مريم شهاب
«لا يجد المؤمن عدوه الطبيعي في المفكر الحر، بل في الإنسان الديني».
أغالب هذه المقولة للفيلسوف الألماني نيتشه، فأجد أن سبب العلة التي نعيشها هو ما يقوله رجال الدين الذين لا ينبهون إلى خطورة ما يبخّونه في وجوه الناس من ضغينة وكره وتكفير لمن يخالفهم العقيدة.
اعتدنا منذ سنوات، هنا في ميشيغن، على برامج «مسيحية» تُبث باللغة العربية عبر أثير الراديو، لكنها لا تقدم محاسن المسيحية ووصايا السيد المسيح، بل تركز على انتقاد الإسلام بغباء فاقع وغليظ، لا لشيء سوى لبعث الفتنة والتفرقة والتحريض على المسلمين.
يا حبذا لو أن تلك البرامج تناقش المسيحية والتبشير بالمسيح العظيم، إلا أنها ليست سوى برامج رقاعة وسخف وفتنة يومية رغم أنها قد تبدو للمتلقي أو السامع العادي وكأنها تمثّل المسيحية فعلاً، وليست عصابات الفجور والشر لنشر الأكاذيب والتلفيقات والتنكيل بالمسلمين، لتحولنا في هذا البلد العظيم إلى مجموعات متناحرة بالجدل العقيم والتناطح بدلاً من مد جسور التقارب والفهم.
منذ سنين طويلة، بدأت هذه البرامج مع القس منذر عبد اللطيف، والقس زكريا بطرس، والقس عطا ميخائيل وكريم موسى وغيرهم.
سكتت معظم هذه البرامج، لأن وعي الناس وحكمة العديد من المسلمين والمسيحيين أطفأت نيران تجّار الفتنة وكهنة الباطل، وبقي برنامج واحد يديره طلال عسكر، الذي كان –للمفارقة– من مرتادي المجمع الثقافي الإسلامي في ديربورن، وكان موضع تكريم وحفاوة من قبل الشيخ عبد اللطيف برِّي الذي كان يستمع إليه بدماثة خلق وهدوء العاقل. لكن للأسف خان طلال، الخبز والملح مثل الكثيرين الذين نسوا السنين الطويلة والعشرة المديدة التي كانت تجمعنا في بلادنا الأم، فأخذ عبر أثيره يشتم الإسلام والنبي محمداً، رغم معارضة شرائح عدة من ذوي الحكمة والفهم للأديان.
لكن لا عقل لمن يغلبه الجهل.
السؤال هنا يفرض نفسه، من يموّل هذه البرامج؟ ومن يدفع آلاف الدولارات لمن يكتبونها ويتلونها على مسامع الناس؟ تلك البرامج التي كلما سكتت تعود من جديد لتتطاول على الإسلام والمسلمين بخطاب حاقد وتعميمات جاهلة تأخذ الصحيح بجريرة الخاطئ، والبريء بجريرة المذنب من المسلمين. أما آخر موديل فهو برنامج «بصراحة» الذي يذيعه كل أربعاء قس قبطي إسمه بيشاي وقس جزائري يدعى رشيد، كان مسلماً ثم اعتنق المسيحية. هذان وغيرهما من المتنكرين بزي أتباع المسيح، وهم أقرب إلى الجهل بالأديان من العلم بها، ليسوا سوى مأجورين ومجرد أبواق صدئة تستهدف الدين الحنيف لإفراغه من روحانيته وتصف النبي محمداً بأبشع الأوصاف، وتردد كالببغاء أحاديث ونصوصاً من كتب إسلامية ما أنزل الله بها من سلطان، إضافة إلى تطاولهم على آيات القرآن الكريم وإطلاق العنان للطعن في العقيدة الإسلامية.
لست بوارد الرد على سفاهة هذه البرامج وغلاظتها، فمن يموّل هذا النوع لديه أجندة لهدم كل جسر تقارب بين الدينين الأوسع انتشاراً في العالم، بل هم لا يعترفون أصلاً بالدين الإسلامي ولا بنبوة محمد ولا بقدسية القرآن. هم أشبه بحمار يحمل أسفاراً وببغاء حفظ عن ظهر قلب بعض الموروث الإسلامي الرديء من نصوص تكفيرية وإقصائية.
إلى القس وإلى رشيد و«بصراحة»، أقولها دعونا نتعايش في هذه البلاد بالسلام وبلا ضغينة وأحقاد. فمن المعيب أن نسيء إلى بعضنا البعض هنا. وكما قال المسيح: لماذا تنظر إلى القشة في عين أخيك، ولا تلاحظ الخشبة في عينك أنت؟
Leave a Reply