واشنطن
وقع الرئيس الأميركي، جو بايدن، السبت الماضي، أول قانون فدرالي يتعلق بتنظيم حمل الأسلحة في الولايات المتحدة منذ عقود، وسط ازدياد في عمليات إطلاق النار.
وقال بايدن إن هذا القانون «ينقذ أرواحاً» ولكنه «لا يفي بما هو مطلوب فعلاً».
ويأتي القانون الفدرالي الجديد الذي مرره الكونغرس بمجلسيه، ثمرة مبادرة انطلقت عقب إطلاق نار راح ضحيته 21 شخصاً بينهم 19 طفلاً قتلوا برصاص شاب اقتحم مدرستهم في مدينة أوفالدي بولاية تكساس، خلال شهر أيار (مايو) الماضي، فضلاً عن حادثة قتل جماعي أخرى وقعت في مدينة بافالو بولاية نيويورك حيث قتل 10 أشخاص في سوبرماركت بمنتصف مايو.
وبموجب القانون الجديد، أصبح على الولايات «التحقق من السجلين الجنائي والنفسي» لكل شاب يتراوح عمره بين 18 و21 عاماً ويرغب في شراء سلاح ناري.
كما يتيح القانون صرف أموال فدرالية للولايات التي تسن قوانين تسمح للمحاكم بسحب الأسلحة مؤقتاً من أفراد تعتبر أنهم يشكلون تهديداً على الآخرين.
وصوّت مجلس النواب الأميركي بأغلبية 234 في مقابل 193 لمصلحة مشروع القانون، ولم يعارض أي نائب ديمقراطي الإجراء، فيما أيده 14 جمهورياً فقط.
وكان مجلس الشيوخ قد أقرّ مشروع القانون بأغلبية 65 مقابل 33، وسط تأييد 15 جمهورياً من بينهم ميتش ماكونيل، زعيم الأقلية الجمهورية في مجلس الشيوخ.
وحظي مشروع القانون بدعم هيئات إنفاذ القانون الرئيسة، ويعدّ إقراره هزيمة نادرة لمصنعي الأسلحة الأميركيين والجمعية الوطنية للبنادق.
أما مجموعة «برادي» المؤيدة للرّقابة على الأسلحة التشريع فوصفت الإجراء بأنه «أقوى قانون لمنع العنف الصادر عن استخدام الأسلحة النارية يُسنّ منذ ثلاثين عاماً»، مشيرةً إلى أنّ «100 شخص يقتلون بالأسلحة كل يوم في أميركا، وكثيراً من هذه الوفيات ناجم عن عمليات انتحار».
وبحسب الخبراء، يعالج القانون الفدرالي الجديد ثغرة هامة ترتبط بالحد من امتلاك الأسلحة لمن لديهم «أمراض نفسية» أو يواجهون اتهامات «بالعنف ضد شركائهم أو من يعيشون معهم».
ويرى المراقبون أن هذا القانون سيقلل أيضاً من «حوادث الانتحار» عبر الحد من امتلاك «الأسلحة لمن لديهم ميول انتحارية أو يعانون أزمات نفسية»، لافتين إلى أن هذا الأمر يرتبط بشكل كبير بقانون «ريد فلاغ» الذي يسمح للشرطة في بعض الولايات بتقديم التماس للمحكمة لإزالة الأسلحة النارية من شخص يعتقد أنه يشكل خطراً على نفسه أو الآخرين.
وسيتيح القانون الجديد للسلطات المختلفة التوسع في معرفة تفاصيل خلفيات الراغبين بامتلاك السلاح الذين الذي تتراوح أعمارهم بين 18 إلى 21 عاماً، والتدقيق بشكل أكبر في سجل الصحة العقلية لهم، إذ سيتاح لهم نحو 10 أيام لعمل التدقيق المطلوب.
لكنه لا يشمل اجراءات أكثر صرامة أراد بايدن والديمقراطيون فرضها، من بينها حظر البنادق الهجومية التي غالباً ما يستخدمها المسلحون الذين ينفذون عمليات إطلاق نار جماعي، وإلزامية إجراء فحوص للتحقّق من خلفية مشتري الأسلحة من مختلف الأعمار.
