تورونتو – بعد انتهاء “أغلى 72 ساعة” في تاريخ كندا، لم يتفق زعماء الدول العشرين الكبرى والناشئة، على كيفية معالجة الأزمة المالية. وخلصوا في بيانهم بالدعوة إلى أن تعمد كل دولة إلى الطريقة التي تناسبها لمكافحة الأزمة. ثمة من دعا إلى خفض الإنفاق، وثمة من دعا إلى زيادة الاستهلاك، ولكن المؤكد أن القمة بلغت تكلفتها الإجمالية حوالي مليار دولار أميركي.
تكاليف القمة توزعت بين الإجراءات الأمنية المشددة التي حظي بها القادة من المتظاهرين المناهضين للرأسمالية، و”الطعام والشراب الباذخ” الذي حصلوا عليه، ما يزيد، بحسب صحيفة “الاندبندنت”، الشعور “بأن هؤلاء القادة بعيدون عن الناس الذين انتخبوهم”.
واختتمت قمة مجموعة الدول العشرين أعمالها في تورونتو الأحد الماضي وسط تعهدات بالعمل على “اتباع سياسات تنموية صديقة”، حسب بيان صادر عن القمة التي صاحبتها احتجاجات مناهضي العولمة والمدافعين عن حقوق العمال، وقد ألقت الشرطة القبض على نحو 500 منهم.
وتعهد زعماء مجموعة العشرين بالحث على إبرام اتفاق يمنح المزيد من حقوق التصويت للاقتصادات الناشئة في صندوق النقد الدولي بحلول موعد القمة المقبلة في العاصمة الكورية الجنوبية سول في أوائل تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل.
ويتوقع مراقبون أن يعزز هذا التحول دور دول مثل الصين والهند والبرازيل وروسيا في صندوق النقد الدولي الذي تهيمن عليه منذ فترة طويلة الولايات المتحدة الأميركية والدول الأوروبية.
ومن جهته قال الرئيس الأميركي باراك أوباما إنه لا يمكن لبلاده المثقلة بالديون أن تستمر في الدفع لضمان الازدهار العالمي، كما طالب الصين بتعديل قيمة عملتها اليوان، معتبرا أنها جادة في تعهدها بزيادة مرونة هذه العملة. وأضاف أوباما في مؤتمر صحفي في ختام القمة أن الانتعاش الاقتصادي العالمي هش، وحث الدول على عدم التعجل بإنهاء جهودها لحفز النمو.
وفي السياق أكد بيان القمة أن زعماء المجموعة اتفقوا على أن الدول التي تحقق فائضا تجاريا كبيرا مثل الصين ينبغي عليها أن تقوم بجهد أكبر لتعزيز الاستهلاك.
وتؤكد الدول الغنية أن الصين تصعب عليها مهمة الخروج من الركود الاقتصادي من خلال العمل لصالح صادراتها على حساب الواردات، وهو الانتقاد الذي طال أيضا ألمانيا.
وقال البيان إن الاقتصادات ذات الفائض التجاري “ستجري إصلاحات للتقليل من اعتمادها على الطلب الخارجي (على صادراتها) وتركز أكثر على مصادر النمو المحلية”.
من جانب آخر وافق زعماء العشرين على تولي المكسيك رئاسة اجتماع التكتل عام 2012 حسب المسودة النهائية لبيانهم المشترك.
ويبدو أن القرار جاء على سبيل المجاملة للعملاق الأميركي اللاتيني الذي من المقرر أن يستضيف أيضا محادثات الأمم المتحدة بشأن التغير المناخي في نهاية العام الجاري. وجاء في إعلان القمة النهائي “سنجتمع في تشرين الثاني 2011 تحت رئاسة فرنسا، وفي عام 2012 تحت رئاسة المكسيك”.
وبموازاة أعمال القمة، انفجرت الاشتباكات الأحد الماضي بين رجال مكافحة الشغب والمتظاهرين من مناهضي العولمة احتجاجاً على منعهم من التوجه نحو السياج الأمني المحيط بمكان انعقاد القمة، في وقت ارتفع فيه عدد المعتقلين إلى أكثر من 500. واندلعت أحدث الاشتباكات بعدما قام مئات من المتظاهرين بمسيرة إلى مركز اعتقال مؤقت للمتظاهرين الذين ألقي القبض عليهم في أعمال شغب يوم السبت الماضي كانت استخدمت خلالها الشرطة الغاز المسيل للدموع لأول مرة.
وقد حطم المتظاهرون الذين كان الكثيرون منهم يرتدون ملابس سوداء نوافذ المتاجر والبنوك وأضرموا النيران في سيارتين للشرطة، لكن الشرطة تمكنت من السيطرة عليهم باستخدام الغاز المسيل للدموع والاعتقالات. وفاحت رائحة الدخان الناجم عن الحرائق في نفس الفندق الذي يعقد فيه قادة العشرين اجتماعهم في منطقة مغلقة تحميها الحواجز وعشرات الصفوف من أفراد الشرطة، في إطار عملية أمنية كلفت كندا مليار دولار أميركي.
Leave a Reply