مدير بلدية هامترامك يحذّر مجلس المدينة من عزله بعد قراره بإحالة قائد الشرطة إلى إجازة إدارية
هامترامك
قرر مدير بلدية هامترامك، ماكس غاربارينو، إحالة قائد شرطة المدينة، جميل الطاهري، إلى إجازة إدارية مؤقتة لحين استكمال التحقيقات في اتهامات موجهة إليه بارتكاب انتهاكات جسيمة من بينها العنف المنزلي والرشوة واستغلال النفوذ لمصالح شخصية، وفقاً لمذكرة اطلعت عليها «صدى الوطن».
قرار غاربارينو الذي يشغل أعلى منصب تنفيذي في البلدية، أثار موجة من الجدل على مواقع التواصل الاجتماعي حيث اعتبر مؤيدو قائد الشرطة اليمني الأصل بأن القرار يحمل طابعاً انتقامياً ويخلو من المهنية في الوقت الذي نفى فيه غاربارينو الاتهامات مؤكداً أن الخطوة جاءت ضمن الإجراءات الإدارية المعتادة بحسب بيان أصدره عشية اجتماع مجلس المدينة يوم الجمعة (مع صدور هذا العدد)، وحذّر فيه من دعوات البعض إلى إقالته من البلدية التي عمل في دوائرها المختلفة منذ 24 عاماً، بما في ذلك قيادة الشرطة.
وأفاد غاربارينو لصحيفة «ديترويت نيوز» بأن الطاهري وضابطاً آخر في شرطة هامترامك قد أُوقفا إدارياً عن العمل، الأربعاء الماضي، بزعم مخالفتهما لسياسات المدينة، من دون الإفصاح عن طبيعة الانتهاكات، مؤكداً بأن المدينة كلّفت –بالفعل– شركة خارجية لإجراء تحقيق مستقل في التهم المنسوبة لكل منهما.
غاربارينو الذي يشغل منصب مدير البلدية منذ عام 2023، أوضح بأن الطاهري والضابط الآخر، الذي لم يتم الكشف عن هويته، سيتقاضيان راتبيهما أثناء الإجازة الإدارية، موضحاً بأن قراره لم يكن بدافع الانتقام، كما تروج بعض التقارير والمنشورات الإعلامية، وقال: «لا يوجد أي أساس على الإطلاق لاعتبار هذا الإجراء انتقاماً بأي شكل من الأشكال»، لافتاً إلى أن نائب قائد الشرطة آندي ميلسكي سيتولى قيادة الدائرة في الوقت الحالي.
في الأثناء حصلت «صدى الوطن» على نسخة من مذكّرة وجهها أحد الضباط في شرطة هامترامك إلى الملازم إد برايس في شرطة ولاية ميشيغن، ويتهم فيها الطاهري بجملة من «الانتهاكات المحتملة لسياسات المدينة، والمخالفات الإدارية والقانونية، فضلاً عن سلوكيات من شأنها تقويض ثقة العامة والقسم المهني المنصوص عليه لضباط إنفاذ القانون في ولاية ميشيغن».
وقال الضابط المشتكي في المذكرة: «تُعد هذه الرسالة متابعة لاجتماعنا في المقر الرئيسي للمنطقة الثانية لشرطة ولاية ميشيغن، وتتضمن خلاصة للمعلومات والأحداث التي شهدتها أو علمت بها خلال فترة عملي تحت إدارة قائد الشرطة جميل الطاهري»، لافتاً إلى أن الوقائع المذكورة فيها حدثت بين أيلول (سبتمبر) 2024 وأيار (مايو) الجاري، وأنها تشير إلى نمط من السلوكيات التي تهدف إلى حماية مصالح شخصية وإخفاء معلومات حساسة بمساعدة أفراد داخل دائرة الشرطة».
