بلال شرارة
بصراحة كلنا نتناول الهمبرغر الشرعي ونرتدي الجينز الشرعي ونطلق لامبالاتنا ولحانا وتتناوبنا لعبة صعود وهبوط سعر صرف الدولار مقابل العملة الوطنية, وكلنا يركب السيارات الامبريالية ويستخدم الاثاث غير الشرقي ونطبخ طعامنا المحلي فـي ادوات منزلية مستوردة. ونستخدم الوسائل الغربية فـي التعبير فـي الحرب والسلم , وبالتالي فإن تهمة الأمركة لا تتجانس فـي الوضعية على احدنا دون الاخر طالما تخضع للميزان ذاته.
وبصراحة فإننا رغم ما تقدم نقرأ فـي كتاب واحد ونكتب على لوح واحد ونسير على الطريق نفسها وتنقطع عنا الماء والكهرباء بالتساوي(!) وترفع فـي وجوهنا الاقساط المدرسية على السواء , ونشتري كذلك من السمان والجزار والفرن والصيدلية ومحطة الوقود نفسها .
وبصراحة : فإننا نسكن فـي المنطقة نفسها والشارع ذاته: ويجمعنا البناء نفسه ونتقابل عند الابواب الخارجية: العين بالعين والسن بالسن.
وبصراحة, فإننا احياناً نصوم فـي الموعد نفسه ونفطر فـي الموعد ذاته (أو فـي مواعيد متقاربة), وندفع ثمن الخسة بما يوازي ثمن الوزة: ونتزاحم على ركوب عربة النقل ذاتها ونمشي بالقدر المتوازي.
وبصراحة:فقد أصبح من المعيب ان يستمر حوار الطرشان بيننا من لبنان الى ليبيا وسوريا والعراق واليمن بهذه الطريقة التي تجعل من احدنا بنظر الآخر جلادا, وتجعل من الآخر ضحية , وأن يستمر بعضنا فـي ذرف دموع التماسيح ومحاولة غسل اليد والسير فـي جنازة القتلى الذين سقطوا والبعض منا يحاول ملكاً.
وبصراحة:فقد أصبح من الضروري ان يعرف كل منا حدوده, ويقف عندها قبل ان يخلع أحدنا الآخر من اصبعه مثلما يخلع خاتمه فنستعيد بذلك حيلة التحكيم, ونستمر بأن نكون أضحوكة التاريخ على مر التاريخ.
وبصراحة فإننا نمشي الى حتفنا المشترك ببطء , نتناول سم «النيكوتين» بنفس القدر المتساوي من العلبة ذات النكهة الاميركية, ويعض كلانا على اصبع الآخر منتظراً (الاخ) والعدو يرقبنا من على التل المقابل.
وبصراحة فإننا نقتل بعضنا البعض بذخائر نستوردها رسمياً أو عبر تجار الاسلحة من الخارج وربما من المصدر نفسه, وبصراحة فإننا نفرح لأن وسائل الاعلام ذاتها تتحدث عنا فـيما هي تتناوب على تأجيج حروبنا الصغيرة نفسها.
الصراحة المطلقة تقتضي القول اننا ننام على فراش الوطن المشترك, ونضع رأسنا على مخدة الكوابيس المشتركة, واننا محرومون بالقدر المتساوي ومستضعفون بالقدر المتساوي, وان كنا لا ننكر ان احدنا مهاجر والآخر نصير, وان أحدنا هو السباق والآخر مستدرك, ولكن لا فضل لاحدنا على الآخر الا بالتقوى.
وعليه فإننا بصراحة نتنازل عن رد التهمة بالتهمة, وندعو لدرء خطر (الأمركة) المشترك وندعو الى كلمة سواء بيننا. وفـي البدء كانت الكلمة, والكلمة الله.
بصراحة نحن مدعوون الى حوار مباشر وصريح وسياسي فـي لبنان وكذلك فـي سوريا وحوار يمني فـي اليمن أو عليها وعلى المستقبل.
Leave a Reply