مريم شهاب
من خلال عملي، تعرفت على وجوه كثيرة في مدينة ديربورن، وبسبب صداقة العمر التي تربطني بالسيد روبرت سكوت وزوجته، ورفقتنا شبه اليومية طوال سنين عديدة، أتيحت لي فرص التعرف على أشخاص مثقفين ونافذين ما كنت أتوقع أنني قد أتحدث إليهم يوماً.
من خلاله، تفتحت عينيَّ على هذه الدنيا الجديدة، وتعلمت من خلال نافذتها الإيجابية المشرقة أن أكون إنساناً إيجابياً متصالحاً مع الحياة.
كثيراً ما كنت أشعر بالخجل والتقصير تجاه سكوت وعائلته والإلفة التي لا تقدر بثمن، والتي لا علاقة لها بالمال أو المصلحة. هذه الإلفة التي غمرني بها منذ اليوم الأول في عملي، خففت كثيراً من غربتي وارتباكي وجهلي باللغة الإنكليزية، وأحياناً بكائي. أنا القروية اللبنانية البسيطة والغريبة في مدينة أميركية.
مع مرور الأيام تجاوزت المصاعب بدعم هذا الإنسان المسؤول الذي يفيض وداعة وتواضعاً رغم ثروته المالية والثقافية، وبفضل معاملة خاصة –كما كنت أعتقد– تبين لي لاحقاً أنها متساوية مع جميع الموظفين.
توطدت الصداقة مع السيّد سكوت من خلال زواج ابنه من فتاة لبنانية، هاجر أهلها من مناطق الشوف منذ زمن طويل.
كثيراً ما كان يدور الحديث بين مسيحي ودرزي ومسلمة بمودة. وبالنسبة لي كان الحوار معهم غذاءً ثقافياً وسياسياً وفنياً أيضاً. كان السيَّد بوحنا والد العروس، يمثّل في كل اللقاءات، الرجل الشرقي بكل آرائه وهمومه ومشاعره ورؤيته للأمور. وكان «مستر سكوت» يمثل الرجل الأميركي العريق بكل تياراته وموروثاته الثقافيّة. وكنت أنا المستمعة المندهشة لهذا العالم الواسع من الثقافة والإنسانية والعقول النيِّرة والمتحررة من الموروثات البالية دينياً وعقائدياً.
منذ أيام، أصبح «بوحنا» و«سكوت» جدين للمرة الأولى، وكانت فرحتهما عارمة لا توصف. ولكن كيف ذلك؟ ماذا عن حفيدات الرجلين؟ ولاحقاً فهمت أنه لا فرق بين الرجل الغربي والرجل الشرقي، والمقولة صحيحة: الأب لا يصبح جداً إلا عندما يرزق بحفيد ذكر. كيف ذلك يا سادة، وماذا عن العقلية الشرقية والانفتاح الغربي، وماذا عن النظرة المُحبة إلى المرأة والبنت والحفيدة؟ هذا صحيح في المسائل العامَّة فقط، أمَّا عندما تكون القضيّة شخصية، فما شاء الله والحمد لله رُزقنا بحفيد سُمِّي روبرت جونيور. فالصبي بركة البيت وبهجة الأسرتين.
Leave a Reply