واشنطن
وقع الرئيس الأميركي جو بايدن، يوم الخمس الماضي خطة تحفير اقتصادي جديدة لمجابهة تداعيات جائحة كورونا، واصفاً إياها بـ«التاريخية».
وقال لدى توقيعه على الحزمة التي أقرت وسط معارضة شاملة من المشرعين الجمهوريين: «أصوات الشعب سمعت وأعتقد أن هذا تشريع تاريخي ويتعلق ببناء العمود الفقري لهذه البلاد».
وأوضح بايدن أن خطة الإنقاذ الجديدة البالغة 1.9 تريليون دولار، ستساعد الطبقة الوسطى.
ومما تشمله الخطة توفير مساعدات نقدية مباشرة لشريحة واسعة من الأميركيين في حدود 1,400 دولار للفرد الواحد بغض النظر عن العمر، وكذلك إعانات بطالة أسبوعية في حدود 300 دولار حتى السادس من أيلول (سبتمبر) القادم، فضلاً عن تقديم تمويل إضافي لتسريع عملية توزيع اللقاحات وإعادة فتح المدارس ودعم حكومات الولايات المترنحة اقتصادياً.
كما سيتم تمديد الإعفاء الضريبي للشركات لمدة عام إضافي وذلك حتى عام 2026.
ووافق الكونغرس بمجلسيه، النواب والشيوخ، على خطة التحفيز، من دون دعم أي نائب أو سناتور جمهوري.
وبينما يرى خبراء اقتصاد أن تمرير حزمة التحفيز مهم جداً لدفع الاقتصاد الذي تأثر كثيراً بوباء كورونا، يقول الجمهوريون إن الإسراف في الإنفاق الحكومي قد تكون له تبعات كارثية، متهمين الديمقراطيين باستغلال الحزمة لتمرير العديد من أهدافهم الحزبية.
ووصفت وسائل الإعلام تمرير الحزمة بأنه «انتصار كبير» للرئيس بايدن الذي سارع إلى توقيع مشروع القانون في اليوم التالي لإقراره في مجلس النواب بعد التعديلات التي أدخلت عليه في مجلس الشيوخ خلال عطلة نهاية الأسبوع المنصرم بأغلبية 50 مقابل 49 صوتاً.
تفاصيل من الحزمة
بموجب التشريع، سيحصل الأميركيون الذين يكسبون 80 ألف دولار أو أقل سنوياً، والأزواج الذين يجنون معاً 160 ألف دولار سنوياً أو أقل، على شيكات تحفيزية تصل قيمتها إلى 1,400 دولار للفرد. وسيحصل كل طفل على شيك بالقيمة نفسها.
وبحسب مسؤولين في إدارة بايدن، من المتوقع أن يبدأ الأميركيون بتلقي الشيكات خلال عطلة نهاية الأسبوع.
ويوسع التشريع الائتمان الضريبي السنوي للأطفال إلى 3,600 دولار لمن هم دون سن الخامسة، و3,000 دولار للأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 6 و17 عاماً.
كما أنه سيمدد إعانات البطالة المعززة وقيمتها 300 دولار أسبوعياً حتى مطلع سبتمبر 2021، بعد أن كان من المقرر أن تنتهي نهاية هذا الأسبوع. وستكون أول 10,200 دولار معفية من الضرائب.
وسيوفر القانون أيضاً 14 مليار دولار لتوزيع اللقاحات، و49 مليار دولار لاختبارات «كوفيد–19»، وتتبع المخالطين ومعدات الحماية الشخصية.
ويشمل أيضاً 125 مليار دولار للمدارس، وحوالي 40 مليار دولار للتعليم العالي، وسيوفر 39 مليار دولار على شكل منح لرعاية الأطفال، و25 مليار دولار كمساعدة في الإيجار، و30 مليار دولار للنقل العام.
ووصفت رئيسة مجلس النواب، نانسي بيلوسي، وزعماء ديمقراطيون آخرون التشريع، بالتاريخي، ولدى سؤالها عما إذا كانت الحزمة هي فاتورة الإغاثة النهائية المطلوبة، قالت بيلوسي: «عليكم أن تسألوا الفيروس؛ إذا توقف عن الانتشار وبالتالي عن التحور»، فستكون هذه الحزمة الأخيرة.
