لم يرق للمحامية والمدونة الحاقدة عنصرياً على العرب والمسلمين، ديبي شلاسل، ما قامت به مدينة ديربورن هايتس العام الماضي بإقرار آلية خاصة لتوقيف وتصوير المحجبات في دائرة الشرطة، فبادرت في 15 أيار (مايو) الماضي إلى رفع دعوى قضائية ضد البلدية والمسؤولين فيها، مطالبةً بإلغاء الإجراءات الجديدة، بوصفها تطبيقاً للشريعة الإسلامية.
وقالت شلاسل في الدعوى إنها تعرضت لتمييز عنصري من قبل شرطة المدينة على خلفية عدم تزويدها بصور التقطتها الشرطة للمواطنة الأميركية المحجَّبة ملاك قازان اثناء احتجازها في مقر الدائرة، والتي تظهر فيها قازان من دون حجاب، وذلك قبل أن تُقرّ الإجراءات الجديدة.
وكانت الشرطة قد اعتقلت ملاك قازان بسبب قيادة سيارتها برخصة قيادة ملغاة وذلك في 9 حزيران (يوليو) 2014، ثم أجبرت على خلع الحجاب لأخذ صورة (ماغ شات) بحضور عناصر الشرطة الذكور. كما حرمت ملاك من وضع حجابها مرة أخرى طوال مدة الاحتجاز، كجزء من سياسة الشرطة قبل تعديلها.
وفي عام 2015، تصدرت قازان عناوين الصحف واهتمام الإعلام عندما تقدمت بدعوى قضائية ضد قسم الشرطة، على خلفية انتهاك حقوقها المدنية وحريتها الدينية. وتقرر النظر بقضيتها فعلاً أمام المحكمة الفدرالية بديترويت، قبل أن يتوصل الطرفان إلى تسوية بعد نقاشات مطولة استغرقت عدة أشهر صدر عنها قرار حازم من قبل إدارة الشرطة باعتماد سياسة جديدة مع الموقوفات من المحجبات، تتضمن السماح لهن بتغطية رؤوسهن أثناء الاحتجاز والتصوير، وأن يتم تفتيشهن من قبل عناصر نسائية.
إنها «الشريعة»!
دعوى شلاسل التي حصلت «صدى الوطن» على نسخة منها، تزعم بأن بلدية ديربورن هايتس بشخص رئيس بلديتها دان باليتكو وقائد الشرطة لي غافين ومحامي البلدية غاري ميوتكي، تصرفوا بعنصرية ضدَّها باعتبارها «أنثى» ولدت في الولايات المتحدة ولأنها «يهودية العرق والدين».
وتنص الدعوى على أنه في 26 آذار (مارس) 2016، قامت الناشطة اليمينية المتطرفة بتقديم طلب وفق قانون حرية المعلومات (فويا)، بالحصول على نسخ عن كل الصور والفيديوهات التي التقطتها شرطة ديربورن هايتس لقازان من دون الحجاب، وأي فيديو لها بعدسة كاميرا الشرطة المثبتة في السيارات واللقطات التي رصدتها أثناء احتجازها.
إلا أنه حسب مزاعم شلاسل، رفض المحامي ميوتكي طلبها بتزويدها بصور قازان وهي منزوعة الحجاب أو تقديم نسخ فيديو عن كل مرحلة احتجازها معللاً ذلك بـ«حق الخصوصية» للمواطنة قازان. وأفادت المدَّعية أن بلدية المدينة حملتها رسم 24 دولاراً لتقيم طلبات «الفويا».
وتدعي شلاسل أن «سياسة الحجاب» التي تتبعها شرطة ديربورن هايتس، «هي شكل من أشكال قانون الشريعة الذي ينتهك قانون ميشيغن وينبغي الاعلان أنه غير سارٍ»، وزعمت أيضاً أن المدعى عليهم خلقوا «سياسة تمييز عنصري فيما يتعلَّق بحرية المعلومات لأن الصور الفوتوغرافية للنساء المسلمات المتوفرة للجمهور العام تظهرهن وهن محجَّبات فقط» على عمكس بقية المواطنين.
كذلك أوردت شلاسل في الدعوى أنه قبل تقدمها بطلب الحصول على نسخ الفيديو والصور الخاصة بقازان– حصل محامي الأخيرة، أمير مقلد، في 5 تشرين الثاني (نوفمبر) 2014، على تلك النسخ عبر تقديم طلب مطابق لطلبها، وقد تمت الموافقة عليه ولم يكلفه سوى 15 دولاراً، في حين أنها دفعت أكثر وحصلت على معلومات أقل «وذلك لأنها غير مسلمة».
واحتجت شلاسل بأن طلب المحامي مقلد، أُقرّ لأنه «ذكر، مسلم، من إثنية عربية، ولأنه مولود في لبنان».
«في نهاية الأمر هو تابع للدين المفضَّل والجنس والعرق والأصل القومي المفضَّل تحت راية الإسلام»، كتبت شلاسل على مدونتها الالكترونية بعنوان «شلاسل تقاضي ديربورنستان هايتس لوقف الشريعة والتمييز ضد غير المسلمين. كيف يمكنك المساعدة»، وذلك في محاولة لحشد الدعم وجمع التبرعات عبر موقعها الالكتروني.
