واشنطن، فيلادلفيا – اعتبر رئيس الاحتياطي الفدرالي الأميركي (البنك المركزي) بن برنانكي الذي تنتهي ولايته في نهاية الشهر، أن النهوض الاقتصادي «لم يكتمل» بعد، وذلك قبل أيام قليلة من إقرار مجلس الشيوخ الأميركي لتعيين جانيت يلين خلفاً له، في الوقت الذي يشهد المجلس إنقساماً في وجهات النظر بين أعضائه الـ١٣ حول جدوى الإستمرار بخطة التيسير الكمي التي خفضت الى ٧٥ مليار دولار شهرياً.
وفي كلمة ألقاها يوم الجمعة الثالث من كانون الثاني (يناير) الماضي أثناء الاجتماع السنوي للجمعية الاقتصادية الأميركية في فيلادلفيا، تطرق برنانكي أيضاً إلى السنوات الثماني التي أمضاها على رأس الاحتياطي الفدرالي والتي واجه خلالها أسوأ أزمة اقتصادية منذ الانهيار الكبير في ثلاثينيات القرن الماضي.
وأضاف برنانكي الذي ستحل محله يلين في الأول من شباط (فبراير) «لا حاجة للقول إن ولايتي كانت مليئة بالأحداث بالنسبة إلى الاحتياطي الفدرالي وبالنسبة إلى البلد وبالنسبة إلي أيضا». وقال «لقد اتخذنا إجراءات استثنائية لمواجهة تحديات اقتصادية استثنائية».
وبعد أن ذكّر بأن معدل البطالة تراجع إلى 7 بالمئة مقابل 10 بالمئة في خريف العام 2009، اعتبر أنه «على الرغم من التقدم، فإن النهوض يبقى غير مكتمل بشكل واضح». وأضاف أن «معدل البطالة عند 7 بالمئة يبقى مرتفعاً»، مشيراً إلى العدد الكبير من العاطلين عن العمل لفترات طويلة وإلى خفض المشاركة في قوة العمل التي تدل على أن العمال المحتملين يرفضون البحث عن عمل.
ورأى أن نمواً «مخيباً» للإنتاجية مسؤول بشكل جزئي عن بطء التوسع الاقتصادي الأميركي. وقال إن «أسباب هذه الزيادة الضعيفة في الإنتاجية ليست واضحة»، لافتاً إلى أن قساوة الأزمة المالية عبر خفضها عرض التسليفات «كبحت ربما الابتكار والاستثمارات المنتجة ونشوء شركات جديدة».
وقال برنانكي مجددا إن قرار الاحتياطي الفدرالي الأميركي في كانون الأول (ديسمبر) بخفض دعمه المالي للنهوض، لا يعني «خفضا لالتزامه في المحافظة على سياسة نقدية متساهلة جدا طيلة الوقت اللازم».
وذكر بنية البنك المركزي الأميركي الحفاظ على معدلات فائدة قريبة من الصفر «حتى إلى ما بعد» تراجع البطالة الى ما دون 6,5 بالمئة.
وشدد برنانكي أخيراً على جهوده لجعل الاحتياطي الفدرالي أكثر شفافية وهو ما شكل أحد أهدافه الأساسية حتى قبل اندلاع الأزمة المالية.
وكان مجلس الشيوخ الأميركي قد وافق الاثنين الماضي على تعيين جانيت يلين (67 عاماً) على رأس الاحتياطي الفدرالي، لتكون أول امرأة تترأس البنك المركزي الأقوى في العالم.
ووافق 56 من أعضاء المجلس على تعيين يلين مقابل معارضة 26. ورفض معظم الجمهوريين توليها هذا المنصب منتقدين السياسة المتساهلة جدا للاحتياطي الفدرالي، الأمر الذي كانت أيدته يلين بقوة.
والخبيرة الاقتصادية الديمقراطية كانت المرشحة المفضلة لدى العديد من الاقتصاديين، وبينهم حائز جائزة «نوبل» بول كروغمان، إضافة إلى الجناح اليساري في الحزب الديمقراطي الذي رفض الخريف الماضي الخيار الأول للرئيس باراك أوباما، والذي تمثل في مستشاره الاقتصادي السابق لورنس سامرز.
ويلين هي نائبة رئيس الاحتياطي الفدرالي منذ 2010. وستخلف في أول شباط (فبراير) بن برنانكي الذي عينه العام 2005 الرئيس السابق الجمهوري جورج بوش ومدد له أوباما العام 2009. وتستمر ولاية رئيس البنك المركزي أربعة أعوام.
وستكون مهمة يلين الرئيسية التقليص التدريجي للسيولة التي يضخها الاحتياطي الفدرالي في الأسواق. لكن المرأة أيدت استمرار البنك المركزي في دعم الاقتصاد ما دام النهوض الاقتصادي هشاً ونسبة البطالة مرتفعة (سبعة بالمئة في نوفمبر).
التيسير الكمي
ومن جانبه، قال رئيس الإحتياطي الفدرالي في سان فرانسيسكو جون ويليامز، في خطاب له الثلاثاء الماضي، إن من المحتمل استمرار البنك المركزي في خفض مشترياته من الأصول وإنهائها في النهاية هذا العام مفترضا نمو الإقتصاد كما هو متوقعاً.
وأوضح ويليامز أن إنهاء مشتريات الأصول «ستكون خطوة أولى هامة نحو عودة السياسة النقدية في النهاية الى وضع أكثر طبيعية». وحذر ويليامز بشكل سريع من ان تلك الخطوات السياسية تعتمد على الظروف الإقتصادية السائدة فضلا عن التواريخ المحددة.
وبدوره، قال رئيس الاحتياطي الفدرالي في بوسطن، أريك روزنغرين، إن البنك المركزي يجب أن يقلل من برنامجه لشراء السندات فقط بشكل تدريجي للغاية.
وصرح روزنغرين في خطاب أمام «جمعية كونتيكت للأعمال والصناعة» قائلاً: «هذا التعافي قد أصبح بالفعل بطيئا للغاية، ونحن لا نرغب في أن تشديد السياسة النقدية السابق لأوانه يؤجل العودة لظروف اقتصادية أكثر طبيعية». وأضاف روزنغرين أنه على الرغم من ارتفاع النمو الذي ظهر في البيانات الأخيرة «لا يزال الإقتصاد بعيداً عما نرغب في الوصول إليه».
هذا ولم يصوت روزنغرين على قرار الإحتياطي الفدرالي الشهر الماضي بتقليل برنامجه الشهري لمشتريات الأصول بمقدار عشرة مليارات دولار إلى 75 مليار دولار شهرياً.
Leave a Reply