الاقتصاد الأميركي
ستغرق الحزمة الجديدة الاقتصاد الأميركي بالسيولة، وسط توقعات بانعكاس ضخم على النمو يعود بالفائدة على الأسر والشركات معا، وفقاً لخبراء الاقتصاد في «أكسفورد».
ويفترض أن تعطي التدابير المتخذة هذه السنة دفعاً للنمو في الولايات المتحدة من ثلاث إلى سبع نقاط مئوية، بحسب غريغوري داكو.
وقال إن «الأسر الأميركية ستكون محرك النهوض» موضحاً أن الأسر ذات الدخل المحدود ستستفيد من «التحويلات السخية في الموازنة التي يبلغ مجموعها حوالي 900 مليار دولار»، بما في ذلك الشيكات المباشرة ومخصصات البطالة الإضافية والائتمانات والإعفاءات الضريبية.
ومن المتوقع أن تنفق العائلات ذات الدخل المرتفع بعض المدخرات الزائدة المتراكمة من الأشهر الـ11 الماضية.
وأعلنت جانيت يلين، وزيرة الخزانة الأميركية، عشية إقرار مشروع القانون في مجلس النواب، أن الحزمة تعكس «المساعدات التي نحتاجها لتحريك اقتصادنا وإعادته إلى مستوى ما قبل الجائحة».
وكان أقوى اقتصاد في العالم تقلص بمعدل 3.5 في المئة العام الماضي، الذي كان أسوأ سنة له منذ الحرب العالمية الثانية.
وبحسب البيت الأبيض، هذا القانون الذي يصفه بـ«التاريخي» سيساهم في إيجاد أكثر من سبعة ملايين وظيفة إضافية هذه السنة وسيخفض إلى النصف فقر الأولاد وسيجعل العلاج الصحي أقل كلفة مع انقاذ أرواح بفضل الأموال المخصصة لتلقيح الجميع.
وأضافت يلين أن الولايات اضطرت لإلغاء 1.4 مليون وظيفة بسبب انخفاض دخلها وزيادة نفقاتها.
وتابعت أن هذه الخطة يجب أن تسمح بالتحقق من «حفاظ عناصر الشرطة والإطفاء على وظائفهم».
وقالت «إذا سارت الأمور جيداً سيعود اقتصادنا العام المقبل إلى التوظيف الكامل الذي عهدناه قبل الجائحة».
وأعلن مايكل بولييزي، كبير خبراء الاقتصاد لدى «ويلز فارغو» أنه «سيكون لجزء من المساعدات التي ستصرف فوراً تأثير في البيانات الاقتصادية على الأرجح اعتباراً من أبريل».
وذكر أن ذلك قد يترجم بزيادة في الاستهلاك خصوصاً في مبيعات التجزئة في الشهرين القادمين.
وسيتم دفع المساعدات الأخرى مثل الإعفاءات الضريبية لرعاية الأطفال في وقت لاحق، ربما في نهاية العام أو في مطلع العام المقبل.
ومع إيجاد سبعة ملايين وظيفة يتوقع أن يتراجع معدل البطالة تحت عتبة 5 بالمئة قبل نهاية العام الحالي.
وفي شباط (فبراير) الماضي، تحسن سوق العمل مع خلق ما يقارب من ثلاثة أضعاف عدد الوظائف مقارنة بالشهر السابق، وتراجع معدل البطالة بشكل طفيف إلى 6.2 بالمئة.
خطر التضخم
واستبعدت وزيرة الخزانة الأميركية، المخاوف بشأن احتمالية أن تتسبب حزمة التحفيز الإضافية في إثارة مشكلة تسارع التضخم. وقالت يلين رداً على سؤال بشأن إمكانية ارتفاع مؤشر أسعار المستهلكين جراء حزمة الإنفاق الجديدة: «لا أعتقد أن هذا قد يحدث، التضخم قبل الوباء كان منخفضاً للغاية وليس مرتفعاً».
وأوضحت رئيسة بنك الاحتياطي الفدرالي السابقة: «إذا حدثت ضغوط تضخمية، فإن هناك أدوات للتعامل مع ذلك».
Leave a Reply