة من المقترضين من كبار السن.
وبحسب البيت الأبيض، «ستعمل وزارة التعليم بسرعة وكفاءة لإعداد تطبيق يتضمن نظاماً بسيطاً يتقدم من خلاله المقترضون للمطالبة بالإعفاء. وسيكون التطبيق متاحاً في أقرب وقت ممكن. وقد يكون ما يقرب من ثمانية ملايين مقترض مؤهلين لتلقي الإعفاء تلقائياً لأن بيانات الدخل الخاصة بهم متاحة بالفعل لدى الإدارة، فيما سيتعين على البقية متابعة ملفاتهم.
ولن يتم التعامل مع هذا الإعفاء من الديون كدخل خاضع للضريبة لأغراض ضريبة الدخل الفدرالية. وللاطلاع على مزيد من المعلومات حول كيفية المطالبة بالإعفاء ستكون متاحة للمقترضين خلال الأسابيع المقبلة. ويمكن للمقترضين التسجيل على StudentAid.gov/debtrelief ليتم إخطارهم عند توفر هذه المعلومات.
ردود فعل
ويرى خبراء أن هذا القرار الذي أصدره بايدن خطوة هامة قد تعزز الدعم للديمقراطيين بين الناخبين الشباب والأكثر تعليماً في انتخابات التجديد النصفي، ولكنها قد تزيد من التضخم أيضاً، وفقاً لـ«رويترز».
وقال خبراء إن إلغاء الديون سيوفر مئات المليارات من الدولارات للأميركيين للإنفاق الاستهلاكي، مما يضيف تحدياً جديداً لمعركة التضخم في البلاد.
وكانت دراسة حديثة أجراها مجلس الاحتياطي الفدرالي في نيويورك قد أكدت أن قرار خفض 10 آلاف دولار من الديون الفدرالية لكل طالب ستصل تكلفته إلى 321 مليار دولار من قروض الطلاب الفدرالية، وسيتضمن إلغاء الرصيد الكامل لـ11.8 مليون مقترض، أو 31 بالمئة منهم.
وهناك أكثر من 43 مليون أميركي لديهم ديون طلابية فدرالية، وما يقرب من ثلثهم مدينون بأقل من 10 آلاف دولار، وأكثر من نصفهم مدينون بأقل من 20 ألف دولار، وفقا لأحدث البيانات الفدرالية.
وكان التيار اليساري في الحزب الديمقراطي قد ضغط على بايدن لإلغاء ما يصل إلى 50 ألف دولار لكل مقترض، بحجة أن الدين يجعل من المستحيل على الأميركيين الأصغر سناً، الادخار في الوقت الذي يدفعون فيه إيجارات المنازل وتكاليف مشترياتهم الكثيرة الأخرى.
ولم يتردد بعض المعلقين اليساريين في التصويب على خطة بايدن بوصفها «غير كافية»، ومجحفة بحق السود، إذ يقع عبء ديون الطلاب أيضاً بشكل غير متناسب على عاتق المقترضين السود. فبعد 20 عاماً من التسجيل لأول مرة في المدرسة، لا يزال المقترض الأسود الذي بدأ دراسته الجامعية في العام الدراسي 1995–1996 مديناً بنسبة 95 بالمئة من ديون الطلاب الأصلية.
في المقابل، أشاد السناتوران الديمقراطيان، تشاك شومر وإليزابيث وورن، في بيان مشترك، بـ«خطوة جبارة على طريق حل أزمة الديون الطلابية»، وكذلك أثنى معظم المشرعين الديمقراطيين على الخطة «التي طال انتظارها».
أما على الجانب الجمهوري، فقد انتقدت اللجنة الوطنية للحزب الجمهوري قرار بايدن، ووصفته بأنه «صدقة انتخابية» على حساب دافعي الضرائب.
وقالت رئيسة الحزب الجمهوري، رونا مكدانييل، إن هذا الإجراء «يعاقب بشكل غير عادل الأميركيين الذين ادخروا للدراسة الجامعية أو اختاروا مسيرة مهنية مختلفة».
وبحسب مشرعين جمهوريين ستساهم هذه الإعفاءات في تشجيع الجامعات على مواصلة رفع الأقساط التي بلغت مستويات لا تطاق بالفعل.
ويرى البعض إن قرار بايدن سيفتح البيت الأبيض أمام العديد من الدعاوى القضائية، لأن الكونغرس لم يمنح الرئيس، السلطة الصريحة لإلغاء الديون من تلقاء نفسه.
Leave a Reply