ولما قسى قلبي وضاقت مذاهبي جعلت رجائي نحو عفوك سلماتعاظمني ذنوبي فلما قرنتها، بعفوك ربي، كان عفوك أعظما!فما زلت ذا عفوٍ عن الذنب، ولم تزل، تجود وتعفو منك وتكرّمالاشك أن الحياة بإيقاعٍ سريع، والركض وراء مطالب العيش المادية العصرية تدفع الإنسان أحياناً ليعيش غريباً عن ربّه وعن نفسه.لكن من كرم الله ورحمته، ينفحنا بمناسبات دينية مباركة ليقف الإنسان، وينظر حوله ويتسائل: أين أنا، وإلى أين أنا ذاهب؟؟كل سنة، يأتي رمضان مصطحباً معه البركة والمحبة والتواصل الديني والروحي والأخلاقي. القليل منا، من يغتنم هذه الفرصة ويمنح روحه ونفسه نسمات عطرة من تلك البركة والمحبة، ويشحن بطارية قلبه بأكسير التسامح والعطاء في هذا الزمن العصري المادي الحديث الذي نحيا فيه.لاشك أن فريضة الصوم في رمضان تتجاوز مفهوم الصيام عن الأكل والشراب والشهوات. تتجاوز ذلك إلى المعاني القيمة من قدسية الشهر لتقوى الله والنظر إلى أنفسنا وما قدمناه لغدٍ، حتى لا نكون كالذين نسوا الله، فأنساهم أنفسهم. وماذا يفيد الإنسان إذا ربح العالم وخسر نفسه كما قال المسيح عليه السلام. ولا شك إن أبواب الدعاء مفتوحة دوماً. والدعاء في الإسلام من أرقى أساليب التواصل والتقرّب لله تعالى ليس في شهر رمضان فقط، بل في كل يوم وساعة وكيفما ذهب الإنسان أو أوجدته الطبيعة.لنا في الأنبياء العظماء الذين اصطفاهم الله لحمل رسالاته السماوية المثل الصحيح والقدوة المباركة في كيفية الدعاء والتواصل المستمر مع الله عز وجل عبر الدعاء الذي يجعل الإيمان بالله سبحانه وتعالى يتعمق ويرسخ في قلب الإنسان، فينعكس سماحة وصفاء على وجهه، وطهارة ونقاء في روحه وتفكيره. «إذا أراد الله تعالى بعبدٍ خيراً جعل له واعظاً من قلبه يأمره وينهاه».ومنذ أبينا آدم، كان الإنسان ضعيفاً إذا مسه السوء كان هلوعا. قلما يتذكر بنو البشر الدعاء لله تعالى حتى يصادفهم سوء أو مكروه، عند ذلك يرفعون بأيديهم إلى السماء طالبين الرحمة والغوث. والإنسان المؤمن بالله تعالى، يدعو ربه دائماً أينما كان، في الرخاء والشدة. والإلحاح في الدعاء والجزم واليقين بالإجابة وعدم الإستعجال وأن يدعو بقلبه وليس بتحريك شفاتيه فقط. وطبعاً أن لا يسأل إلا الله وحده تبارك وتعالى، والإعتراف بالذنب والإستغفار منه والإعتراف بالنعمة وشكر الله عليها، بكل خشوعٍ وتضرع والرغبة في التقرب لله عز وجل برد المظالم لأصحابها مع التوبة. ولأن الله سبحانه وتعالى رحمن ورحيمُ قد كتب على نفسه الرحمة، فقد جعل باب الدعاء مفتوحاً ليلاً ونهاراً لنستغفره ونتوب إليه مما اقترفنا من ذنوبٍ ومعاصي كان دعاء أبينا آدم عليه السلام بعد خروجه وأمنا حواء من الجنة: «ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكون من الخاسرين». ولما نظر النبي نوح عليه السلام إلى هول الماء والأمواج دخله الرعب فرفع يديه إلى السماء متضرعاً قائلاً: لا إله إلا أنت!! أما النبي العظيم إبراهيم عليه السلام الذي كان أبوه أول من أنكر نبوّته وظلمه ورجمه وسأله أن يهجره، بقي النبي إبراهيم طوال حياته يسأل الله أن يغفر لأبيه ولقومه الذين ظلموه وكان دعاؤه دوماً: ربي إجعلني مقيم الصلاة ومن ذريتي. ربنا وتقبل دعاء ربي أغفر لي ولوالدي وللمؤمنين يوم يقوم الحساب، ربي إجعل هذا البلد آمناً.«إنما أشكو ذنبي وحزني إلى الله»، هذا ما كان دعاء النبي يعقوب عليه السلام بعدما فقد ولده بنيامين وقبل ذلك فقده لولده النبي يوسف الذي قال لأخوته بعدما صار عزيز مصر وجاء أخوته واكتشفوا إنه هو يوسف قائلين له: «تالله لقد آثرك الله علينا وإن كنا لخاطئين. قال لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين». أما النبي موسى عليه السلام فكان دعاؤه: «رب إشرح لي صدري ويسّر لي أمري واحلل عقدة من لساني. يفقهوا قولي، واجعل لي وزيراً من أهلي»، ويختتم دعاؤه: «رب إني لما أنزلت إليّ من خير فقير». النبي يونس عليه السلام «نادى في الظلمات أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين». كذلك كان دعاء النبي سليمان: «ربي أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت عليّ وعلى والدي وأن أعمل صالحاً ترضاه وأصلح لي من ذريتي إني تبت إليك».كذلك كان دعاء النبي عيسى عليه الصلاة والسلام «رب اغفر لهم وسامحهم فإنهم لا يعلمون ماذا يعملون»!! وهكذا كان أيضاً دعاء خاتم الأنبياء رسول الله محمد عليه الصلاة والسلام حيث كان يومه وليله صلاة ودعاء: «رب كنت وتكون حياً لا تموت. اللهم لك الحمد وإليك المشتكى. ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة».ولا شك إنه هناك من أدعية الأنبياء الكثير التي تضيق هذه المساحة لذكرها جميعاً. لكن الذي دعاني لذكر كل ذلك هو إفتقاد هذه الأدعية المباركة من خطابات ومحاضرات السادة والشيوخ رجال الدين وما أكثرهم في الجوامع والمراكز الدينية الموجودة هنا في ديربورن.أرجو من الله القبول حيث قال سبحانه وتعالى إدعوني أستجب لكم. على أن يكون الدعاء نابعاً من القلب عامراً بالمحبة والإيمان. فيا رب، يا حيّ يا قيّوم، لم آتك في هذا الشهر الكريم بعملٍ صالحٍ عملته ولا لوفادة مخلوقٍ رجوته. أتيتك مقراً على نفسي بالإساءة والظلم معترفاً بأن لا حجة لي ولا عذر. أتيتك أرجو عظيم عفوك الذي عفوت به عن الخاطئين فلم يمنعك طول عكوفهم على عظيم الجرم إن عدت عليهم بالرحمة. فيا رب إرحمنا جميعاً برحمتك الواسعة!تحلية رمضان:وقف فقير معدم ورفع إلى الخالق سبحانه هذه الصلاة: يا رب اجعلني أربح ألفي دولار في السباق، وأعدك يا الله بإخلاص تخصيص نصف هذا المبلغ للفقراء أمثالي، أما إذا لم تكن لك ثقة في كلامي، فاحتفظ بحصة الفقراء واجعلني أربح ألف دولار فقط!!
Leave a Reply