وكان بايدن قد رحب بالتشريع الذي صاغته مجموعة من المفاوضين من الحزبين، وقال في بيان إن «تشريع تقييد حيازة الأسلحة سيساعد في حماية الأميركيين وستكون المجتمعات والأطفال بالمدارس أكثر أماناً».
وأضاف «بعد 28 عاماً من التقاعس عن العمل، اجتمع أعضاء الكونغرس من الحزبين معا للاستجابة لنداء العائلات في جميع أنحاء البلاد وأصدروا تشريعات للتصدي لآفة العنف المسلح في مجتمعاتنا».
ويتضمن القانون إنفاق ملايين الدولارات من أجل تحسين الصحة والسلامة المدرسية، وبرامج خاصة للتدخل في الأزمات، وحوافز للولايات ترتبط بالتحقق في الخلفية الجنائية لمن يرغب في امتلاك الأسلحة.
ويعالج القانون أيضاً ما يسمى بـ«ثغرة العشيق» (بوي فرند لوب هول)، ما سيمنع الأشخاص المدانين بالعنف المنزلي من امتلاك الأسلحة، وكان القانون يشمل سابقاً من لديه سجل في العنف من المتزوجين أو شركاء السكن أو من لديهم أطفال، لكنه لم يكن يشمل الأشخاص في فترة المواعدة.
وأضاف القانون الجديد مصطلحاً جديداً يتعلق بـ«علاقات المواعدة» والتي تعتبر «علاقة بين الأفراد الذين لديهم علاقة مستمرة ذات طبيعة رومانسية أو حميمية».
وتشير دراسة أجريت في عام 2018 إلى أن أكثر من 1000 امرأة تقتل سنوياً على يد أزواجهن أو شركائهن العاطفيين، بحسب بيانات مكتب التحقيقات الفدرالي (أف بي أي) ومركز السيطرة على الأمراض والوقاية منها (سي دي سي).
وخلال الأعوام 2003 وحتى 2014 قتلت أكثر من 10 آلاف امرأة، نصفهن قتلن على أيدي شركائهن، و70 بالمئة منهن كن قد تعرضن للإيذاء الجسدي سابقاً من الشخص ذاته، بحسب ورقة بحثية نشرتها «جامعة جورج تاون».
ويسمح القانون الجديد للأشخاص المدانين بالعنف المنزلي باستعادة حقوقهم في الحصول على السلاح إذا ظل سجلهم نظيفاً لمدة خمس سنوات.
حمل المسدسات
ورغم الدعوات المتزايدة لفرض قيود على الأسلحة النارية بعد عمليتي إطلاق نار جماعيتين مروعتين في مايو، أيدت المحكمة العليا الأميركية، خلال الشهر الماضي، أن للمواطنين الحق في حمل مسدس في الأماكن العامة.
وجاء قرار المحكمة العليا، ليزيل قيوداً مفروضة على حمل الأسلحة أقرت منذ عام 1913 بموجب قانون ولاية نيويورك، إذ ينص قانون الولاية على الحاجة لإثبات وجود حاجة مشروعة أو «سبب مناسب» للحصول على تصريح لحمل مسدس في الأماكن العامة.
وصوتت المحكمة العليا بأغلبية ستة قضاة مقابل ثلاثة، لصالح إلغاء قيود ولاية نيويورك على حمل المسدسات خارج المنزل، معتبرةً أنّ القانون الذي تجاوز عمره مئة عام، «ينتهك حق الشخص في الاحتفاظ بالأسلحة وحملها» بموجب التعديل الثاني لدستور الولايات المتحدة.
ووصفت الجمعية الوطنية للبنادق، وهي أقوى جماعة ضغط تدافع عن حمل السلاح في البلاد، الحكم بأنه «فوز عظيم» لحملة السلاح الأميركيين.
ويؤكد الخبراء أن قرار المحكمة العليا بمنع حظر الأسلحة في الأماكن العامة لن يؤثر على القانون الجديد، إذ أن النسخة الجديدة من القانون ترتبط بامتلاك السلاح، أما قرار المحكمة العليا يرتبط «بحمل السلاح» في الأماكن العامة لمن يمتلكون الأسلحة».
Leave a Reply