وأشارت المذكرة إلى انخراط الطاهري، الذي تولى قيادة شرطة هامترامك قادماً من نيويورك العام الماضي، في سلسلة من الانتهاكات والسلوكيات الخطيرة التي تثير قلقاً واسعاً بشأن نزاهته وأهليته للاستمرار في موقعه. وتضمنت تلك الاتهامات تورطه في حوادث عنف منزلي متكررة مع شريكته «مريم»، حيث استجاب عدد من الضباط لبلاغات صادرة عن منزله، إلا أن الطاهري –بحسب الشهادات– طلب منهم عدم توثيق تلك الحوادث رسمياً. وفي إحدى الحالات ادعت مريم بأن الطاهري اعتدى عليها بالضرب خلال رحلة بحرية انتهت بتركها وحيدة في أحد الموانئ، وذلك بعد علمها بوجود علاقة بين الطاهري وبين إحدى المعلمات في مدارس هامترامك. وقد وثّقت زوجة الضابط –مقدّم الشكوى– بعض تلك الحوادث بتسجيل صوتي تضمن إشارات إلى الضرب في الرأس والبطن.
أما على صعيد التآمر من أجل الرشوة، فقد حضر الضابط –صاحب الشكوى– عدة اجتماعات ومكالمات أجراها الطاهري مع أطراف في نيويورك، بهدف الترتيب لصفقة عفو عن رجل أعمال مدان مقابل مبلغ مالي يتراوح بين مليون وخمسة ملايين دولار يتم دفعها للرئيس السابق (حينها) دونالد ترامب عن طريق وسيط يُدعى مارك زاركن، مقابل عمولة للطاهري تعادل 10 بالمئة. ولفتت المذكرة إلى أن تلك الاجتماعات عُقدت في مطاعم محلية بمشاركة شخص يدعى إبراهيم الجهيم وآخر يدعى رالف.
كما أقدم الطاهري –بحسب المذكرة– على إصدار بطاقة تعريف شرطية مزورة لمارك زاركن، تحمل صفة «مدير عام»، رغم أن زاركن لا يشغل أي منصب رسمي في دائرة شرطة هامترامك، وهو ما يُعدّ تجاوزاً قانونياً جسيماً.
وفي حادثة أخرى، ساعد الطاهري في استرجاع سيارة مرسيدس مسروقة كانت متوقفة في مدينة ديربورن، وذلك بمساعدة رالف وابراهيم، دون الرجوع إلى شرطة المدينة، بل طلب من الضابط، صاحب المذكرة، استخدام سيارته السرية لنقل المركبة إلى منزله في مدينة ليفونيا حيث تم إخفاؤها، رغم تأكيد محقق من شرطة نيويورك أن السيارة مدرجة كمركبة مسروقة.
وعلى الصعيد السياسي، أشارت المذكرة إلى أن الطاهري حاول التدخل في الانتخابات المحلية، من خلال الضغط لإقالة مدير البلدية كنوع من الانتقام، والتواطؤ مع شخص يدعى «هاس كاش» (حسن عون) لإثارة الفوضى داخل الاجتماعات الرسمية، وتسريب معلومات داخلية إلى أعضاء مشبوهين، بالإضافة إلى تضليل السلطات حول دور الضابط في بعض التحقيقات.
وفي ملف التمويل المشبوه، طلب الطاهري من الضابط، التواصل مع صاحب شركة محلية للحصول على مبلغ يتراوح بين 40 إلى 50 ألف دولار بهدف تمويل بودكاست يحمل عنوان «ركن الرئيس»، مقترحاً عليه أن يتقاسما الأرباح المتوقعة من المشروع في حال نجاحه.
وختم الضابط مذكرته بالإشارة إلى أنه بدأ بإبلاغ مدير المدينة ماكس غاربارينو والمستشار القانوني للمدينة في 19 نيسان (أبريل) الماضي، حيث طالباه في شهر مايو بإبلاغ مكتب التحقيقات الفدرالي في شهر مايو، كما طلبا منه الأسبوع المنصرم إبلاغ شرطة ولاية ميشيغن، وحذرت المذكرة من أن الطاهري يستخدم في مكالماته تطبيق «واتساب»، مما قد يشكل خطراً على فقدان الأدلة.