إلا أن ما غاب عن ذهن شلاسل هو أن مقلد كان لتوِّه يمثّل قازان قانونياً في ذلك الوقت، وطلبه للمعلومات حصل قبل تطبيق سياسة الحجاب، في حين أن طلبها جاء بعدها.
أين التطابق؟
ورد محامي بلدية دربورن هايتس، غاري ميوتكي، في 17 تمُّوز (يوليو) الماضي، بتقديم طلب للمحكمة الفدرالية في ديترويت بإسقاط الدعوى، لأن المدعية لم تلحظ بشكل واضح أن مقلد كان محامياً عن قازان عندما حصل على النسخ التي طلبها.
وأضاف ميوتكي الذي يمثل نفسه في الدعوى، أنه «لا يوجد أي ادعاء في الشكوى المقدَّمة يفيد بأن شلاسل قد مثلت في أي وقت من الأوقات السيدة قازان»، كاشفاً أيضاً أنه لم يكن هو الذي منح مقلد الموافقة على طلب حرية المعلومات (فويا) «وهذا ما تم تغييبه في دعوى شلاسل»، مطالباً المحكمة بإسقاط الدعوى، لأنه على شلاسل أن تثبت تطابق ظروف طلب المحامي مقلد بظروف طلبها».
وردت شلاسل في مدونتها أن محكمة الاستئناف في ميشيغن قضت مراراً وتكراراً، بما في ذلك آخر ثلاثة قرارات منشورة، انه لا يوجد حق خصوصية شخصية فيما يتعلق بصور الحجز المعروفة بـ«ماغ شاتس».
وأضافت شلاسل أن «ديربورنستان هايتس ومسؤوليها والمحامين فيها يعرفون ذلك، لكنهم لا يهتمون.. فالقوانين الإسلامية المعروفة بالشريعة لها اليد الطولى هناك ولهذا السبب يتعين رفع هذه الدعوى… وبالإضافة إلى حقيقة أنني تعرضت للتمييز العنصري ورفض طلبي في حين ان رجلاً مسلِّماً عربياً حصل على المواد نفسها التي طلبتها».
ويأتي وصف مدينة ديربورن هايتس بـ«ديربورنستان هايتس» في محاولة يائسة من قبل شلاسل لوصمها بانها مدينة إسلامية راديكالية، في حين أن كلمة «ستان» هي في الأصل فارسية وتعني المكان بالفارسية وكذلك بلغدة الأُردو. وكان سبق لشلاسل أن أسمت ديربورن «ديربورنستان» أيضاً مستخدمة نفس الخطاب المعادي للمسلمين، كما سبق وأقدمت على رفع دعوى قضائية ضد المربي العربي الأميركي الراحل عماد فضل الله ومنطقة ديربورن التعليمية تزعم بوجود تمييز عنصري ضد غير المسلمين.
وزادت في مدونتها انها تقف ضد مدينة ديربورن هايتس لأنها تمهد لـ«سيطرة الإسلام على أميركا»، وأضافت في مسعى منها لحشد الدعم من المتطرفين «أنا أفعل ذلك، من خلال هذه الدعوى وغيرها وأمور أخرى كثيرة قمت بها كُنتُم قد قرأتم عنها من على هذا الموقع على مر السنين. ولقد تلقيت الكثير من التهديدات بالقتل من مسلمين طيلة هذه العملية. لكنني أمضي قدماً لأنه عمل هام، ونحن لا يمكننا أن نخضع للمتطرفين. هذه هي أميركا. حاربوا من أجلها».
محاولة تحرش
ورغم كل هذا الحقد الأعمى على العرب والمسلمين ونجاحاتهم في ديربورن هايتس، أكد رئيس البلدية دان باليتكو تمسكه بصوابية سياسة الحجاب التي تعتمدها شرطة المدينة، واصفاً إياها بأنها موضوعة «لحماية الحقوق الدينية للسكان» طبقاً للتعديل الأول من الدستور الأميركي الذي يحظر تقييد الشعائر الدينية.
أما بالنسبة لطلب شلاسل حسب قانون «فويا»، فيرى باليتكو أنَّه «مجرَّد تحرش بالمدينة وسكانها»، مشدداً على أن ديربورن هايتس «تحتضن وتحترم التنوع، و«نعتقد أن هذا التنوع هو ما يجعل من ديربورن هايتس مجتمعاً قوياً… أريد من جميع السكان أن يشعروا بالراحة التامة لتيقنهم بأننا نحمي ظهورهم».
من ناحيته، جدد المحامي ميوتكي موقفه من ضعف الدعوى، مؤكداً أنه أخذ على عاتقه مهمة الدفاع عن شخصه «لأنني أرى هذه الدعوى لا أساس لها».. و«بصراحة أكثر، إنها تافهة».
المحامي جيفري كلارك من «مكتب كامينغز وماكلوري وديفيس وأتشو للمحاماة» سيتولى الدفاع عن البلدية ودائرة الشرطة وشخصي باليتكو وغافين، في المقابل يتولى دانيال ليمان تمثيل المدعية شلاسل.
وسيقرر القاضي في المحكمة الفدرالية في ديترويت، غيرتشوين دراين، فيما إذا كان سيسقط دعوى شلاسل أم يحيلها إلى المحاكمة.
Leave a Reply