واشنطن، هامترامك
بعد جلسة استجواب حادة أمام لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الأميركي، تبدو حظوظ رئيس بلدية هامترامك، آمر غالب، شبه معدومة لتبوّء منصب سفير الولايات المتحدة لدى الكويت، مع إعراب المزيد من الأعضاء الجمهوريين في اللجنة، عن معارضتهم لتثبيت مرشح الرئيس دونالد ترامب، بسبب مواقفه المناهضة لإسرائيل واتهامه بمعاداة السامية.
ففي غضون الأيام القليلة التي أعقبت الجلسة، أعلن أربعة أعضاء جمهوريين، عن رفضهم لتعيين غالب سفيراً للولايات المتحدة لدى الكويت وهو عدد أكثر من كاف لاستبعاده عن المنصب، حيث تتشكل لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الأميركي حالياً من 12 سناتوراً جمهورياً و10 ديمقرطيين، فيما من المتوقع أن يصوت جميع الأعضاء الديمقراطيين ضد مرشح ترامب.
وبحلول الثلاثاء الماضي، ضمت قائمة الأعضاء الجمهوريين الرافضين لتعيين غالب، كلا من السناتورين عن تكساس تيد كروز وجون كورنين، وسناتور بنسلفانيا دايف ماكورميك، بالإضافة إلى السناتور عن ولاية يوتاه جون كيرتيس. ما يعني أن غالب يفتقر إلى الدعم اللازمة لرفع ترشيحه إلى مجلس الشيوخ كاملاً.
وكان السناتور كروز قد سارع إلى إعلان معارضته لتعيين غالب خلال جلسة الاستماع التي عقدت يوم الخميس 23 تشرين الأول (أكتوبر) المنصرم، واصفاً رئيس بلدية هامترامك الحالي بأنه «غير مؤهل للمنصب»، استناداً إلى تصريحاته السابقة بشأن إسرائيل واليهود ومواقفه المخالفة لمواقف ترامب بشأن الشرق الأوسط.
بدوره، قال المتحدث باسم السناتور كيرتيس، إن الأخير «يشعر بقلق بالغ إزاء ترشيح السيد غالب»، مضيفاً بأنه «من الضروري أن نعزز السلام في الشرق الأوسط، وهذا يبدأ بقبول حق إسرائيل في الوجود. أما غالب فقد أظهر غالب تعاطفه مع معتقدات تتعارض تماماً مع هذا الهدف».
موقف غالب
بانتظار التصويت على ترشيحه في لجنة العلاقات الخارجية، صرّح غالب إثر عودته إلى ولاية ميشيغن خلال عطلة نهاية الأسبوع الماضي، بأنه لا يزال ملتزم بترشيحه لمنصب السفير الأميركي لدى الكويت، ولكنه أبدى في الوقت نفسه، انفتاحاً على تولي أي منصب آخر يليق به وبهذا البلد العظيم، حسب تعبيره.
وأكد غالب على متانة العلاقة التي تجمعه بالرئيس ترامب، حيث كشف عبر منشور له على موقع «فيسبوك»، يوم السبت الماضي، بأن الرئيس الأميركي اتصل به وهو على متن الطائرة في طريق عودته من واشنطن إلى ديترويت، مجدداً له «الدعم والوفاء والإخلاص والوضوح في الموقف».
وأضاف أنه اتفق مع الرئيس خلال المكالمة الهاتفية على مواصلة «مشواره السياسي»، «مهما كانت العوائق»، متعهداً بـ«الاستمرار في خدمة هذا البلد العظيم بالطريقة التي تليق بي وبعظمة هذا البلد»، في إشارة إلى إمكانية توليه منصب آخر في إدارة ترامب.
وأضاف غالب بأن ركاب الطائرة الذين كانوا معه ضمن الدرجة الاقتصادية أصيبوا بالدهشة وهم يسمعونه يتحدث إلى «رئيس أعظم بلد في العالم من بين مقاعد البسطاء في مؤخرة الطائرة».
وتابع بالقول: «حتى هذه اللحظة، لا زلتُ عمدةً لمدينتي وفي خدمة سكانها، وسأظلّ صوتهم الذي لا يمكن أن يُسكته أحد، وحتى الآن لا يستطيع أحد أن يقول لي ما أفعل سوى سكان مدينتي ومن اختاروني لتمثيلهم وخدمتهم، وأستغرب جداً من مسؤولين منتَخبين كبار لكنهم لم يستوعبوا هذه المعادلة».
وأضاف «سنواصل الكفاح سوياً من أجل حقوقنا، ومن أجل حماية المبادئ والقيم الأميركية النبيلة التي للأسف الشديد، يغتالها البعض اليوم أمام أعيننا بدمٍ بارد!».
وتوجه غالب إلى سكان هامترامك بالقول «سنواجه الكراهية بالحب، والخداع والتضليل بالصدق، والافتراضات بالحقائق، والتجبر بالبساطة، والغموض بالشفافية، وستنتصر الحقيقة ويسقط التضليل».
وختم بالقول «لا نستطيع تغيير ماضينا، لكننا معاً، نستطيع أن نعيد تشكيل وتحديد مستقبلنا بالطريقة التي نريدها».
والجدير بالذكر أن غالب كان قد عن الترشح للاحتفاظ برئاسة بلدية هامترامك في انتخابات نوفمبر الجاري، على أمل تولي منصب السفير الأميركي في الكويت عقب ترشيحه للمنصب من قبل الرئيس ترامب في 24 آذار (مارس) الماضي. ورغم مرور أكثر سبعة أشهر، لا يزال قرار التعيين عالقاً في أدراج مجلس الشيوخ الذي لم يبتّ به حتى الآن، وسط ضغوط تمارسها جماعات مؤيدة لإسرائيل لاستبعاده من المنصب.