وفي وقت متأخر من مساء الخميس الماضي، أصدر غاربارينو بياناً أشار فيه إلى أن مجلس مدينة هامترامك دعا لعقد اجتماع خاص يوم الجمعة (مع صدور هذا العدد) بهدف إنهاء خدمته بعد أكثر من عقدين من «التفاني في خدمة المدينة»، بحسب تعبيره مضيفاً: «دعوني أكون واضحاً تماماً : أي إجراء من هذا القبيل سيكون انتقامياً وغير قانوني وإساءة استخدام صارخة للسلطة».
وجاء في البيان: «خلال الشهرين الماضيين، اتخذتُ خطوات مناسبة ومسؤولة لمعالجة مزاعم موثوقة بسلوك غير قانوني وغير أخلاقي داخل إدارة شرطتنا وبين المسؤولين المنتخبين، ونظراً لخطورة هذه المزاعم، فقد أشركتُ جهات إنفاذ قانون خارجية لضمان الحياد والحفاظ على نزاهة أي تحقيق، وهذه ممارسة معتادة للمسؤولين في منصبي، تهدف إلى ضمان العدالة لجميع المعنيين والحفاظ على مصداقية النتائج».
وأضاف البيان:« لقد تلقيتُ مؤخراً أدلة إضافية موثوقة عن مزاعم خطيرة تتعلق بمسؤولين في المدينة، وقد رفضتُ تجاهل هذه الممارسات، بل أوكلتها إلى السلطات المختصة لمراجعتها بشكل عادل وأعتقد أن هذه الأمور تُعالج بعناية فائقة»، موضحاً بأن الخطوة التي يعتزم مجلس المدينة اتخاذها لا علاقة بسوء الأداء، وإنما للانتقام منه بسبب:
– مطالبته بالتحقيقات القانونية في الانتهاكات واسعة النطاق لميثاق هامترامك وقوانين الانتخابات
– رفضه الاستجابة لطلب مجلس المدينة غير القانوني بإنهاء خدمة كليرك هامترامك
– بسبب التحقيق الجنائي الذي يجريه الادعاء العام بميشيغن حول انتهاكات بعض أعضاء المجلس لقوانين الترشح للمناصب المحلية.
وقال البيان: «يسعى أعضاء المجلس أنفسهم، الذين يواجهون الآن تهماً جنائية محتملة، إلى إقالة الشخص الوحيد الذي رفض المساس بنزاهته لتغطية سوء سلوكه، ألا وهو أنا»، مضيفاً: «هذا السلوك عرقلة للعدالة، وهو محاولة لترهيبي كشاهد على بعض الادعاءات التي يجري التحقيق فيها».
وحذر البيان من قيام المجلس بإقالته من منصبه، وقال: إذا أقدم المجلس على هذا الإجراء، فستُعرّضون المدينة لمسؤولية قانونية جسيمة، بما في ذلك ادعاءات الفصل التعسفي، والانتقام غير القانوني، وانتهاكات الحقوق المدنية، مع أنني لا أرغب في مقاضاة مدينة هامترامك، وأرغب في مواصلة خدمة سكاننا بنزاهة واحترافية والتزام راسخ بالحوكمة الأخلاقية، إلا أنني على أتم الاستعداد للسعي إلى جميع السبل القانونية المناسبة للدفاع عن اسمي ومحاسبة من يسيئون استخدام مناصبهم العامة لتحقيق مكاسب شخصية».
ووجه غاربارينو نداءً خاصاً إلى رئيس البلدية أمير غالب، جاء فيه: «إلى رئيس البلدية غالب، الذي سيمثل بلادنا قريباً كسفير لدى الكويت. سيدي، هذه اللحظة تتطلب الحكمة والمبادئ والقيادة المتوقعة من دبلوماسي يخدم وطننا في الخارج، ويجب عليك التحرك الآن لوقف هذه التظاهرة السياسية الخطيرة قبل أن تُلحق المزيد من الضرر بمصداقية حكومة مدينتنا، وهو أمر أكافح بكل قوتي للحفاظ عليه واستعادته، فهذه اللحظة تتطلب شجاعة أخلاقية ومسؤولية، وليس الصمت».
Leave a Reply