استجوابات عدائية
خلال جلسة الاستماع المحتدمة التي يعتقد أنها حجّمت حظوظ غالب بتولي منصب السفير لدى الكويت، توالى أعضاء لجنة العلاقات الخارجية على توجيه الأسئلة العدائية إلى رئيس بلدية هامترامك مستحضرين تعليقات و«لايكات» قديمة له على وسائل التواصل الاجتماعي.
واتُّهم غالب خلال الجلسة بالإدلاء بتعليقات معادية للسامية ومحرضة على إسرائيل بما في ذلك أنها تستحق ما أصابها في عملية «طوفان الأقصى» يوم 7 أكتوبر 2023، فضلاً عن إشادته بتنظيم «الإخوان المسلمين» والرئيس العراقي الراحل صدام حسين.
وفي رده، أعرب غالب عن استعداده للاعتذار للكويتيين عن وصف صدام بـ«الشهيد». وقال: «لا شك أنه كان ديكتاتوراً، وارتكب الكثير من الجرائم، بما في ذلك غزو الكويت، وإذا كان هذا الوصف في لحظة غضب قد أساء لأحد، فأنا مستعد للاعتذار، خاصة للشعب الكويتي».
وأوضح غالب أن نشاطه المثير للجدل على وسائل التواصل الاجتماعي تم تفسيره بشكل خاطئ من قبل الإعلام أو تمت ترجمته خطأ من اللغة العربية، بعد تعرضه لسلسلة من الاستجوابات الحادة من الأعضاء الجمهوريين والديمقراطيين على حد سواء.
ووجّه السناتور كروز أسئلة حادة إلى غالب حول منشورات على وسائل التواصل الاجتماعي قام بـ«الإعجاب» بها على «فيسبوك»، بما في ذلك تعليق يقارن اليهود بالقرود. وردّ غالب بالقول إنه كان لديه «عادة سيئة» تتمثل في التفاعل مع التعليقات على المنشورات، موضحاً أن «النقر عليها لا يعني أنني أؤيدها».
وأضاف كروز أن مواقف غالب «المعلنة منذ زمن طويل» حول إسرائيل وسياسة الشرق الأوسط تتعارض مع مواقف الولايات المتحدة وتشكل سبباً للاستبعاد، بما في ذلك انتقاده لاتفاقات أبراهام التاريخية؛ ووصفه لصدام حسين، بأنه «شهيد»، ومدحه لجماعة الإخوان المسلمين بوصفها «مصدر إلهام».
وقال كروز: «لك الحق في أن تكون لك وجهات نظرك الخاصة، ما لا أفهمه هو كيف يمكنك أن تخدم كسفير للولايات المتحدة عن الرئيس ترامب في الشرق الأوسط بينما لديك آراء قوية، بما في ذلك معارضتك العلنية لاتفاقات أبراهام الإنجاز الفريد والأكثر تأثيراً الذي تفاوض عليه الرئيس ترامب».
بدورها، قالت السناتورة جين شاهين، زعيمة الأقلية الديموقراطية في لجنة العلاقات الخارجية، إنها منذ البداية تشعر بـ«قلق بالغ» إزاء تعليقات غالب السابقة، حول هجوم حماس على إسرائيل في 7 أكتوبر 2023، بأنها «أكاذيب» وخداع. ورد غالب بأنه يدين «كل الفظائع والانتهاكات التي حدثت في 7 أكتوبر». ووصف اليوم بأنه «مروع» و«مأساوي»، مضيفاً: «كل الفظائع التي حدثت بعد ذلك كانت بسبب ذلك اليوم». وقال لشاهين: «السبب الوحيد الذي جعلني أفعل ذلك، وأعتقد أنه كان أمام احتجاج أمام مكتبي، هو أن الرئيس بايدن في بيان له تحدث عن أطفال مقطوعي الرؤوس وأشياء من هذا القبيل»، مؤكداً أنه لم ير دليلاً على ذلك قط.
وبالنسبة لصدام حسين وأنشطته الأخرى على وسائل التواصل الاجتماعي، قال غالب إن وسائل الإعلام كانت «منحازة» في ترجمة منشوراته، بعضها كان قبل انتخابه عمدة في 2021، عندما كان مواطناً عادياً. وأضاف: «تم تفسيرها بشكل خاطئ وأُخرجت عن سياقها».
وقال غالب: «في لحظة غضب، امتدحت صدام لأنه ضبط إيران، وربما هذا هو الشيء الإيجابي الوحيد الذي فعله في حياته».
كما تنصل غالب من قرار بلدية هامترامك بمقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات منها، نافياً دعمه لحملة «بي دي أس»، وموضحاً أن قرار مجلس المدينة بهذا الصدد لم يكن ضمن صلاحياته كرئيس للبلدية.
وكان كروز قد سأله قائلاً: «خلال فترة عملك كرئيس للبلدية، أصدر مجلس مدينة هامترامك قراراً يؤيد المقاطعة. هل تؤيد مقاطعة إسرائيل؟» وردّ غالب: «بصفتي رئيس البلدية، تعتبر وظيفتي فخرية فقط، والقرار صاغته مجموعة «الصوت اليهودي من أجل السلام»، وصوّت عليه المجلس بالإجماع. لم أؤيده ولم أصوّت له».






Leave a Reply